بغداد تصطف مع طهران ضدّ تحالف حماية الملاحة البحرية

بغداد تصطف مع طهران ضدّ تحالف حماية الملاحة البحرية

العراق برفضه الانضمام إلى تحالف دولي قيد الإنشاء بهدف حماية خطوط الملاحة البحرية في المنطقة يبتعد خطوة جديدة عن سياسة النأي بالنفس ونبذ المحاور التي ترفع القيادة العراقية لواءها، باعتبار أن التحالف المذكور يمثّل مصلحة حيوية لبلدان عربية وقوى دولية تتعارض مع مصالح إيران التي اختارت بغداد مجدّدا الاصطفاف ضمن محورها.

بغداد – رفض العراق الانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقود الولايات المتّحدة جهود إنشائه بهدف حماية الملاحة البحرية في المنطقة وحقّقت تقدّما ملحوظا في تلك الجهود بإعلان كلّ من دولة الإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية انضمامهما إليه، ما سيشجّع وفق توقّعات الملاحظين، الكثير من الدول الأخرى على الالتحاق به.

وقرأ العديد من الملاحظين القرار العراقي باعتباره امتدادا للعلاقة المتينة التي تربط العراق بإيران والتي تصل، بحسب توصيف البعض، حدّ تبعية بغداد لطهران التي تعارض بشدّة إنشاء التحالف المذكور كونها هي بحدّ ذاتها مصدر الأخطار على خطوط الملاحة البحرية في المنطقة والتي يهدف التحالف إلى مواجهتها.

وسبق لإيران أن حذّرت أكثر من مرة على لسان كبار مسؤوليها من أن تأسيس تحالف عسكري لتأمين الملاحة في الخليج “سيجعل المنطقة غير آمنة”.

ويمثّل قرار العراق من هذه الزاوية انحيازا إلى الجانب الإيراني وينسف شعار الحياد والنأي بالنفس ورفض سياسة المحاور الذي يرفعه الطاقم الحاكم حاليا في العراق بقيادة كل من رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ورئيس البرلمان محمّد الحلبوسي.

كما يمكن لموقف بغداد من تحالف حماية الملاحة البحرية أن يؤثّر على جهود بذلتها بغداد للتقارب مع عواصم القرار العربي وتجاوبت معها تلك العواصم أملا في استعادة العراق إلى الصف العربي.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحّاف، إن رؤية وزارته تتلخص بأن تشكيل أي قوة عسكرية لحماية الممرات المائية في الخليج سيضفي على المنطقة المزيد من التعقيد.

ويكاد هذا الموقف يتطابق مع موقف إيران من تشكيل التحالف، في وقت رأت فيه دول أخرى بالمنطقة وخارجها أن في تشكيل تحالف يحمي خطوط الملاحة مصلحة حيوية، بالنظر إلى حجم التجارة وكميات النفط الضخمة التي تعبر يوميا الممرات البحرية في المنقطة نحو الأسواق العالمية.

وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، الخميس، الانضمام إلى التحالف الدولي لحماية الملاحة وذلك في بيان لوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية جاء فيه أنّ “انضمام الإمارات إلى التحالف الدولي يهدف إلى مساندة الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة تهديدات الملاحة البحرية، والتجارة العالمية، وضمان أمن الطاقة العالمي، واستمرار تدفق إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي، والإسهام في حفظ السلم والأمن الدوليين”.

الموقف من التحالف الذي اتخذته بغداد تحت شعار رفض المحاور قاد العراق مجدّدا إلى الاصطفاف ضمن المحور الإيراني

كما أوضح البيان أنّ “التحالف يهدف إلى حماية السفن التجارية بتوفير الإبحار الآمن لضمان حرية الملاحة البحرية، والتجارة العالمية، وحماية مصالح الدول المشاركة فيه بما يعزز الأمن وسلامة السفن التجارية العابرة للممرات”.

وجاء الإعلان الإماراتي غداة إعلان سعودي مماثل على لسان مصدر مسؤول بوزارة الدفاع السعودية قال إنّ هدف التحالف هو “حماية السفن التجارية بتوفير الإبحار الآمن لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية، وحماية لمصالح الدول المشاركة في التحالف، بما يعزز الأمن وسلامة السفن التجارية العابرة للممرات”، مشيرا إلى أنّ “منطقة عمليات التحالف الدولي لأمن الملاحة، تغطي مضيق هرمز وباب المندب وبحر عمان والخليج العربي”.

وظهرت فكرة تشكيل تحالف أمني عسكري لحماية أمن الملاحة البحرية في الخليج وبحر عمان والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر لأول مرّة في يوليو الماضي على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال جوزيف دانفورد، بعد سلسلة من الهجمات على ست ناقلات نفط، وإسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية طائرة استطلاع أميركية، قرب مضيق هرمز.

وتتواصل واشنطن على مستويات مختلفة، مع مسؤولين من 62 دولة، لمناقشة تشكيل التحالف الذي انضمّت إليه إلى حدّ الآن بالإضافة إلى كلّ من السعودية والإمارات والبحرين، بريطانيا وأستراليا وإسرائيل.

وأشار الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية لوكالة الأناضول إلى أنّ “التصعيد بين طهران وواشنطن يأخذ مسارات متعددة، والعراق يلتزم الحياد إزاء هذا التصعيد وينظر إلى ضرورة الإبقاء على منطقة آمنة ومتوازنة ومستقرة”.

وتابع “نؤكد على دعم مسارات التهدئة والتوازن في المنطقة ونأخذ دورنا في إنجاح هذه الرؤية في التعبير عن أننا لن ننضم إلى أي محور عسكري لتأمين الملاحة المائية بالخليج ونرى أن أمنه مسؤولية الدول المطلة عليه”، مؤكّدا أنّ العراق ينظر إلى مصالحه وحسابات طبيعة المنطقة وتطورات الوضع فيها، معتبرا أنّ “المنطقة بحاجة إلى تعزيز رؤية سياسية مشتركة للدول الفاعلة فيها”.

وأوضح المتحدّث ذاته أنّ “العراق يؤسس لمرحلة ما بعد تنظيم داعش التي تتضمن أن يكون البلد نقطة التقاء وجذب لكبريات الشركات الاستثمارية وهو ينفتح على اقتصادات دول كبرى، وخير دليل على ذلك زيارة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الحالية إلى الصين”.

العرب