باريس – في تحذير جديد يعكس اشتداد الخناق على إيران، تحت وطأة العقوبات الأميركية، لوح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بمزيد من التراجع عن الالتزامات التي نص عليها الاتفاق النووي.
وتسعى إيران من خلال تصعيدها ضد حلفائها الأوروبيين وحشرهم في الزاوية التمديد في آجال الجهود الدبلوماسية لربح المزيد من الوقت، إلى حين إيجاد وصفة تذهب بها للتفاوض مع واشنطن مباشرة وتحفظ ماء الوجه.
وقد حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني السبت نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي، من أن إيران ستواصل تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي الموقع في 2015، ما لم يحترم الأوروبيون تعهداتهم.
وأعلنت الرئاسة الإيرانية عن هذه المحادثة الأولى بين رئيسي البلدين منذ اللقاء الذي عقد في 25 آب بين ماكرون ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على هامش قمة مجموعة السبع في مدينة بياريتس الفرنسية.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق الدولي الذي أبرم في فيينا بهدف منع طهران من امتلاك سلاح نووي، وأعادت فرض عقوبات قاسية تخنق الاقتصاد الإيراني.
وذكر بيان الرئاسة الإيراني الذي بثته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أن روحاني قال لماكرون “إن لم تستطع أوروبا الوفاء بالتزاماتها، فإن إيران ستنفذ المرحلة الثالثة من تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي”.
لكن الرئيس الإيراني أكد في الوقت نفسه أنه “من البديهي أن هذه الخطوة، كالمراحل الأخرى، يمكن العدول عنها”. وأضاف أن “بنود الاتفاق النووي غير قابلة للتغيير وعلى جميع الأطراف الالتزام بها”.
ولم توضح إيران ما يمكن أن تكون عليه هذه الخطوة الثالثة في خفض التزامها بالاتفاق. لكن ظريف قال في مقابلة مؤخرا مع صحيفة “تسودويتشه تسايتونغ” الألمانية إن الخطوة ستُتخذ في السادس من سبتمبر.
وفي الاتصال الهاتفي، ذكر روحاني بأن “تنفيذ أطراف الاتفاق النووي لالتزاماتهم وتأمين الملاحة الحرة في جميع الممرات المائية ومنها الخليج الفارسي ومضيق هرمز يعدان بمثابة هدفين رئيسيين في المفاوضات الجارية”.
يبذل الزعماء الأوروبيون جهودا مضنية للحيلولة دون مواجهة محتملة بين إيران والولايات المتحدة منذ قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 وإعادة فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني.
ومن جهته، أكد ماكرون مجددا “أهمية الحراك الجاري حاليا لتهيئة الظروف لخفض التصعيد عبر الحوار وبناء حل دائم في المنطقة”، كما ورد في بيان للرئاسة الفرنسية.
وذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أن “المهم” في نظر فرنسا “هو التحقق، بعد النقاشات التي جرت خلال قمة مجموعة السبع حول إيران، من أن إحداثيات المفاوضات ما زالت صالحة وأن الرئيس روحاني ما زال مستعدا للتفاوض، وهذا هو الحال الآن”.
وترى باريس أن على إيران العودة إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي من جهة، ومن جهة أخرى على الرئيس الأميركي دونالد ترامب العمل على وقف عقوباته الاقتصادية، عبر السماح لإيران مثلا بتصدير كميات قليلة من نفطها.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن هدف فرنسا هو “إيجاد سلسلة من الالتزامات من هذا الجانب وذاك”.
وأوضح الإليزيه أن باريس “ذكرت أيضا بضرورة التزام إيران بكل تعهداتها النووية واتخاذ الإجراءات اللازمة من قبلها لإعادة السلام والأمن إلى الشرق الأوسط”.
ودعا الرئيس الفرنسي إيران إلى “التحرك لإنهاء القتال وفتح (باب) التفاوض في اليمن”، مطالبا أيضا “بأكبر قدر من ضبط النفس في لبنان” مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله.
وتصاعدت حدة التوتر في الخليج منذ مايو العام الماضي بعد انسحاب الرئيس الأميركي بقرار أحادي من الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى.
وتعرّضت سفن لهجمات غامضة وتم إسقاط طائرة مسيّرة واحتجاز ناقلات نفط في الخليج في الأشهر الأخيرة.
لكن خلال قمة مجموعة السبع، تراجعت حدة التوتر قليلا، وصرح الرئيس ماكرون أن المحادثات أوجدت “شروطا للقاء، أي اتفاق” بين روحاني وترامب.
ولم يستبعد ترامب ذلك، لكن روحاني رفض مبدأ عقد لقاء من هذا النوع الثلاثاء مؤكدا أن على واشنطن رفع كل العقوبات عن إيران قبل ذلك.
العرب