حذرت صحيفة “التايمز” في افتتاحيتها من أثر الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية السعودية، قائلة إنها ستزيد من الفوضى وعدم الاستقرار بالمنطقة. وبدأت افتتاحيتها بالقول: “لعب الخليج في السنوات الأربع الأخيرة دور المضيف لعدد من الأبطال والكثير من الأشرار. ففي ذلك الوقت، قادت السعودية حملة دموية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، المتهمين بانتهاكات في حقوق الإنسان ويدعمهم النظام الإيراني المصمم على تقويض التحالف الغربي، إسرائيل والولايات المتحدة تحديدا، وذلك عبر مغامرات عسكرية خطيرة وبرنامج نووي استفزازي”.
وتقول: “هذه القصة الحزينة تحولت للأسوأ يوم السبت بضرب أكبر محطة لمعالجة النفط في إبقيق، مما أدى لقطع إنتاج النفط السعودي اليومي إلى النصف. وكان هذا الهجوم تصعيدا غير حكيم من جانب إيران أو الجماعات الوكيلة لها، ولن يؤدي إلى الاستقرار أو السلام في المنطقة”. وفي الوقت الذي سارع الحوثيون إلى الإعلان عن المسؤولية، وجهت الحكومة الأمريكية أصابع الاتهام مباشرة إلى طهران.
وكان مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، واضحا عندما قال في تغريدة على “تويتر”: “شنت إيران هجوما غير مسبوق على إمدادات النفط العالمي”، داعيا الحلفاء لمحاسبة إيران على عدوانها. وتقدر نسبة القدرة النفطية المفقودة بـ5% من الإنتاج العالمي، مما سيرسل رعشات للاقتصاد العالمي. فعندما تترنح إمدادات النفط، يكون لذلك أثر في محطات الوقود والمصانع والأسواق التجارية. وحاولت السعودية تهدئة المخاوف في الأسواق العالمية من خلال حديثها عن عودة سريعة للمستوى العادي من الإنتاج.
ولا يعرف أحد حجم الأضرار التي تركتها الهجمات، إلا أن الخبراء يتحدثون عن أشهر من أجل إصلاحها. ويقال إن الرياض، التي تدعو إلى تقييد في الإنتاج وأسعار عالية للنفط، عقدت محادثات سرية مع الدول المنتجة للنفط لمعرفة إن كانت ستقوم بزيادة الإنتاج وتعويض النقص في السوق العالمي أم لا. وبعيدا عن التداعيات الاقتصادية للهجمات، فإنها ستزيد من العداء تجاه إيران في البيت الأبيض والسعودية.
وبدت واشنطن بعد عزل الرئيس دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، الأسبوع الماضي أنها تتجه نحو تقارب مع إيران. واختلف المسؤولون الأمريكيون بشأن السياسة تجاه إيران؛ ففي العام الماضي، قرر ترامب الخروج من الاتفاقية النووية وأعاد فرض العقوبات عليها وأضاف إليها عقوبات أشد. إلا أنه بدأ في الفترة الأخيرة بإرسال رسائل للقيادة الإيرانية عبر فيها عن رغبته بتأمين انتصار دبلوماسي، خصوصا أنه يحضر للحملة الرئاسية العام المقبل التي يأمل فيها بانتخابه مرة ثانية.
ويريد ترامب مقابلة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتحدث عن فكرة تخفيف العقوبات كجزرة لتحقيق هذا، فيما كان بولتون يركز على العصا. وكان من الصعب تبرير التقارب هذا حتى قبل الهجمات الأخيرة؛ ذلك أن إيران سيطرت على عدد من ناقلات النفط وأسقطت طائرة تجسس أمريكية ولا تزال تحتفظ برهائن دول عدة منها بريطانيا ومضت قدما في برنامجها النووي.
ومن هنا، فذوبان الجليد في العلاقات الأمريكية – الإيرانية يبدو صعبا الآن. ولكن على الرئيس ترامب التفكير مليا قبل المسارعة للانتقام، وعليه بالتأكيد ألا يكرر خطأه في حزيران/يونيو عندما أمر بعملية عسكرية ليقوم بإلغائها في اللحظة الأخيرة. وتعلق الصحيفة أن “الهجوم سيذكر أن إيران لا تلتزم بقواعد اللعبة. وبومبيو محق، إذ يجب محاسبة النظام”.
القدس العربي