تصور المرجعية الدينية للأوضاع في العراق

تصور المرجعية الدينية للأوضاع في العراق

   sulimany-in-iraq_4

دأبت المرجعية الدينية في العراق على متابعة الشأن العراقي في كل مجالاته وابداء الرأي فيما يعيشه ويكابده العراقيون، وفي السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2014تحدث في خطبة الجمعة السيد احمد الصافي ممثل المرجع الديني السيستاني عن الاوضاع السياسية التي يمر بها العراق وواقع المؤسسة العسكرية، وما تعانيه بعد مرحلة حاسمة من تاريخ البلاد تمثلت بسيطرة تنظيم “الدولة الاسلامية” على ثلثي مساحة العراق ابتداء من سيطرته على المدن الرئيسة، كالموصل وتكريت وانتهاء بالأنبار وتقدمه وزحفه في مناطق ونواح اخرى من البلد، هذا الهاجس المخيف الذي يعانيه ابناء الشعب العراقي  بكل طوائفه وقومياته جعل المرجعية الدينية تنتقد بشكل واضح وصريح  واقع المؤسسة العسكرية في العراق منذ انهيار قطاعات الجيش العراقي وانهزامها امام تقدم ” داعش”.

وبقراءة متأنية وعلمية لحديث المرجعية الدينية يمكن لنا ان نتوصل الى الاتي :

  • انه اول انتقاد من نوعه يصدر عن المرجعية الدينية تجاه المؤسسات الحكومية العسكرية، منذ انهيار الجيش العراقي على ايدي تنظيم “الدولة الاسلامية.”
  • شخص حديث المرجعية بشكل علمي الواقع المرير الذي يعيشه العراق، متمثلا بعدم استقراره السياسي والعسكري والامني.
  • مكن الفساد الذي كانت تعيشه المؤسسة العسكرية، تنظيم “داعش” من السيطرة على المدن والقصبات العراقية ابتداء من يوم 9 حزيران/يونيو 2014.
  • الانهيار الكبير الذي عانته هذه المؤسسة كان بسبب ضعف القيادات العسكرية الميدانية وانتشار المحسوبية والرشوة بين مقاتليها.
  • اشارت المرجعية الى هدر الاموال الطائلة من ثروة وميزانية العراق والبالغة ( 25) مليار دولار طيلة السنوات العشر الماضية، والتي تمثلت في الصرف على مستلزمات وتدريب الجيش العراقي، والتي اثبتت الاحداث سواء استخدام وادارة هذه المؤسسة وضياع الاموال وعدم النجاح في اعداد مستلزمات جيش قوي متكامل في العدد والعدة .
  • العمل على ايجاد الحلول الناجحة لمشاكل المؤسسة العسكرية ومعالجة حالات الفساد المالي والاداري الذي تعيشه وسوء الادارة فيها .
  • ان الموضوعية تقتضي ان يتسلم مهام الدفاع عن العراق من يكون مهنيا ووطنيا وشجاعا، لا يتأثر مزاجه بالمؤثرات الشخصية او المادية .
  • دعت المرجعية جميع الكتل السياسية لمراجعة مواقفها، لان البلاد تمر بمرحلة تتطلب من السياسيين مراجعة شاملة لكل السياسات، التي اضرت بالبلاد في شتى المجالات ومنها العسكرية والامنية.

وما يلاحظ في خطاب المرجعية الدينية نأيه عن ذكر تكالب القوى الدولية والاقليمية على العراق، الامر الذي انعكس على الارض في صراع على المصالح، تؤشره عدداً من المتغيرات:

  • تعاظم النفوذ الايراني في العراق وتحركات قاسم سليماني الذي نصب نفسه قائدا ميدانيا لإدارة العمليات العسكرية في مناطق عديدة من العراق، الامر الذي شكل خرقا دستوريا للبلاد وامعانا في الاساءة لمؤسسته العسكرية.
  • تدفق المزيد من المستشارين العسكريين الاميركيين، ليتم ارسال (1500) جندي اميركي اضافة الى القوة المتمركزة في العراق.
  • طلبت الادارة الاميركية من الكونغرس الموافقة على اضافة مبلغ (6.600) مليار دولار للحشد العسكري، والاستشارة الاميركية لقواتها في العراق وتخصيص مبلغ (1.500) مليار دولار لتدريب الجيش العراقي .
  • ما يزال النهج الاقصائي وتهميش الاخرين، واضحاً للعيان رغم تأكيد رئيس الوزراء، على نبذ هذا النهج، والعمل على ترميم اللحمة الوطنية.
  • استمرار تأييد ودعم قوات “الحشد الشعبي” وإيقاف عملية تسليح ودعم العشائر السنية التي تسعى الى مقاتلة “داعش” على اراضيها، مما يؤكد الصورة التي مازالت عالقة في اذهان السنة العرب من ازدواجية المعايير في ادارة الازمة الحالية في العراق من قبل حكومة العبادي .

ان المرجعية الدينية من واجبها ان تكون واجهة حقيقية لطموحات واماني الشعب العراقي وداعية لوحدة الصف، فالمستفيد من كل ما يجري على الارض واستحكام الخلافات وانعدام الرؤية في ادارة البلاد لن يكون في صالح العراق والعراقيين بلا ادنى شك .

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية