نشر موقع “أويل برايس” مقالا أعده سايمون واتكنز الخبير بشؤون النفط عن آخر فضيحتين في صناعة النفط العراقية. وقال فيه “لا يكاد يمر شهر بدون ظهور فضيحة أو أخرى في طريقها للتطور بالعراق. فسواء كانت فضائح البارزاني الواسعة في الإقليم شبه المستقل، كردستان أو الفساد المتعدد المستويات في الجنوب وليس مفاجأة أن يكون العراق واحدا من البلدان الأسوأ في العالم من ناحية الرشوة والفساد”. وأشار إلى الشهر الماضي الذي شهد تطورا دراماتيكيا في فضيحتي فساد كبيرتين: واحدة في كردستان والثانية في الجنوب، ومن المفارقة فإن كلا من الفضيحتين تخدمان وإن بشكل عرضي الحاكم الفعلي للعراق مقتدى الصدر كما. فالتطور الأخير جاء على شكل دعوى قضائية قد تجبر حكومة إقليم كردستان على دفع 1.6 مليار دولار أمريكي أو يزيد تقدمت بها “شركة دينستي لتجارة النفط والغاز المساهمة المحدودة” ضد طرفين: وهما حكومة إقليم كردستان العراق بالكامل وضد زير المصادر الطبيعية السابق عبد الله عبد الرحمن عبد الله (المعروف أشتي حورامي) والذي منح منصب مساعد رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة في حكومة رئيس وزراء الإقليم منصور بارزاني الجديدة.
وتم تقديم الدعوى القضائية الأصلية في 14 آب (أغسطس) في محاكم العدل الملكية ببريطانيا وتتهم الطرفان ضمن أمور أخرى بـ “التآمر والتسبب بالأذى لدينستي وبوسائل غير قانونية” ،و”التدخل اللاقانوني” و “الإستفزاز غير القانوني”. وتم استهداف هورامي شخصيا لأنه كما يفهم الموقع الشخص الذي يقف وراء حملة الإستفزاز ضد دينستي والتي جاءت من رفض الشركة رشوة هورامي من أجل إتمام صفقة مع الشركة الإسبانية للنفط ريبسول. وكانت الصفقة تقتضي قيام دينستي بشراء حصة ريبسبول من رأسمال الشركة الكندية تاليسمان (بلوك كي 39) بي في و تاليسمان ( بلوك كي 44) بي في من خلال عقد بيع عادي.
وبعد إتمام الصفقة بين ريسبول ودينستي- كما هو حاصل- فإنه بموجب عقد المشاركة بالإنتاج المعمول به في حكومة إقليم كردستان، بند 39.7 فسيكون إتمام الصفقة هو مجرد أمر شكلي. وبعد الاتفاق بين الطرفين، دينستي وريسبول فلا يجوز للحكومة في الإقليم حجب أو تأخير تمريره لأسباب غير منطقية.
ويفهم الموقع أنه تم التلويح عند هذه النقطة لشركة دينستي بأن تدفع مبلغا بطريقة غير قانونية لحساب مصرفي يتحكم به هورامي. وعندما قالت الشركة إنها لن تدفع تعرضت لحملة ابتزاز لكي تتخلى عن الصفقة مع ريسبول لأن هورامي لن يحصل على المال من الصفقة.
ومن بين الإستفزازات التي وردت في الدعوة جاءت من مكالمة في حزيران (يونيو) 2014 من قباد طالباني، نائب رئيس وزراء حكومة كردستان وعضو المجلس الإقليمي لشؤون الغاز والنفط إلى هيوا أوت علي، المدير التنفيذي لشركة دينستي مهددا إياه فيها بأنه لو لو يقم بإلغاء عقد الشراء مع ريبسول المح فيه أنهم في حكومة الإقليم وهورامي لن يسمحوا لعلي بدخول كردستان مرة أخرى. وطلب من علي مقابلة مدير الإستخبارات في حزب الإتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، لاهور شيخ جانغي لاهور حيث طلب هورامي منه في مكالمة عبر الفيديو من لاهور باستخدام القوة مع علي كي يلغي الصفقة مع ريبسول، وهو ما رفض لاهور عمله.
ومنذ تلك الفترة أكد هورامي لعائلة بارزاني، حسب فهم موقع أويل برايس أن القضية “قد انتهت”. ولكن هورامي قدمت له في مطارهيثرو “طلب الدعوى” و”الدعاوى المحددة” و “طلب للرد” وبناء على هذا يفهم الموقع أن هورامي “اعترف بتلقيه وثائق المحكمة وأنه بحاجة للمشاركة في مداولات المحكمة العليا البريطانية”. ويقول الخبراء القانونيون إن هورامي قد يستخدم أساليب لتأخير المداولات القانونية والتقدم بدعوى لتغيير الاختصاص من النظام القضائي المستقل في لندن إلى مكان آخر محبذ لحكومة إقليم كردستان وهورامي نفسه. ولكن طلب دينستي المقدم لمحكمة العدل الملكية في بريطانيا يحتوي على تفاصيل عن الحساب المستخدم لإكمال عقود الاحتيال من اسم البنك وسويفت كود والعملة المستخدمة للتحويل واسم الحساب وأيبان ورقم الحساب وقيمة التحويل بالدولارات الأمريكية إلى فرع البنك.
مما يعني أن هورامي سيخبر البارزاني أن القضية لم تنته بعد. وان حكومة إقليم كردستان قد تواجه إمكانية دفع 1.6 مليار دولار بالإضافة لتكاليف المحكمة.
كما أن الأمور ليست جيدة جنوب حدود الأكراد فبحسب أوراق المحكمة في الولايات المتحدة اعترف الشقيقان سايروس أشاني وسامان أشاني بتسهيل دفع ملايين الدولارات كرشاوى لمسؤولين في تسع دول منها العراق من أجل حصول شركة يونا أويل التي كانا يديرانها. فنشاطات الشقيقين اللذان ينتميان إلى عائلة ثرية في موناكو (وحاملي الجنسية الإيرانية) تعد خرقا لقانون ممارسات الفساد الأجنبية الأمريكي. وسيتم إصدار الحكم في القضية في 20 نيسان (إبريل) 2020. واعترف ستيفن هانتر 50 عاما المقيم في بريطانيا ومدير التطوير التجاري السابق في الشركة بخرق القانون الأمريكي. وبحسب أوراق المحكمة لم يحاول الشقيقان دفع اموال لأفراد في عدد من الدول الغنية بالنفط مثل أذربيجان والكونغو الديمقراطية وإيران وقازخستان وليبيا والجزائر وسوريا بل وقاما بتبييض العوائد من خطة الرشوة من أجل إخفائها وتدمير الأدلة ومنع التحقيق فيها بالولايات المتحدة وأماكن أخرى. وشارك هانتر في خطط لخرق قانون ممارسات الفساد الأجنبية من خلال تسهيل دفعات رشوة لمسؤولين ليبيين ما بين 2009- 2015. وتم فحص قضية يونا أويل من مكتب جرائم التزوير الخطيرة في بريطانيا، قبل أن يتم إلغاء التهم الموجه لأشاني بدون تفسير. وقامت الشركة بالتعاون مع شريكها التجاري في العراق باسل الجراح بترتيب رشاوى لعملاء مهمين في العراق مثل روس رويس وبتروفاك وكلايد بامبس ويذرفورد وكاميرون/ناكتو وكي بي أر وأف أم س تكنولوجيز وسيبام وأس بي أم أوف شور ومان تيربو وروزيزتي ماريني وإي بي بي وذا شو غروب وكور لابس ولايتون أوف شور ووير وهايونداي بلاس وعدد من كبريات شركات النفط مع أنه لم يوجه إلى أي منها تهما. ومن بين الشخصيات العراقية التي تم توريطها في القضية لم يكن فقط وزير النفط السابق حسين الشهرستاني ولكن عبد الكريم اللعيبي وزير النفط السابق وكفاح نعمان، المدير العام شركة نفط الجنوب وضياء جعفر المدير أيضا لشركة نفط الجنوب ونائب وزير النفط. كما استخدمت الرشوة في حقول نفط كبرى مثل الزبير والغراف. ورفضت شركة يونا أويل التعليق على التحقيق البريطاني مع أنها أنكرت دفع رشاوي للشركات والأفراد وكذا نفى الشهرستاني تلقيه رشوة.
وكان حجم الفساد هو السبب الذي أدى لارتفاع الدين العراقي للشركات النفطية الكبرى إلى 27 مليار دولار عام 2015 وتجنبت الإفلاس من خلال رزمة مساعدات أمريكية. وكل هذا يصب في مصلحة مقتدى الصدر وكتلته سائرون. وقال مسؤول بارز في صناعة النفط والغاز “أهم جزء من جاذبية الصدر هي أنه يريد تطوير المصادر الطبيعية العراقية واقتصاده بدون تدخل دولة أخرى وشركاتها وبدون أي نوع من التجارة المشبوهة التي اصبحت علامة البلد ولوقت طويل” و “يرى الكثير من هذه الممارسات واضحة في ممارسات رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والذي كان في الحكم عندما اندلعت فضيحة يونا أويل وحقيقة عودتها الآن سيساعد الصدر على أنه الطرف النظيف”.
القدس العربي