أكدت مصادر مطّلعة أن قرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بالمصادقة على الهيكلة التنظيميَّة الخاصة بهيئة الحشد الشعبي جاء بعد “اتفاق جميع الأطراف المشتركة في الحكومة، ولا يوجد خلاف حتى اللحظة بين القيادات المستبعدة من الحشد”.
وقرر عبد المهدي، السبت الـ21 من سبتمبر (أيلول)، “المصادقة على الهيكليَّة التنظيميَّة الخاصة بالهيئة، وإلغاء جميع العناوين والمناصب التي تتعارض مع العناوين الواردة في الهيكليَّة الجديدة”، إلى جانب منح رئيس الهيئة “صلاحيَّة التعيين بالوكالة للمناصب والمديرين”، وعرضها على رئيس الوزراء لغرض الموافقة أو عدمها. ما يعني “إلغاء منصب أبو مهدي المهندس القيادي الميداني البارز في الحشد”.
هيكلة الحشد
وكان رئيس الحكومة أصدر، في يونيو (حزيران) الماضي، أمراً ديوانياً بهيكلة الحشد الشعبي، استناداً إلى قانون الحشد الذي أقرَّه البرلمان العام 2016، إلا أن رئيس هيئة الحشد الشعبي طلب فترة شهرين لتكييف الفصائل مع قرار الهيكلة، الذي يتضمن تحديد أعداد المقاتلين ومراكز التدريب، ووضعها تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة، وغلق جميع “المكاتب الاقتصاديَّة أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح أو المؤسسات خارج الإطار الجديد للحشد الشعبي”، على أن تتحوّل الفصائل التي لا تلحق بالقوات المسلحة إلى “تنظيمات سياسيَّة” وفق قانون الأحزاب، ووفق قرار الهيكلة.
ويرى مراقبون أن توقيت القرار جاء لإبعاد الحشد عن “الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران، وتمييز الجهات التي تحاول الزج بالعراق في الحرب المتوقعة بين الدولتين”.
إقصاء المهندس
وخلال الأسابيع القليلة الماضيَّة بدت الخلافات بين رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ونائبه أبو مهدي المهندس “واضحة”، إذ أعلن الأخير أن القوات الأميركيَّة هي المسؤولة عن “قصف مقار الحشد” في الفترة الماضيَّة، كما أعلن تشكيل قوة جويَّة خاصة بالحشد، إلا أن الفيّاض كان يسارع إلى “نفي تصريحات المهندس”، ويؤكد التزام الهيئة بـ”قرارات القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء”.
وأكد مصدر مطّلع أن “قادة الحشد متفقون على قرار الهيكلة مع الكتل السياسيَّة المشتركة في الحكومة بهدف إبعاد الحشد عن الضغوط الداخليَّة والخارجيَّة وإظهار سيطرة رئيس الوزراء على زمام الأمور”.
واعتبر المصدر أن “اعتراض أبو مهدي على قرار الهيكلة قبل نحو شهرين كان بسبب رغبته في وجود هيئة أركان داخل الحشد، لكنه لن يمتنع عن تنفيذ قرارات رئيس الوزراء التي تهدف إلى حمايّة الحشد واستمرار تطوره”، مشيراً إلى أن “الضغوط التي تعرض لها عبد المهدي من الجانب الأميركي لضبط الحشد الشعبي كانت السبب الرئيس وراء قرار الهيكلة”.
ورجّح المصدر أن يُسند خلال الأيام المقبلة منصبٌ جديدٌ إلى المهندس داخل الحشد أيضاً، لكنه سيكون “ميدانياً”، ولا يتطلب كثيراً من الظهور الإعلامي.
المهندس يرد
وفي التعليق الأول له على إلغاء منصبه بالحشد الشعبي ردَّ المهندس على هذه التصريحات والمعلومات، نشرت وسائل إعلام مقربة من الحشد رسالة له، قال فيها “لا يخفى على جميع العراقيين الدور الذي لعبناه، وقمنا به في الفترة الماضيَّة، وكيف قمنا بتحريك الجموع المحبة لآل البيت والعراق في مواجهة الخطر الذي أضرَّ بعدة محافظات من مدننا العزيزة. لقد قمنا بواجبنا على أكمل وجه ولم نسرق أو ننهب أو نرتكب أي مخالفة بحق المدنيين، بل حرصنا كل الحرص على إعادة المفقودين ومساعدة المصابين وتحرير الأرض والعرض”.
اقرأ المزيد
خلافات في هرم القيادة لقوات الحشد الشعبي
“حشدان” يتصارعان علنا… والحكومة العراقية في مهب الريح
وأضاف، “هناك أنباء متداولة عن إقالتي أو تهميش دوري في أي منصب سياسي أو قيادي بالحشد الشعبي من قِبل رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي كان يدير العمليات من مكتبه في بغداد، بينما كان الأبطال على الأرض يعانون حرارة الصيف وبرودة الشتاء، ولم يتوانوا أو يتهاونوا في تنفيذ الواجبات الموكّلة إليهم”.
وتابع، “هنا أقول بأني فعلت ما فعلت، ونفذت واجباتي إيماناً مني بالدور المقدّس الذي رُمِي على عاتقي، ولم أكن باحثاً أو طامحاً بأي منصب قيادي أو سياسي، وإن منصبي الحالي هو نائب رئيس هيئة الحشد ما هو إلا لتنظيم صفوف الحشد ودعم أفراده وتقويتهم وحثهم على الصبر والاستمرار في ظل ما يعيشونه من تهميش وتأخير في صرف رواتبهم ومستحقاتهم”.
وختم بالقول إن “إعادة تنظيم وهيكلة الحشد الشعبي أمرٌ لا بد منه وضروري في هذه المرحلة، لكن أدعو الحكومة إلى إنصاف من ضحّوا بأنفسهم في سبيل العراق وإعطاء كل ذي حق حقه دون أي إملاءات أو توجيهات من أميركا وغيرها ممن لا يريدون للعراق الخير”.
حقيقيَّة القرار
وفق خبراء، فإن هيكلة الحشد تحتاج إلى مزيدٍ من الوقت، ولا يمكن تنفيذها بصورة حقيقيَّة الآن، ذلك أن كثرة الفصائل المنضويَّة فيه وتعدد قياداتها وانتماءاتها العقائديَّة يجعل من الصعوبة توحيدها في معسكرات مشتركة، وعلى عقيدة قتاليَّة واضحة، ناهيك بالجهود اللوجيستيَّة والفنيَّة التي تتطلبها العمليَّة، لذا فإن قرار هيكلة الحشد لا يعدو كونه “محاولة لإضفاء مزيدٍ من الرسميَّة على الفصائل المقربة من الحكومة وإحراج الفصائل التي لا تلتزم بما يصدر عن القائد العام للقوات المسلحة عبد المهدي”.
اندبندت العربي