دول الخليج تفتح صفحة التجارة الحرة مع إندونيسيا

دول الخليج تفتح صفحة التجارة الحرة مع إندونيسيا

فتحت دول الخليج صفحة التجارة الحرة مع إندونيسيا، في خطوة تؤكد مدى التناغم الذي تحظى به حكومات المنطقة لبلوغ التكامل الاقتصادي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع شركاء لهم قيمة كبيرة في الأسواق بما يحقق تطلعاتهم.

الرياض – أبرم مجلس التعاون الخليجي ممثلا في أمينه العام جاسم البديوي اتفاقية لإطلاق مفاوضات التجارة الحرة في وقت لاحق العام الجاري، مع وزير التجارة الإندونيسي ذو الكفل حسن بالعاصمة السعودية الرياض.

وتأتي هذه الاتفاقية التي تم توقيعها الأربعاء الماضي، بعد يومين من بدء أولى جولات التفاوض على التجارة الحرة بين دول الخليج وتركيا في العاصمة أنقرة.

وكان المجلس قد أنهى جولات التفاوض مع كوريا الجنوبية وباكستان وتوجها بإبرام اتفاقيتين من هذا النوع العام الماضي، في إطار تعزيز علاقات الاستثمار والتجارة وكل ما يرتبط بهما مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين في آسيا.

وتمكن البلدان من إبرام اتفاقية مع دول الخليج متقدمين بذلك على اليابان والصين والدول الكبرى الأخرى، كبريطانيا، ومن المتوقع أن تكون بمثابة فرصة لتوسيع نطاق ازدهار الأعمال في الشرق الأوسط.

ويراقب محللون منذ فترة مساعي دول الخليج لفتح منافذ جديدة أمام تحفيز نمو اقتصاداتها بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة من خلال إقامة شراكات إستراتيجية مع الدول والتكتلات الاقتصادية لتحقيق طموحات التحول وتنويع الإيرادات على أسس مستدامة.

وتتطلع حكومات الخليج إلى الانتقال بأقصى سرعة في عملية التحول الاقتصادي خاصة مع الظروف والمتغيرات العالمية التي تتطلب عقد شراكات طويلة المدى مع اقتناص أكثر ما يمكن من الفرص لتعظيم المبادلات التجارية وزيادة الانفتاح الاستثماري.

وشهدت العلاقات الخليجية – الإندونيسية مرحلة كبيرة من التقارب خلال السنوات الأخيرة، وذلك في ظل رغبة مشتركة بين الطرفين في الوصول إلى إستراتيجية فاعلة ومتنامية بما يخدم المصالح المتبادلة، وسط تقلبات اقتصادية يعيشها العالم بفعل تراكم الأزمات.

وفضلا عن التعاون في المجالين الأمني والسياسي، يرى مسؤولو البلدين أن ثمة حاجة ملحة إلى عقد اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين دول الخليج وإندونيسيا لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري في الاتجاهين، وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.

ومن المتوقع أن تزيد اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين من الصادرات الإندونيسية إلى منطقة الخليج، وفقا للوزير حسن.

ورغم ما تتمتع به بلاده من علاقات واسعة النطاق بالفعل مع السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر، لكن حسن أشار إلى أن التعاون في قطاع التجارة لم يتم الحفاظ عليه على النحو الأمثل.

وقال في حفل إطلاق اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين “أريد أن تساعدنا هذه الاتفاقية في زيادة علاقاتنا التجارية”. وأضاف أن “العلاقات التجارية بين إندونيسيا ومجلس التعاون الخليجي لها قيمة محتملة كبيرة. لذلك، طلب استكمال الاتفاقية دون تأخير”.

وبموجب الاتفاقية، ستبدأ الجولة الأولى من مفاوضات التجارة قبل نهاية العام الحالي، وستختتم في غضون أربعة وعشرين شهرا على أقصى تقدير.

ومن شأن هذه الشراكة أن توفر الأسس القيمة لتوسيع التجارة والاستثمار وتحقق تعاون أكبر بين الجانبين، كما أنها تؤطر التشريعات والقوانين والإجراءات التي تحكم الاستثمارات بين الجانبين وتضع آليات تنفيذها وتقدم فرصا وظيفية جديدة.

2.3 تريليون دولار حجم الناتج الإجمالي الخليجي، بينما ناتج إندونيسيا يبلغ 1.32 تريليونا

وقال البديوي في كلمة عقب التوقيع إن “المفاوضات ستركز على عدة قطاعات، مثل التجارة في السلع والخدمات والجمارك والاقتصاد الإسلامي”.

وستشمل المفاوضات حول الاقتصاد الإسلامي، مجالات على رأسها الاستثمار والتجارة والشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا والتعدين والحواجز التجارية والصرف الصحي والتعاون وحقوق التأليف والنشر.

وأضاف البديوي “اتفقنا والوزير حسن على أن الأرقام ليست هدفنا. فقد وصلت العلاقات التجارية بين منطقة الخليج وإندونيسيا إلى 16 مليار دولار، ونحن نواصل زيادة هذا الرقم بتوقيع هذه الاتفاقية”.

وتظهر الإحصائيات أن إجمالي التجارة بين إندونيسيا ودول الخليج خلال أول خمسة أشهر من هذا العام بلغ 6.2 مليار دولار، حيث تتمتع دول الخليج بفائض قدره 800 مليون دولار. وفي العام الماضي، بلغت قيمة المبادلات حوالي 15.7 مليار دولار.

ومن أبرز مؤشرات تنامي التعاون المشترك تلك المتعلقة بصادرات الطاقة، حيث تستحوذ منتجات الوقود السعودي، وخاصة البنزين، على نحو 30 في المئة من السوق الإندونيسية.

وفي حين خصصت الإمارات قبل فترة حوالي 42 مليار دولار للاستثمار في إندونيسيا، نما حجم المبادلات التجارية للبلد الآسيوي مع قطر بنحو 78 في المئة خلال خمس سنوات فقط.

وتعتبر إندونيسيا أكبر اقتصاد بين دول رابطة آسيان (تي.أي.سي)، والتي تضم عشر دول، تشمل ماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وبروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام.

من المتوقع أن تزيد اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين من الصادرات الإندونيسية إلى منطقة الخليج

وفي حين بلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 1.32 تريليون دولار بنهاية العام 2022، فإن ناتج دول الخليج مجتمعة يقترب من الضعف، بعدما بلغ بنهاية العام الماضي، 2.3 تريليون دولار.

وكانت السعودية قد أبرمت في يوليو 2023 بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا معاهدة الصداقة والتعاون مع الرابطة ليصبح البلد الخليجي بذلك الدولة رقم 51 التي تنضم إلى الاتفاقية.

وتزايدت خلال الفترة الأخيرة وتيرة مفاوضات دول الخليج العربية مع دول في مقدمتها اليابان والصين وبريطانيا وتكتلات اقتصادية كبرى مثل آسيان والاتحاد الأوروبي للدخول في اتفاقات تجارة حرة تسهل عمليات التبادل التجاري.

وناقش المجلس الوزاري المشترك بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي، في اجتماعه بالعاصمة العمانية مسقط، في أكتوبر الماضي، سبل تعزيز العلاقات الإستراتيجية المشتركة وتوسيع التعاون الاقتصادي والطاقة المتجددة، وتبادل الخبرات وتعظيمها بين التكتلين.

وخلال الشهر ذاته طرقت بلدان المنطقة أبواب توسيع الشراكات عبر أول قمة تجمعها مع تكتل آسيان والتي احتضنتها الرياض بغية الانفتاح الاقتصادي مع المجموعة الذي سيعود عليها بالمزيد من المكاسب ويجعل اقتصادات المنطقة تحقق ازدهارا أكبر في المستقبل.

وهدفت القمة التاريخية بين دول الخليج ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى رفع التعاون بين الجانبين إلى المستوى الإستراتيجي، واستكشاف الفرص الاستثمارية والتجارية الجديدة.

ودشنت الإمارات بشكل منفرد مجموعة من الاتفاقيات التجارية الثنائية منذ العام 2021 ضمن إستراتيجية لتعزيز أولوياتها الاقتصادية والسياسية وسط المنافسة الإقليمية المتزايدة، خاصة مع السعودية.

العرب