نفى الحشد الشعبي تعرض أيّ من مقراته داخل العراق، الأحد 22 سبتمبر (أيلول) الى هجمات، وذلك بعد ساعات عدة على شيوع أنباء عن تدمير مقر قيادة رئيسي تابع لهذه القوة في محافظة الأنبار غرب البلاد.
لم تكن هذه الأنباء كافية لدفع الحشد إلى إصدار النفي، بل تطلب الأمر حديثاً عن هجوم في مكان ثان في المحافظة نفسها، لكن على بعد مئات الأميال من الأول، ولاحقاً أوضح مسؤول الحركات في هيئة الحشد الشعبي جواد كاظم الربيعي أن “الأنباء التي أثيرت بهذا الشأن عارية عن الصحة”.
سياسة الصمت
وعلى الرغم من أن الربيعي أقر بسماع دوي انفجار قرب أحد مقرات الحشد الشعبي في أقصى غرب البلاد، قرب الحدود السورية، إلا انه تحدث عن عدم معرفة مصدر ونوع التفجير”، وقال “تم تكثيف الجهد الاستخباري والاستطلاع لغرض الوصول الى موقع ونوع التفجير، لكنه تبين عدم وجود أي استهداف بطائرات مسيرة”.
قلق في بغداد من غارات إسرائيلية… فصائل عراقية مسلحة تناور لحماية مقراتها
وقد بدا هذا النفي غامضاً، إذا لا توجد قوة عسكرية أخرى، غير الحشد، في الموقع المهجور الذي حدده الربيعي، ما أثار تساؤلات عديدة، لا سيما مع إبلاغ سكان في مناطق قريبة، عن سماع دوي انفجارات متسلسلة. وفي وقت لا يمكن فيه التأكد من حقيقة إعلان الربيعي، تواصل الحكومة العراقية سياسة الصمت، كلما تعرض الأمر بملف الحشد الشعبي وقصف مقراته داخل وخارج الأراضي العراقية.
صراع النفوذ داخل الحشد
وسط هذه الأجواء، يقول مراقبون إن الحشد الشعبي استثمر جدلاً بشأن تعرض معسكراته لغارات إسرائيلية، خلال الشهرين الماضيين، لتعزيز شعبيته الداخلية، من خلال الظهور بمظهر المستهدف، على الرغم من أنه لم ينف أو يؤكد رسمياً تورط تل أبيب في هذا الملف، ما يعني أن هناك أسباباً قوية دعت إلى إصدار النفي الأخير.
وتشرح مصادر مطلعة هذا الأمر، بالإشارة إلى الخلاف، الذي اتسع أخيراً، بين رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ونائبه أبي مهدي المهندس، الذي أقصي من منصبه أخيراً ليتسلم منصباً أقل قيمة داخل الهيئة. وتؤكد المصادر أن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، غاضبان من المهندس، الذي سارع إلى ربط هجمات تعرضت لها مقرات للحشد، بإسرائيل والولايات المتحدة، من دون أن يقدم دليلاً على مزاعمه.
المصادر أضافت أن الفياص استغل تفويضاً جديداً من عبد المهدي لإعادة تمركز معظم النفوذ داخل الحشد الشعبي في مكتبه، على الأقل في الشق المعني بالإدارة ودفع الأموال وعقود التسليح، على الرغم من أن المهندس بقي مسؤولاً عن إدارة قواطع العمليات وحركة القوات.
إقصاء المهندس
يقول مصطفى ناصر، وهو صحفي عراقي متابع لملف المجموعات العراقية المسلحة الموالية لإيران، إن التفويض الجديد، الذي حصل عليه الفياض، يسمح بحصر “القرارات الاستراتيجية والقرارات الادارية والمالية بيد رئيس الهيئة حصراً”، مشيراً إلى أن المهندس الذي تحول من نائب للفياض إلى “رئيس للأركان” في الحشد الشعبي، سيكون “مسؤولاً عن عمليات التدريب والاستخبارات والافراد فقط، ولن يكون من صلاحيته اصدار اي كتاب او بيان او موقف يخص الحشد”.
ويرى ناصر أن هذه الخطوة تمثل “إبعاداً قسرياً للمهندس، الذي رفض التوجه السابق لهيكلة الحشد التي أقرها مجلس الوزراء قبل بضعة أشهر، وأصرّ على أن يكون صاحب القرار الأول، لا سيما حين أصدر بياناً هجومياً إزاء القوات الأميركية في العراق، واستحداث قوة جوية” خاصة بالحشد الشعبي.
صواريخ إيرانية جديدة
وتأتي هذه التوترات وسط أنباء عن وصول شحنة كبيرة من الصواريخ الإيرانية، ذات المديات المختلفة، إلى العراق، عبر الحدود الشرقية بين البلدين. ووفقاً لمصادر استخبارية، فقد استغلت إيران، إعادة تشغيل معبر مع العراق، كان مغلقاً لأشهر، لإدخال شحنات من الصواريخ إلى محافظة ديالى، شرق البلاد، على أن يتم توزيعها في محافظات أخرى.
ولا تستبعد المصادر العراقية أن تكون هذه الشحنات، جاءت لتعويض أسلحة إيرانية تعرضت إلى هجمات خلال الأسابيع الأخيرة في العراق وسوريا، وبحسب هذه المعطيات، تتوقع دوائر استخبارية وسياسية في بغداد، تسجيل المزيد من الغارات “مجهولة المصدر” على مقرات ومعسكرات عراقية تابعة للحشد الشعبي خلال الأسابيع المقبلة.
اندبندت العربي