هدوء حذر يسود بغداد المنفجرة شعبيا في وجه الحكومة

هدوء حذر يسود بغداد المنفجرة شعبيا في وجه الحكومة

بغداد- يواصل المتظاهرون العراقيون المنتفضون ضد فساد الطبقة السياسية احتجاجاتهم المطالبة بالتغيير الجذري في بلادهم غير آبهين بدعوات رئيس الوزراء العراقي التي طالبهم فيها بإنهاء تظاهراتهم ما أدى إلى استخدام القوة المفرطة ضدهم حيث سقط عدد من العراقيين السبت أثناء محاولة قوات الأمن إجبار المحتجين على التقهقر صوب موقع تجمعهم الرئيسي في وسط بغداد باستخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.

وأفاد متظاهرون معتصمون بساحة التحرير في بغداد وعدد من المحافظات بأن الهدوء يسود ساحات التظاهر في ساعات الصباح الأولى من الأحد، فيما عاودت المدارس العراقية فتح أبوابها من أجل انتظام الدوام الرسمي بعد توقف دام نحو أسبوعين.

يأتي الهدوء بعد اضطرابات شهدتها بغداد السبت، عندما فتحت القوات العراقية النار واستخدمت القنابل المسيلة للدموع لطرد المتظاهرين من مقدمة جسر السنك المؤدي الى المنطقة الخضراء ومبنى السفارة الإيرانية في حي كرادة مريم.

وأظهرت لقطات لكاميرات مراقبة قيام متظاهرين بإلقاء قذائف على القوات الأمنية.

وقال مصدران طبيان، الأحد، إن حصيلة قتلى الاحتجاجات خلال الـ24 ساعة الماضية في العراق، ارتفعت الى 8.

وكانت قوات مكافحة الشعب قد فضّت بالقوة، السبت، احتجاج المتظاهرين على جسور العاصمة بغداد المؤدية الى المنطقة الخضراء، مما أوقع عددا من القتلى والجرحى.

وقال مصدر طبي في إن “حصيلة القتلى السبت ارتفعت الى 7 اشخاص وإصابة نحو 90 آخرين”، مشيرا إلى ان “القتلى تعرضوا لإطلاق نار وانفجار قنابل الغازات المسيلة للدموع”.

وفي محافظة البصرة (جنوب) أفاد مصدر طبي آخر أن أحد جرحى الاحتجاجات توفي مـتأثراً بإصابته التي تعرض لها قبل أيام في ميناء أم قصر.

واضاف المصدر إن “جريحا من المحتجين توفي بالمستشفى متأثرا بإصابته التي تعرض لها قبل ايام في ميناء ام قصر عندما فضّت قوات الامن احتجاجاً بالقوة”.

كما شهدت ساحة الاعتصام في محافظة كربلاء اضطرابات أمنية، حيث استخدمت القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وتقييد الحركة لمنع تدفق المزيد من المتظاهرين إلى مبنى محافظة كربلاء.

وصباح الأحد، فتحت المدارس العراقية أبوابها لاستقبال الطلبة، بعدما أعلنت نقابة المعلمين إنهاء إضراب استمر نحو أسبوعين.

ورغم الدعوات التي يطلقها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي للمتظاهرين بإنهاء مظاهراتهم والتعهد بالاستجابة لمطالبهم، فإن المتظاهرين لا يزالون يعتصمون في الساحات للمطالبة بإقالة الحكومة وحل البرلمان، وهو ما ترفضه غالبية أطراف العملية السياسية.

وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق خلفت 285 قتيلا على الأقل فضلا عن نحو 13 ألف مصاب، غالبيتهم من المتظاهرين، حسب إحصائية أعدتها الأناضول استنادا إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان العراقية (رسمية تابعة للبرلمان) ومصادر طبية.

والمتظاهرون الذين خرجوا في البداية للمطالبة بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل، يصرون الآن على رحيل الحكومة والنخبة السياسية “الفاسدة”، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة عادل عبد المهدي الذي يطالب بتقديم بديل قبل تقديم استقالة حكومته.

كما يندد الكثير من المتظاهرين بنفوذ إيران المتزايد في البلاد ودعمها الفصائل المسلحة والأحزاب النافذة التي تتحكم بمقدرات البلد منذ سنوات طويلة.

ووعدت الحكومة بتنفيذ إصلاحات بهدف إنهاء الأزمة. وقال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي السبت إن الأحزاب السياسية “سقطت في ممارسات خاطئة كثيرة” في إدارتها للبلاد واعترف بمشروعية الاحتجاج لتحقيق التغيير السياسي وتعهد بإجراء إصلاحات في النظام الانتخابي.

وبدأت الاحتجاجات الحاشدة في ساحة التحرير في بغداد في الأول من أكتوبر تشرين الأول إذ يطالب المحتجون بتوفير وظائف وخدمات. وانتشرت تلك الاحتجاجات من العاصمة إلى مدن في الجنوب بمطالب وصلت إلى التغيير السياسي الشامل للنظام الطائفي في البلاد.

والاحتجاجات هي الأكبر وتعد أيضا من أكثر التحديات تعقيدا للنظام السياسي الذي أسس بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 وأطاح بصدام حسين.

وحظي العراق، الذي أرهقته عقود من الصراع والعقوبات، بهدوء نسبي بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في 2017.

لكن الحكومة لم تتمكن من التوصل لحلول للموجة الحالية من الاضطرابات التي وضعت الطبقة السياسية في مواجه الشبان، وأغلبهم من العاطلين، الذين لم يروا تحسنا في ظروفهم المعيشية حتى في وقت السلم.

العرب