تتصاعد الاحتجاجات في محافظة ذي قار جنوب العراق في يومها العشرين، فيما أشار ناشطون إلى أن استمرار التجاهل الحكومي لمطالبهم ومحاولات فض الاعتصام بالقوة سيؤدي إلى انفلات لا يمكن السيطرة عليه، مؤكدين استمرار اعتصامهم السلمي حتى تحقيق المطالب.
أعلنت شرطة ذي قار، اليوم الأربعاء، تسلم اللواء الركن محمد القريشي أبو الوليد مهام عمله رسمياً قائداً لشرطة المحافظة. وذكر إعلام شرطة ذي قار في بيان أن “اللواء الركن محمد القريشي (أبو الوليد) تسلم اليوم، مهام عمله رسمياً قائداً لشرطة محافظة ذي قار والمنشآت خلفاً للعميد الحقوقي محمد عبد الوهاب سكر السعيدي”.
وأظهرت صور تناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، قوات الرد السريع والمحتجين في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، في أجواء اتسمت بالهدوء وعدم حدوث مصادمات.
ونشرت صفحة “هنا ذي قار” على “فيسبوك” صوراً تظهر المحتجين مع أفراد من لواء الرد السريع في أجواء اتسمت بالودية.
وعلقت الصفحة على تلك الصور بالقول إن “أبناء الناصرية مع إخوتهم في القوات الأمنية “لواء الرد السريع” وأن هذه الصور رداً على الأصوات التي تتهم المتظاهرين بالشغب وعدم مراعاة السلمية”.
استمرار الدعوات للسلمية رغم القمع
يقول حسين الغرابي، ناشط حقوقي في ذي قار، أن “المحتجين في المحافظة حددوا ساحة الحبوبي وسط المدينة مكاناً لاعتصامهم السلمي واستمر الحال بسلمية تامة”.
وحمل الغرابي في حديث لـ”اندبندنت عربية” ما سماها “بالقوات القادمة من خارج المحافظة” مسؤولية الاعتداء على المعتصمين. وأشار إلى أن “قوة مكافحة الشغب أو قوة حفظ القانون في المسمى الحكومي الجديد اعتدت بكل أنواع أسلحتها، بما فيه الرصاص الحي، على المعتصمين وجرتهم للمواجهة”.
وأضاف “ما أثار المحتجين، سقوط العشرات بين جريح وقتيل، فضلاً عن ملاحقة الجرحى إلى مستشفى الحبوبي والاعتداء على الموظفين فيه بالقنابل الدخانية ما أدى إلى تأثر قسم أطفال الخدج بالدخان بحسب تصريحات صحة المحافظة”، لافتاً إلى أن “تلك الاعتداءات دفعت شباب الاعتصام إلى ملاحقة وطرد هذه القوة لمكان وجودها في مقر فوج المهمات الخاصة”.
وقال الغرابي إنه “منذ يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى الليلة الماضية، ينصب رصاص هذه القوات على المعتصمين هناك وسقط من الشباب ما يقارب 10 شهداء”.
وبيّن أن “المحتجين يعتقدون أن على محافظ ذي قار وهو رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة أن يغير نهج إدارة الأزمة، لأن هذه القوات والقادم من خارج المحافظة لا تعرف خصوصية المدينة وأبناءها، وهي تتعمد الأثارة والتعدي على المحتجين مما قد يزيد الوضع سوءاً”.
مخاوف من تفجر الأوضاع
في المقابل، يرى مراقبون أن هناك إجماعاً من أبناء المحافظة على أن الأحزاب السياسية والفصائل المسحلة تقف وراء قتل المتظاهرين، ما أدى إلى استهداف محتجين غاضبين لمقارهم وإحراقها.
يقول ناشط ومتظاهر في ذي قار، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن “ما يحدث هو اعتصام مفتوح مستمر منذ 20 يوماً، ولن نعود من دون تحقيق مطالبنا بإقالة الحكومة وحل البرلمان والتحضير لانتخابات بقانون جديد يضمن نزاهتها”.
وفي الحديث عن أحداث الحرق التي تعرضت لها مقار بعض الأحزاب والفصائل لفت إلى أن “بعض المحتجين الغاضبين يحملون تلك الأحزاب والفصائل مسؤولية ما يجري، لأنها تمتلك تمثيلاً سياسياً في المحافظة، وهي نتيجة لنقمة الشارع على تلك الأحزاب، لتجاهلهم مطالب المحتجين الأساسية، فضلاً عن كونها رسالة واضحة لرفض تلك الطبقة السياسية برمتها”.
وحذر الناشط من “استمرار تجاهل القوى السياسية لمطالب المحتجين، ومحاولة فض الاعتصام بالقوة، لأن ذلك سيؤدي إلى صدامات قد تؤدي إلى تحول الاعتصامات والاحتجاجات إلى ثورة وانفلات لا يمكن السيطرة عليه”.
وقال إن “ما يثير القلق هنا تحديداً في مدينة الناصرية، هو الصمت المطبق من قبل الحكومة والقمع المستمر للتظاهرات السلمية وحملة الاعتقالات التي تطاول الناشطين بين حينٍ وآخر فضلاً عن الاستخدام المفرط للرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع”.
وأشار إلى أن “فتح الطرق والدوائر التي يغلقها المحتجين لتطبيق العصيان والحديث عن فض الاعتصام بالقوة وحرق خيام المحتجين، سيولد عند المتظاهرين السلميين حالة يأس وشعور بعدم احترام لمطالبه قد يقود المتظاهرين إلى التصعيد”.
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة ذي قار، نجم الغزي أن “العامل الأبرز في التظاهرات الحالية أنها تحظى بدعم شعبي واسع، فضلاً عن كونها غير مسيطر عليها من زعامات الأحزاب التقليدية”.
وقال الغزي في حديث لـ “اندبندت عربية”، إن “العنف في التظاهرات جاء أساساً كرد فعل للعنف الممارس من الأحزاب ومقراتها”.
ولفت إلى أن “الفوضى هي أقرب توصيف للوضع الحالي في المحافظة، خصوصاً في ظل عدم وجود مبادرات للحل”، مشيراً إلى أن “هناك انزعاجاً شعبياً من بعض الممارسات كحرق المباني وقطع الجسور لأنها تؤثر في حياة الناس”.
وفي إطار الحديث عن احتمالات الانفلات الأمني، بين الغزي أن “الاتجاه الحالي من قبل الجميع يجري لإيجاد مخارج للأزمة”.
وعن أعداد الضحايا في ذي قار، أوضح الغزي أن “عدد الشهداء بلغ تقريباً 32 شهيداً، وفيما لو تم حساب هذا العدد نسبة إلى عدد السكان، فإن المحافظة ستكون الأولى في عدد ضحايا الاحتجاجات”.
يذكر أن حشوداً غاضبة قطعت جسر الغراف وحرق منزل النائب عن تحالف الفتح رزاق محيبس، بعد محاولتهم حرقه أمس الثلاثاء ما أدى إلى إصابة خمسة متظاهرين.
وشهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعمال عنف دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص، غالبيتهم من المتظاهرين، فيما تواصل القوات الأمنية استخدام الغاز المسيل للدموع وفي بعض الأحيان الرصاص الحي لتفريق التظاهرات.
اندبندت عربي