يصر الإسلاميون على الزج بالإمارات في الصراع الليبي من خلال اتهامها بتقديم الدعم للجيش الليبي، وهو من الاتهامات التي يروجونها جزافا دون تقديم دليل ملموس يؤكدها كما هو الشأن بالنسبة إلى التدخل التركي.
طرابلس – يدفع الإسلاميون في ليبيا حليفهم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج نحو تعميق عزلته العربية بعدما أصدر الأحد بيانا يستعدي فيه الإمارات ويتهمها بالتدخل في الشأن الليبي بناء على المؤتمر الصحافي الذي عقده الناطق باسم الجيش العميد أحمد المسماري في أبوظبي.
وبدا موقف السراج غير مدروس بالنظر إلى الحجة الضعيفة التي اعتمدها في اتهام أبوظبي بالتدخل في ليبيا وهي السماح للناطق باسم الجيش بعقد مؤتمر صحافي على أراضيها، ما عزز التكهنات بتزايد الضغوط الإسلامية عليه.
وكان المسماري قال في تصريحات صحافية خلال الأسبوع الماضي إنه سيقوم بجولة ستشمل عدة دول للتحدث مع وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث المؤثرة المقيمة لديها لإيضاح الصورة. ورأى مراقبون أنه من الطبيعي أن ينطلق المسماري من الإمارات نظرا لاحتضانها مقرات عدد كبير من القنوات التلفزيونية والصحف ومراكز الأبحاث.
وعبر الكثير من الليبيين عن سخريتهم من توظيف المجلس الرئاسي للنشاط الإعلامي للمسماري في أبوظبي مذكرين بخروج وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا في مؤتمر صحافي من تونس في بداية معركة تحرير طرابلس.
وتلح شخصيات إسلامية وأخرى مقربة من التيار على ضرورة مهاجمة السراج لما أسمته بـ“الدول الداعمة للانقلاب”، متهمة إياه بالتقارب مع أبوظبي والقاهرة.
وسبقت إصدار المجلس الرئاسي لبيانه ضد الإمارات تغريدات لشخصيات محسوبة على تيار الإسلام السياسي دعت السراج إلى ضرورة استعداء الإمارات.
وقال عضو مجلس الدولة أشرف الشح “بعد خروج المسماري في مؤتمره الصحافي من أبوظبي لم يعد هناك أي مبرر مقبول من السراج ووزير خارجيته محمد سيالة في عدم اعتبار الإمارات عدوا وتسميتها بشكل صريح إلا التخاذل أو الحسابات الضيقة”.
وتؤكد تغريدة الشح أن الخطوة التي اتخذها السراج تشير إلى خضوعه التام لتيار الإسلام السياسي الذي كثف من ضغوطه عليه في الفترة الأخيرة بسبب خلافات على طريقة إدارة معركة التصدي لدخول الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر إلى طرابلس، وصلت إلى حد التخوين واتهامه بالتآمر مع الجيش.
ولوح الإسلاميون مؤخرا بتشكيل حكومة حرب بعدما كشف السراج في اجتماع وزاري عن موقفه المؤيد لوقف الحرب واستئناف العملية السياسية، وهو ما يرفضه الإسلاميون الذين يعلمون جيدا أن الجيش سيكون المستفيد الأكبر من عودة الحوار بالنظر إلى تحسن موقعه على الأرض وتزايد الدعم الدولي، خاصة بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدوره في محاربة الإرهاب وحماية المنشآت النفطية.
ويضغط الإسلاميون على السراج منذ بدء المعركة لقطع المجلس الرئاسي العلاقات مع كل من الإمارات ومصر متهمين كلتيهما بتقديم الدعم للجيش الوطني، رغم تأكيد أبوظبي في أكثر من مناسبة دعمها للحل السياسي في ليبيا، كان آخر ذلك في البيان المشترك الذي أصدرته ست دول دعت إلى وقف القتال واستئناف المحادثات.
ولا يتوقف الإسلاميون عن كيل الاتهامات لأبوظبي كان آخرها ترويج أن صواريخ جافلين التي عثرت عليها الميليشيات في مدينة غريان بعد انسحاب الجيش منها تعود إلى الإمارات، قبل أن تؤكد فرنسا تبعيتها لها.
واعتبر محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في ليبيا، خروج المسماري في مؤتمر صحافي بأبوظبي دليلا “واضحا على حجم التدخل الإماراتي في ليبيا”.
ويعلق الإسلاميون فشلهم في التصدي للجيش على الدول التي تساند سياسيا معركته ضد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، في حين تقف ميليشياتهم عاجزة عن تحقيق أي انتصار بعد أكثر من خمسة أشهر من بدء المعركة، رغم الدعم العسكري التركي الضخم الذي يصلها بشكل مستمر في خرق واضح لقرار حظر التسليح المفروض على ليبيا منذ 2011.
وكشفت معركة تحرير طرابلس العزلة العربية التي باتت تعيشها حكومة الوفاق وهي العزلة التي اتضحت كثيرا بعد تجاهل الجامعة العربية لدعوتها إلى عقد اجتماع طارئ بشأن ليبيا عقب هجوم الجيش على الميليشيات في 4 أبريل الماضي. وفي مايو الماضي تواترت الأنباء بشأن رفض المغرب، راعي حوار الصخيرات الذي انبثقت عنه حكومة الوفاق، استقبال فايز السراج ما عكس تغييرا في موقف الرباط اتضح أكثر بعد تصريحات لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي انتقد عدم تطبيق بنود مهمة من اتفاق الصخيرات.
واستنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية في وقت متأخر مساء السبت، بشدة، ما وصفه بـ“الموقف العدائي الأخير من الإمارات، بسماحها لأن تكون عاصمتها منصة إعلامية للميليشيات المعتدية (قوات الجيش الوطني) على العاصمة (طرابلس) وضواحيها”.
العرب