قيادات إخوانية يمنية تلوّح بالمواجهة لإفشال اتفاق جدة

قيادات إخوانية يمنية تلوّح بالمواجهة لإفشال اتفاق جدة

عدن – استبق التيار المدعوم من قطر وحزب الإصلاح في “الشرعية” اليمنية التوقيع الرسمي على اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي بحملة إعلامية وسياسية تشير إلى رفض قوى نافذة في الشرعية لأي اتفاق سياسي ينهي الخلاف مع المجلس الانتقالي ويعيد ترتيب الأوراق والأولويات في المعسكر المناوئ للانقلاب الحوثي.

وأدلت قيادات بارزة في الشرعية وأخرى في حزب الإصلاح وناشطون من التيار الموالي لقطر بتصريحات متشنجة تجاه الاتفاق والتحالف العربي، كشفت عن خشية هذه القوى من خسارة مكتسباتها التي راكمتها في مؤسسات الحكومة اليمنية خلال السنوات الماضية.

وشن وزير الداخلية في الحكومة اليمنية، أحمد الميسري، في لقاء تشاوري من مدينة عتق مركز محافظة شبوة، السبت، هجوما غير مسبوق على السعودية والإمارات وتوعد باستمرار خيار القوة في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي واصفا اتفاق الرياض بأنه مكافأة للانقلابيين المتمردين.

وقال الميسري في معرض حديثه مع شخصيات قبلية وعسكرية محسوبة على الإخوان “لدينا جيش أوله في شقرة وآخره في سيئون”. وأضاف “مشروع الإمارات سقط ولن نقبل بأي اتفاق مذل، ولن نعود إلى عدن إلا بحدنا وحديدنا”.

وتابع “نحن في اليمن ابتلينا بالتفويض الإلهي للحوثيين والتفويض الجنوبي للانتقالي وكلاهما مشاريع ساقطة”.

ووصل وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري إلى محافظة شبوة برفقة وزير النقل صالح الجبواني، بعد زيارة مماثلة لمدينة سيئون في حضرموت في إطار ما وصفته مصادر خاصة لـ”العرب” بالتحركات المدعومة من قطر ومسقط التي زارها الوزيران لإفشال الاتفاق السياسي الذي ترعاه الحكومة السعودية بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وتوعد وزير النقل اليمني صالح الجبواني في وقت سابق بإفشال اتفاق الرياض، وقال إن ‏أي اتفاق يتضمن شراكة مع الانتقالي يعني فشل التحالف ومهمته في اليمن.

وحذرت مصادر خاصة لـ”العرب” من خطورة الدور الذي يمارسه التيار القطري داخل الشرعية والذي يسعى لإرباك التحالف العربي وعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض أو إفراغه من محتواه، وخلق أزمات جديدة، والاستمرار في سياسة ابتزاز التحالف العربي عبر التلويح بتكوين تحالفات داخلية وخارجية جديدة.

وتوقعت مصادر “العرب” أن تشهد مرحلة ما بعد التوقيع الرسمي على الاتفاق تصاعد الهجوم الإعلامي على التحالف العربي، ونزوح العشرات من القيادات السياسية والإعلامية المحسوبة على الشرعية إلى العاصمة العمانية مسقط التي باتت الوجهة المفضلة للقيادات المعادية للسعودية والإمارات في الحكومة اليمنية.

ودخل حزب الإصلاح اليمني بشكل مباشر على خط الرافضين لاتفاق الرياض، بعد أن كان الحزب يتبع تكتيكا مغايرا يقوم على توجيه الخلايا الإعلامية في إسطنبول والدوحة ومسقط والعواصم الأوروبية للقيام بمهمة مهاجمة حوار جدة وانتقاد أداء التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وفي هذا السياق هاجم مبخوت بن عبود الشريف رئيس فرع الإصلاح بمأرب المعقل الرئيسي للإخوان في اليمن، اتفاق الرياض ودول التحالف في تطابق تام ومتزامن مع تصريحات وزير الداخلية الميسري.

واعتبر في تصريحات صحافية، السبت، أن اتفاق الرياض “معيب” و”خطأ استراتيجي” لأنه على حد قوله “يكافئ المتمرد ويصبح شريكا في الحكم بمجرد أن رفع سلاحه في وجه الدولة”.

وأكد مراقبون يمنيون لـ”العرب” أن لجوء الإصلاح للتعبير عن رفض اتفاق الرياض على لسان القيادي النافذ في الحزب والذي يتولى الإشراف على مأرب التي تمثل معقله الرئيس بمثابة رسالة سياسية غير مسبوقة للتحالف العربي وخصوصا أنها جاءت عبر قيادي عرف عنه الابتعاد عن التصريحات والانزواء خلف الكواليس.

واعتبرت مصادر سياسية يمنية لـ”العرب” تصريحات قيادات بارزة في الشرعية، وخروج مواقف إخوان اليمن إلى العلن، مؤشرا على ما ينتظر اتفاق الرياض في الأيام القادمة بعد توقيعه رسميا، في ظل التعهدات العلنية من قبل مقربين من مؤسسة الرئاسة بالحيلولة دون تنفيذه.

ونجحت الجهود التي قام بها ولي العهد السعودي ونائب وزير الدفاع خالد بن سلمان في إنقاذ الاتفاق من الانهيار بعد إقناع الرئيس عبدربه منصور هادي بالموافقة على التوقيع، وسحب ورقة الإضافات الأخيرة التي تقدمت بها الشرعية وتسببت في توتير أجواء حوار جدة.

وتعيد مضامين الاتفاق التوازن إلى مؤسسات الشرعية وتحدّ من تغول بعض الأطراف، حيث ستخضع القرارات للتوافق ومشاركة كافة المكونات والأطراف الفاعلة في معسكر الشرعية الذي سيتسع لقوى أخرى فاعلة كانت خارج معادلة القرار نتيجة استحواذ حزب الإصلاح على القرار السياسي بمشاركة شخصيات نافذة مقربة من مؤسسة الرئاسة.

وبحسب بنود الاتفاق ستجري مراجعة شاملة للقرارات التي صدرت في المؤسستين العسكرية والأمنية والسلك الدبلوماسي، كما ستعود الحكومة ومجلس النواب إلى العمل من داخل العاصمة المؤقتة عدن.

وأشار مراقبون سياسيون يمنيون إلى أن محاصرة الشرعية والتحالف العربي للتيار الموالي لقطر والذي عمل خلال السنوات الماضية على محاولة تفكيك التحالف واختلاق الأزمات الداخلية مع المكونات اليمنية الأخرى المنخرطة في معسكر مواجهة الحوثي، هو الخطوة الأولى التي ستكشف عن مدى الجدية في تنفيذ اتفاق الرياض، مضيفة أن عدم السماح بالانقضاض على الاتفاق من داخله أو التساهل مع محاولات تشويه هذا المنجز السياسي الكبير الذي تقف خلفه السعودية، ووقف مسلسل الاستهداف الإعلامي للأطراف الموقعة عليه أو الداعمة له في التحالف العربي أحد الاستحقاقات المهمة التي ينبغي استيعابها لإنجاح الاتفاق.

وقال مراقبون إن سحب صفة الشرعية الممنوحة لقيادات الشرعية في الدوحة ومسقط وإسطنبول والتي تتبنى أجندة معادية للتحالف العربي تحت ستار “الشرعية” ستكون الخطوة الأولى نحو محاصرة الخلافات المستشرية في المعسكر المناوئ للانقلاب وتوجيه الإمكانيات نحو المشروع الإيراني في اليمن.

ويعطي الاتفاق المبرم الأولوية لتجفيف منابع الفساد وتوجيه الطاقات نحو الانقلاب الحوثي ونزع أسباب التوتر العسكري، وإضعاف تيار الدوحة في الشرعية. كما يجعل المجلس الانتقالي الجنوبي شريكا أساسيا في “الشرعية” بعد أن كان طرفا فاعلا في جبهة مواجهة الحوثي، إضافة إلى منحه حق المشاركة في أي مشاورات لإقرار الحل النهائي في اليمن بصفته ممثلا عن القضية الجنوبية.

العرب