نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للمعلق إيشان ثارور تحت عنوان “المحتجون في العراق ولبنان قد يحققون ما لم تحققه إستراتيجية أقسى ضغط لترامب”.
وقال إن الرئيس دونالد ترامب شجب أثر إيران وعملياتها خارج حدودها. وتبنى في حملته الرئاسية خطاب الصقور في واشنطن ووصف منافسيه في الحملة بأنهم مساعدون جبناء لمشروع الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط.
وكان قراره الخروج من الاتفاقية النووية التي وقعت عام 2015 قائما في جزء منه على فكرة أنها لم تحتو من القيود الكافية للحد من دعم إيران لجماعاتها الوكيلة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن.
ومنذ خروجه تبنى برنامج عقوبات قاسية ضربت الاقتصاد الإيراني الضعيف وصادرات النفط الإيرانية لكنها لم تؤثر على النشاطات الإيرانية الخارجية، بل وعلى العكس فقد جرأت العقوبات عناصر في النظام على المواجهة كما كشفت تفجيرات الصيف الحالي.
ورغم ما سببته العقوبات من آلام على المواطن الإيراني العادي إلا أنها لم تجبر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، المسؤول عن العمليات الخارجية، على تخفيف نشاطاته خارج إيران. إلا أن أجندة سليماني تواجه تهديدا خطيرا، ليس بسبب المواجهة مع الأمريكيين ولكن للاضطرابات الشعبية في البلدين.
فقد وضعت التظاهرات -التي شهدها لبنان والعراق ضد نخبة حاكمة يرونها ضعيفة وفاسدة- إيران على المحك. وعبر المتظاهرون في كلا الانتفاضتين عن رفضهم لليد الإيرانية التي تتدخل في سياسة البلدين، اللذين يقوم النظام السياسي فيهما على المحاصصة الطائفية.
وحقق المتظاهرون انتصارات مهمة، ففي يوم الثلاثاء قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته، مع أنه سيظل على رأس حكومة تصريف الأعمال حيث تحاول الحكومة مواجهة أزمة بدأتها عندما قررت زيادة الضريبة على مكالمات واتساب.
وفي يوم الخميس أعلن الرئيس العراقي برهم صالح عن خطط لإصلاح نظام الانتخابات كطريق لإجراء انتخابات مبكرة. وأشار إلى أن رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، الهدف من التظاهرات، سيظل في منصبه حتى يتم العثور على بديل مناسب له.
ولم تقنع هذه التنازلات الشارع الغاضب الذي نظم في كلا البلدين تظاهرات نهاية الأسبوع وطالب المتظاهرون بتنازلات أكثر. وفي المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن في العراق قتل متظاهر واحد على الأقل بالإضافة لعشرات الجرحى، وحمل المحتجون الميليشيات المؤيدة لإيران مسؤولية العنف والتي قامت بإطلاق النار على المحتجين بدون خوف.
وفي لبنان شهدت مدينة طرابلس، شمالي البلاد، تظاهرة حاشدة يوم السبت ردد فيها المحتجون الشعارات التي رددت في بيروت والمدن الأخرى “كلن يعني كلن” أي دعوة لإنهاء النظام السياسي كله. وفي يوم الأحد تحول المحتجون إلى إغلاق الشوارع. ولم تخفف خطابات زعيم حزب الله اللبناني، حليف إيران، حسن نصر الله، ولا خطاب الرئيس ميشال عون من حدة التظاهرات بل وزادت.
ولاحظت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الاحتجاجات في لبنان أدت للإطاحة بالحكومة وإضعاف الأحزاب المرتبطة بإيران.
وقالت الصحيفة إن إيران قد تخسر عقودا من الاستثمارات العسكرية والمالية والسياسية التي حولتها لأكبر قوة في الشرق الأوسط. وفتحت التظاهرات واقعا جديدا لإيران والجماعات الوكيلة لها.
ويرى الكاتب أن إيران الثورية أصبحت مضادة للثورة في المنطقة. وقال سايمون مابون، الخبير في التنافس السعودي- الإيراني بجامعة لانكستر: “تجد إيران نفسها في وضع تحول فيه خطاب المقاومة الذي كان مركز لنشاطها إلى خطاب موجه ضد الجمهورية الإسلامية”. وحذر حسن نصر الله يوم الجمعة من الفراغ الذي قد يؤدي للانهيار، فيما لام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي التظاهرات على قوى أجنبية. وقال في خطاب إن المخابرات الأمريكية والغربية وبدعم من مال الدول الإقليمية يتعاونون على التحريض في المنطقة و”أنصح لبنان والعراق أن تكون الأولوية هي السيطرة على التهديد الأمني”.
وبحسب وكالة أنباء أسوسيتدبرس الأمريكية فقد ترأس سليماني الشهر الماضي اجتماعا في العراق نصح فيه المسؤولين باتباع طريقته للسيطرة على المتظاهرين، إلا أن العنف الشديد أثار المتظاهرين ضد إيران والجماعات الموالية لها خاصة في مدن الجنوب.
وقال علي العراقي، 35 عاما، من مدينة الناصرية: “كل الأحزاب السياسية فاسدة ومرتبطة بإيران لأنها تستخدمها لتصدير نظام الملالي إلى العراق” و”الناس ضد هذا ولهذا السبب تشاهد انتفاضة ضد إيران”.
ويرى ثارور أن الانتفاضتين في العراق ولبنان كشفتا عن غضب المتظاهرين من إيران وتضامن شعبي ورفض للأحزاب الفاسدة. وفي كلا البلدين تجاوزت التظاهرات الطائفية ودفع بها الشباب الراغب بالتغيير.
وفي الوقت الذي تترنح فيه حكومتا البلدين فتجانس ووحدة المتظاهرين ستكون محلا للفحص في الأسابيع المقبلة. ولم تقدم إدارة ترامب إلا دعما خطابيا للمتظاهرين وهو أمر منطقي في ظل اتهامات إيران للمتظاهرين بأنهم نتاج للتدخل الأمريكي.
وقال روبرت فاضل، النائب اللبناني السابق: “لا نريد أن تدعم أمريكا التظاهرات بقوة” فنحن “لا نريد فنزويلا أخرى هنا”.