الباحثة شذى خليل*
الاقتصاد الإيراني يتجه نحو الإفلاس، وإفقار جماعي للسكان، وإذا كانت الولايات المتحدة قد حددت حقا هدف تغيير السلطة والنظام السياسي لجمهورية إيران الإسلامية، فإن الوضع الآن يعمل لصالحها… فالسكان في وضعهم الاقتصادي الحالي سيدعمون أي تدخل خارجي، فقط للتخلص من “النظام” ووقف الازمات المتكررة الداخلية، والتوسع الخارجي الذي يستنزف الاقتصاد الإيراني المنهك أصلا .
إحصائية مخيفة من داخل ايران تؤكد ان الوضع الاقتصادي المأساوي والفقر الذي عرضها عضو مجلس شورى النظام الإيراني علي قرباني بتاريخ 10 مارس 2019، حيث وصل التضخم بنسبة 43 ٪، و 12 مليون عاطل عن العمل، ومضاعفة عدد الفقراء في إيران بالمقارنة بالعام المنصرم.
حيث يعيش أكثر من 85 % من المتقاعدين وأكثر من 80 % من موظفي إيران تحت خط الفقر.
زيادة بنسبة 98% في أسعار اللحوم، وكذلك زيادة 231٪ في سعر معجون الطماطم، وبيع أكثر من 700 مليار دولار من النفط على مدى السنوات الثماني في إيران.
الفوارق الكبيرة بين متوسط الأجور:
وفي ذات السياق، اكد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ان ما تمر به ايران ليس بسبب العقوبات الامريكية، بل هو سوء إدارة النظام وليس العقوبات المفروضة.
وأضاف، ان أكثر من 80٪ من المشكلات الحالية في البلاد ترجع إلى بعض من حالات سوء الإدارة ، وأن 20٪ فقط منها متأثرة بالعقوبات والمشاكل الخارجية”، اليوم عدم المساواة الاجتماعية والاختلاف الطبقي بين موظفي الحكومة وعدم الاعتناء بالمتقاعدين، تحول إلى إزعاج هؤلاء المواطنون وعوائلهم الصبورة عندما يعيش 85٪ من المتقاعدين تحت خط الفقر، إنه أمر مؤلم لنا ومثير للخجل، لكن الأكثر أسفًا أن متقاعد يحمل شهادة الدكتوراه في جهاز ما يتلقى راتبًا قدره 21 مليون تومان، وسيحصل شخص آخر يحمل الشهادة نفسها في جهاز آخر على مليوني تومان، هل هذه الحالات الظالمة من التمييز هي عدالة؟
بالإضافة الى التدهور الاقتصادي داخل المؤسسات الإيرانية، وترهل قطاعات اجتماعية حيوية، لا يمكن فصلها عن سوء إدارة الثروات، وتقديم النظام للخارج على حساب الداخل المهدد الآن بأكبر عملية قمع قد يخوضها النظام مدافعاً عن مصالح الأفراد، على حساب الجماعات الإيرانية التي وحدّها الجوع ودفعها إلى الشارع، وما زاد الطين بلة، هو قيام الحكومة الإيرانية برفع أسعار الوقود بنسبة 50 بالمئة.
ان الوضع الاقتصادي الإيراني في حالة تأزم متصاعد، لم يتجلى فقط في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وإنما فيما يخاف منه النظام ويخشاه، وهو حالة الاستياء العام في الشارع الإيراني، وتحديدا بين أبناء الطبقة المتوسطة والفئات الشابة في المجتمع، حيث تشهد العديد من البلدات والمدن الإيرانية تظاهرات تطالب بتحسين مستوى المعيشة المتردي، مما فجر الاحتجاجات الغاضبة في الشارع الإيراني، وان الشعب يعلم ان حكومة بلاده والحرس الثوري الذي يسيطر على مفاصل الدولة ينفقون مليارات الدولارات في الخارج خدمة لمشاريع توسعية ودعمًا للإرهاب.
ان الرئيس الإيرانيّ حسن روحاني اتّخذ القرار الصحيح في الوقتِ الخطأ… عندما نقول إنّ السيّد روحاني اختار التّوقيت الأسوَأ للإقدام على خطوة رفع أسعار البنزين هذه التي أشعلت فتيل التظاهرات، فإنّنا نقصِد أنّ إيران وحُلفاءها ونُفوذها في دول جِوار مُهمّة مِثل العِراق ولبنان يُواجِه غضب الشارع ضد النفوذ الإيراني ويدعوها للرحيل بالقوة .
الجوع في إيران داخليا ..يقابله غسيل أموال ودعم الإرهاب خارجيا:
وفقاً لبيان صادر عن مجموعة العمل الدولية (fatf)، وهي هيئة دولية لمراقبة عمليات غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، فإن إيران فشلت للمرة السادسة في تنفيذ أجزاء رئيسة في خطة الإصلاح، ولم تتوفر سوى علامات قليلة للغاية بأن طهران راغبة في الالتزام بالاتفاق بين الجانبين، حيث تواصل إرسال الأموال والمعدات العسكرية إلى العديد من الفصائل والحركات الإرهابية، جزء كبير منها يتم تحويله عبر الحرس الثوري الإيراني الذي تعرض لعقوبات أميركية أخيرا.
ويشير بيان المجموعة الدولية، إلى أن إيران لا تُجرِم تمويل الإرهاب كما لا تُحدد ولا تُجمد أصول الجماعات الإرهابية بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، فضلاً عن أنها فشلت في تبيان كيف تقوم السلطات برصد ومعاقبة القائمين على التحويلات المالية غير القانونية.
اما على مستوى الفقر الداخلي، فقد اكد خبير ايراني متخصص في مجال دراسات مكافحة الفقر، أن الحلول البديلة مثل توزيع حصص غذائية أو الاعتماد على التبرعات والصدقات لن تكون مجدية في هذا الصدد، منوها بأن العام الماضي شهد زيادة متتالية في نسب الفقراء داخل البلاد.
ومن تبعات تلك الظواهر، اجتماعية خطيرة، من بينها اتساع الفجوة بين الطبقات، وارتفاع نسب الرشاوى داخل المؤسسات الحكومية، الفساد الإداري، إضافة إلى بيع الأعضاء البشرية لتأمين المتطلبات الحياتية، انتشار المخدرات بشكل كبير إلى جانب زيادة المشاكل الأسرية.و ارتفاع نسب الفقر، ما هو مرتبط بارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق الإيرانية، وشح في وفرة أصناف أخرى بسبب شح النقد الأجنبي.
وأضاف الخبير أن انخفاض القدرة الشرائية للأسر والعمال الإيرانيين ستزيد من معدلات الفقر أيضا، خاصة أن أسعار المواد الاستهلاكية ارتفعت بمقدار 50 % منذ بداية السنة الفارسية الجارية في 21 مارس/ آذار الماضي، طبقا لأرقام البنك المركزي الإيراني.
ومما سبق نستنتج، أن التغيير في قلب طهران هو الضَّمان الأكبر للتغيير الآمن والإيجابي ليس في داخل ايران فقط بل المشرق العربي كلِّه.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية