بيروت – قال الرئيس اللبناني ميشال عون الاثنين إن الاحتجاجات التي تعم البلاد تعبر عن “وجع الناس” لكن من الظلم اتهام كل السياسيين بالفساد.
ونقلت الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية عن عون قوله في مستهل جلسة مجلس الوزراء: “لذلك يجب، على الأقل، أن نبدأ باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية، حاضراً أو مستقبلاً.”
وذكر مكتب عون على تويتر أنه قال إن على الحكومة أن تبدأ على الأقل باعتماد رفع السرية المصرفية عن حسابات كل من يتولى مسؤولية وزارية حاضرا أو مستقبلا.
ومن المتوقع أن تقر الحكومة إصلاحات منها خفض أجور الوزراء إلى النصف في مسعى لتخفيف أزمة اقتصادية وتهدئة الاحتجاجات التي دفعت بمئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع على مدى أربعة أيام.
وخرج اللبنانيون الاثنين إلى الشوارع مجدداً في يوم مفصلي من حراكهم غير المسبوق، يتزامن مع عقد مجلس الوزراء جلسته الأولى منذ بدء التظاهرات وانتهاء مهلة حددها رئيس الحكومة سعد الحريري للقبول بخطة إنقاذ اصلاحية.
ويدخل التحرك غير المسبوق في لبنان على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل المديونية والفساد والمحاصصة والوراثة السياسية كاهله، يومه الخامس على التوالي، في وقت يتمسك المتظاهرون بمطلب رحيل الطبقة السياسية، مستهزئين بكل ما يقدم من حلول “تخديرية”.
وتنظر الحكومة اللبنانية في جلسة الاثنين بالقصر الجمهوري في المقترحات الاقتصادية المقدمة من رئيس الوزراء سعد الحريري بهدف تهدئة الاحتجاجات.
ووفقا للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فإن قوى الأمن أغلقت مداخل القصر الجمهوري والطرقات المؤدية له من المناطق المجاورة وسط إجراءات أمنية مشددة، كما حضرت فرق الدفاع المدني تحسبا لأي طارئ.
ويجدد سمير جعجع رئيس حزب “القوات اللبنانية” مطالبته لرئيس الوزراء سعد الحريري بتقديم استقالته، داعيا إلى تشكيل “حكومة صدمة تكون بعيدة عن الطبقة السياسية الحالية”.
وفي حديث لصحيفة “لوريان لوجور”، قال جعجع إن “احتواء الشارع من خلال سياسات الترقيع سيكون صعبا هذه المرة”.
وعلق جعجع على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الذي أعلن فيه معارضته لاستقالة الحكومة، بالقول :”للسيد نصرالله رأيه ولنا رأينا الواضح، مواقف السيد نصرالله الأخيرة تدل على أنه لا يقرأ جيدا الإشارات الواردة من الشارع، بدليل أن الناس لم يتوانوا عن التظاهر في أهم معاقل حزب الله وحركة أمل، علما أن هذه المرة لن يكون تحريك شارع (الحزب) في مواجهة المتظاهرين، بالأمر السهل، كما كانت عليه الأمور في المراحل السابقة”، بحسب ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
وتأخذ التحركات الاحتجاجية منحى تصاعديا مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا، وقد بدأ المتظاهرون في وقت مبكر الاثنين قطع الطرق الرئيسية لمنع الموظفين من التوجه إلى أعمالهم، وأبقت المصارف والجامعات والمدارس أبوابها مقفلة، غداة تظاهرات كبرى شهدها وسط بيروت ومدن عدة من شمال البلاد حتى جنوبها، تخللها احتفالات وهتافات مطالبة برحيل الطبقة السياسية بأكملها.
ويقول روني الأسعد (32 عاماً، وهو موظف وناشط) بانفعال في وسط بيروت الإثنين “اليوم مصيري بالنسبة إلينا، كل تعبنا في الأيام القليلة الماضية وحتى السنوات لنصل إلى هذه اللحظة”.
ويضيف “لا يخرجني من الشارع إلا استقالة الحكومة أولاً ومن ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، أو تشكيل حكومة انتقالية مع مشاركة ممثلين عن الشعب فيها، على غرار ما جرى في السودان”.
وعلى غرار كثيرين من المتظاهرين، يهزأ الأسعد من اجراءات إنقاذية اقترحها الحريري وتدرسها الحكومة الاثنين.
ويؤكد “سبقنا حلول الطبقة السياسية بكثير ولم تعد تنفع معنا هذه الاجراءات، ولا ثقة لنا بهم على الإطلاق” متسائلاً “لو كان بإمكانهم تنفيذ هذه الاصلاحات من قبل، لماذا انتظروا حتى اليوم؟”.
وتنتهي مساء الإثنين مهلة 72 ساعة منحها رئيس الحكومة لـ”شركائه” في الحكومة، في إشارة الى التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في رزمة اصلاحات إنقاذية.
ويعقد مجلس الوزراء قبل ظهر الإثنين اجتماعاً برئاسة الرئيس ميشال عون، لدرس خطة إنقاذ اقترحها الحريري في اليومين الأخيرين لوضع حد للأزمة الاقتصادية الخانقة.
وقال مصدر في رئاسة الحكومة إن الحريري تلقى موافقة القوى السياسية الرئيسية لا سيما حزب الله وعون على على خطته الإنقاذية التي تتضمن تدابير واجراءات حاسمة، أبرزها عدم فرض أي ضرائب جديدة وخصخصة العديد من القطاعات.
واحتلت صور التظاهرات الحاشدة الصفحات الأولى لكافة الصحف المحلية الصادرة في لبنان. ونشرت صحيفة الأخبار القريبة من حزب الله صورة لمتظاهرين يحملون علماً عملاقاً على صفحتها الأولى مع تعليق “يوم الإختبار: السلطة أم الناس؟”.
وأوردت صحيفة الدايلي ستار الناطقة بالإنكليزية “لبنان أمام خيارين: الإصلاح أو الهاوية”، بنما تصدّر صحيفة الجمهورية تعليق “الشعب يكتب التاريخ”.
العرب