تصاعد الإثنين، السجال بين طهران ولندن بشأن حادثة قصف منشأتي النفط السعوديتين، وذلك قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، بمشاركة كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
ودفعت أهمية الحدث وتوجه الأضواء صوب نيويورك العديد من الأطراف الدولية إلى توضيح مواقفها من الهجوم الاستثنائي الذي استهدف مرافق نفطية سعودية وطالت آثاره أسواق النفط العالمية.
وجاءت مواقف الأطراف معدّلة وفق مصالحها، حيث لم تتردد المملكة المتحدة في الالتحاق بالموقف السعودي والأميركي، موجهة أصابع الاتهام نحو إيران في الوقوف وراء قصف المنشأتين التابعتين لشركة أرامكو في كل من بقيق وخريص، في حين آثرت كل من الصين وفرنسا الحذر في تحديد المسؤوليات والدعوة إلى حل القضية عبر الحوار.
وتحتاج لندن في مرحلتها الراهنة، وما تواجهه خلالها من تحديات اقتصادية واجتماعية بسبب تعقيدات الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلى الحفاظ على علاقاتها الوطيدة مع السعودية وكذلك مع الولايات المتحدة التي أعلنت عزمها إبرام اتفاق للتجارة الحرة مع المملكة المتحدة خلال الصيف القادم.
وأغلق انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادتها فرض عقوبات شديدة على طهران، الباب أمام العديد من الدول الأوروبية التي كانت تطمح لإعادة ربط علاقات اقتصادية وتجارية مع إيران والدخول إلى السوق الاستثمارية الإيرانية والاستفادة مما تتيحه من فرص لاسيما في مجال الطاقة.
جونسون مهتم بتأمين مصالح بلاده في فترة الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي، وماكرون راغب بتحقيق إنجاز دبلوماسي
واتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إيران بالوقوف خلف الهجمات على منشأتي النفط في السعودية. وقال على متن الطائرة، أثناء توجهه إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، “يمكنني أن أقول لكم إن المملكة المتحدة تنسب إلى إيران، وبدرجة عالية جدا من الاحتمال، الهجمات على أرامكو”.
وأشار إلى أن من “الصعوبة معرفة كيفية ترتيب رد دولي”. مضيفا “سنعمل مع أصدقائنا الأميركيين وأصدقائنا الأوروبيين على تصميم رد يحاول خفض التوتر في منطقة الخليج”.
وتابع “بالطبع إن طلب منا السعوديون أو الأميركيون أن نلعب دورا، سندرس الطريقة التي يمكننا بها أن نكون مفيدين”.
وتعمدت إيران، في ردها على الموقف البريطاني من الهجوم على منشآت النفط السعودية، التلميح إلى أن هناك دوافع مصلحية وراء ذلك الموقف، مشيرة إلى صفقات السلاح الذي تبيعه لندن للرياض وتجني من ورائه أرباحا مجزية.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عن عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله “بدلا من أن تبذل حكومة إنكلترا جهودا لا طائل من ورائها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عليها التحرك لوقف بيع الأسلحة الفتاكة للسعودية، وهو مطلب للكثيرين في العالم”.
وتباين الموقف البريطاني من حادثة قصف المنشآت السعودية مع موقف فرنسا التي تبدو أحرص على الحفاظ على حد أدنى من العلاقات مع طهران دون خسارة علاقاتها مع الرياض، فيما أظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الفترة الأخيرة اهتماما بتحقيق إنجاز دبلوماسي يتمثل في تقريب الهوة بين واشنطن وطهران، وصولا إلى جمع الرئيسين روحاني وترامب في لقاء مشترك.
وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة لوموند، وهو بالطائرة في طريقه لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين يوم 14 سبتمبر لا يدعم الجهود الدبلوماسية لترتيب محادثات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني.
Thumbnail
وتحاول فرنسا إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران، في حين تتراجع طهران تدريجيا عن التزاماتها بموجب الاتفاق، ردا على انسحاب الولايات المتحدة منه. ودعت باريس إلى تخفيف التصعيد في الخليج. ورأى ماكرون في حديثة للصحيفة أنه ينبغي توخي الحذر عند إلقاء اللوم في الهجوم الذي صدم أسواق النفط.
وأضاف “يتعين أن يلتزم المرء الحرص في إلقاء اللوم. هناك مجموعات من الخيوط، لكن هذا القصف يعد عملا عسكريا جديدا من نوعه”. وأقر ماكرون بأن فرص عقد محادثات بين ترامب وروحاني “قطعا لم تتحسن” منذ وقوع الهجوم.
وكان ترامب، الذي أمر بفرض المزيد من العقوبات على إيران ووافق على إرسال قوات أميركية لتعزيز الدفاعات السعودية، قد قال في بادئ الأمر إن واشنطن مستعدة للرد على الهجوم، ثم قال بعد ذلك إن هناك خيارات أخرى غير خوض حرب.
ووصف ماكرون ترامب بأنه صانع قرارات منفرد وانفعالي، في حين قال إن روحاني يتعين عليه (لتمرير قرار بشأن اللقاء مع ترامب) أن يقنع نظاما سياسيا كاملا”. مضيفا “الإيرانيون مرنون في ما يتعلق بالشروط، لكنهم غير مرنين في ما يتعلق بالتوقيت الذي يجب في نظرهم أن يكون في نهاية المطاف، في حين أن هدف الولايات المتحدة هو عقد هذا الاجتماع في أجل قريب”.
العرب