الرياض – تسلّم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز رسالة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وذلك خلال استقباله، الثلاثاء في الرياض، وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت، بحضور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
وشهدت العلاقات الفرنسية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، لا سيما في عهد الرئيس هولاند تطورات هامة يعكسها تعاون البلدين في العديد من المجالات، لا سيما المجالين الاقتصادي والعسكري.
غير أنّ أبرز علامات التقارب الفرنسي السعودي تجلّت في توافق رؤية البلدين لعدد من قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية السورية، حيث بدت باريس أقرب إلى الموقف السعودي المساند للشعب السوري في ثورته ضدّ نظام بشار الأسد.
وتجد باريس في الرياض شريكا موثوقا يضمن لها مكانا في منطقة الخليج الغنية والمستقرة سياسيا وأمنيا، والتي لطالما مثلت موضع تنافس بين قوى كبرى، فيما تزداد بلدان المنطقة وفي مقدّمتها السعودية، حرصا على تنويع شركائها عبر العالم لتجاوز الارتهان للشريك التقليدي الولايات المتّحدة، خصوصا بعد ما تمّ تسجيله من تبدّلات في السياسات الأميركية تجاه المنطقة خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي وقت سابق، قالت الخارجية الفرنسية في بيان، إن أيرولت “سيبحث خلال زيارته إلى السعودية القضايا الإقليمية، ولا سيّما الأوضاع في اليمن والعراق وليبيا وسوريا”.
ولفت البيان إلى أن الوزير الفرنسي “سيؤكد على أولوية التعاون في مجال محاربة الإرهاب، وعلى الشراكة الاستراتيجية القائمة بين فرنسا والسعودية”.
كما يتناول أيرولت، حسب البيان، العلاقات الاقتصادية مع السعودية، على أن تشمل زيارته مشروع مترو الرياض الذي تتولى شركة “ألستوم” الفرنسية تنفيذ جزء منه.
وجاءت زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرياض، بعد أسبوع، من زياردة الجبير لفرنسا.
وأكد الوزيران، الثلاثاء، رغبة بلديهما في تعزيز التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب والعمل على تجفيف منابع تمويله.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه بالرياض في أعقاب مباحثات جرت بينهما تناولت عددا من قضايا المنطقة، لا سيما “التدخلات الإيرانية والتطورات في سوريا واليمن والعراق وليبيا”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
وأكد الجبير تطابق مواقف المملكة وفرنسا تجاه العديد من القضايا، مبرزا الدور الفرنسي تجاه الأزمة في لبنان وسوريا والعراق وجهودها لحل أزمات المنطقة بالطرق السلمية.
وفي الموضوع الإيراني، أشار الوزير السعودي إلى أنه ليس هناك ما يمنع من إقامة علاقة طبيعية مع طهران “إذا التزمت بحسن الجوار والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ووقف دعم الجماعات الإرهابية”.
وفي الشأن اليمني، أوضح أن “تدخل المملكة ودول الخليج في اليمن جاء بطلب من الحكومة الشرعية بعدما استولى الانقلابيون على السلطة بالقوة بدعم من إيران وباتوا يشكلون تهديدا للأمن والاستقرار في المملكة ودول المنطقة”.
وفي ما يتعلق بالمفاوضات السورية في أستانة أكد الجبير دعم المملكة لأي حل سلمي يؤدي إلى وقف الحرب وتقديم المساعدات، معربا عن الأمل بأن تفضي هذه المباحثات إلى التوصل لوقف حقيقي لإطلاق النار واستئناف المفاوضات وفقا لبيان جنيف1.
وحول العلاقات السعودية الأميركية في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب، قال الجبير “نشعر بإيجابية لمستقبل العلاقات السعودية الأميركية ونتطلع للعمل مع إدارة ترامب لحل مشكلات المنطقة”، مؤكدا دعم المملكة لما أعلنه ترامب بشأن محاربة الإرهاب وتنظيم داعش وكذلك دعمها لتوجهاته بالمحافظة على حلفاء أميركا التقليديين.
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الفرنسي أن المملكة وفرنسا مصممتان على دحر الإرهاب، مشيرا إلى أن السعودية اتخذت خطوات كبيرة في الاتجاه بتشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة هذه الظاهرة.
وأوضح أن مباحثاته مع نظيره السعودي تناولت التحديات التي تواجه المنطقة خاصة الأزمة في سوريا واليمن، مؤكدا دعم بلاده لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وحول رؤيته للسياسات الأميركية في عهد الرئيس ترامب، أشار الوزير الفرنسي إلى أن الوقت لا يزال مبكرا للتعرف على هذه السياسات التي من المؤكد أنه سيكون لها تأثير على العالم وبخاصة ما يتعلّق بمحاربة الإرهاب والصراع العربي الإسرائيلي واتفاق باريس بشأن المناخ والطاقة وغيرها من الملفات الحيوية.
العرب اللندنية