مصر: الحكومة تتجه لاستثمار كيانات “الإخوان” المتحفظ عليها

مصر: الحكومة تتجه لاستثمار كيانات “الإخوان” المتحفظ عليها

تتجه الحكومة المصرية إلى التخفف من أعباء إدارة أموال وأملاك رجال الأعمال المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين وتمويلها، والمدرجين جميعاً على قائمة الإرهابيين، وذلك من خلال بحث سبل استثمارها اقتصادياً لجني مزيد من الأرباح، مع تقليص المشاركة الحكومية في إدارة تلك الكيانات الاقتصادية المتحفظ عليها منذ مطلع عام 2014.
وقال مصدر في وزارة التربية والتعليم، في حديث مع “العربي الجديد”، إن تعليمات حكومية سرّية صدرت إلى مديريات التعليم والصحة ودواوين عموم المحافظات، بالإضافة لهيئة الخدمات الحكومية بوزارة المالية القائمة على عمليات التثمين وعدة جهات حكومية أخرى، بإعداد مسح عاجل وشامل لجميع الكيانات المتحفظ عليها والمملوكة للأفراد المدرجين على قائمة الإرهاب بحجة تمويل جماعة الإخوان، أياً كانت الجهة الحكومية صاحبة الولاية عليها حالياً، وتقييمها مالياً، لبحث إمكانية استغلالها استثمارياً بالتأجير أو بمنح حق الانتفاع بها لشركات ومستثمرين محليين أو أجانب، حتى الفصل نهائياً في مسألة استمرارها تحت التحفظ من عدمه.

وأضاف المصدر أن الحكومة تبينت من تجربة تناهز السنوات الأربع في إدارة الكيانات المتحفظ عليها أنها لا تحقق الأرباح المرجوة، نظراً لضعف إمكانيات الجهات الحكومية التي أوكلت إليها مهمة إدارة هذه الكيانات، وعلى رأسها قطاع مدارس 30 يونيو التابع مباشرة لوزير التعليم والذي أصبح مشرفاً على المدارس المتحفظ عليها والتي كانت ذات طابع إسلامي، وكذلك وزارة الصحة التي تشرف على إدارة المستشفيات والعيادات والمستوصفات المتحفظ عليها، والشركات القابضة التي تشرف على إدارة سلاسل المحلات التجارية والمصانع المتوسطة والصغيرة المملوكة للإخوان والمتهمين بتمويلهم.
وأشار المصدر إلى أن الحكومة تلقت خلال الشهرين الأخيرين عروضاً عدة من مستثمرين مصريين مقربين من نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكذلك مستثمرين سعوديين وإماراتيين وكويتيين وأجانب بالسماح لهم بإدارة هذه الكيانات المتحفظ عليها من الباطن، أي بقرار داخلي من اللجنة الحكومية القضائية المشكلة في نهاية عام 2013 لإدارة أموال جماعة الإخوان، على اعتبار أن نقل الإدارة من الحكومة إلى المستثمرين الموالين لها سيحقق مزيداً من الأرباح.
وذكر المصدر أن الحكومة تتجه لقبول بعض هذه العروض، خصوصاً بالنسبة لبعض أنواع الكيانات التي لا تجيد التصرف فيها لضعف الإمكانيات، وعلى رأسها دور الرعاية الصحية وسلاسل المحال التجارية، ولا سيما أن هذه الكيانات الاقتصادية تحولت من وضعية الربح في عهد إدارة ملاكها الأصليين إلى وضعية خاسرة في عهد الإدارة الحكومية.
وفي هذا السياق، قال مصدر قضائي بوزارة العدل التي تشرف بشكل مباشر على لجنة أموال الإخوان، إن هناك أسباباً عدة للخسائر التي منيت بها الكيانات الاقتصادية المتحفظ عليها؛ أبرزها مسارعة اللجنة المشرفة إلى سداد الضرائب المستحقة على تلك الكيانات بدون إجراءات جدولة أو طعن كما هو متبع بالنسبة للكيانات الاقتصادية الكبيرة، ثم الاعتماد على عشرات الموظفين الحكوميين في تسيير أعمال تلك الكيانات، بالإضافة لزيادة رواتب العاملين الأصليين فيها لكسب إخلاصهم للإدارات الجديدة، ما كبدها نفقات تشغيل إضافية، ثم الافتقار لمهارة التعامل مع السوق وتحديث الخدمات التي كانت تقدمها تلك الكيانات، ما أدى إلى تراجع أدائها التنافسي في أسواقها سواء كان على مستوى المحافظات أو في عموم الجمهورية.

عروض عدة من مستثمرين مصريين وسعوديين وإماراتيين وكويتيين وأجانب بالسماح لهم بإدارة هذه الكيانات المتحفظ عليها من الباطن


وأضاف المصدر أن فكرة استثمار هذه الكيانات لتحقيق أرباح للدولة كانت قد عرضت منذ بداية إجراءات التحفظ، لكن الحكومة ارتأت تأجيل تنفيذها لحين تقنين وضع التحفظ عليها، في ظل صدور المئات من أحكام القضاء الإداري بين عامي 2014 و2017 ببطلان التحفظ على الأموال. وهو ما تغير في يناير/ كانون الثاني الماضي بصدور حكم إدراج جميع الأشخاص المتحفظ على أموالهم على قائمة الإرهاب، ومن ثم تأكيد استمرار التحفظ عليهم، ثم إصدار حكم آخر في يونيو/ حزيران الماضي بتعيين لجنة أموال الإخوان كمسؤولة عن إدارة الأموال المتحفظ عليها وفقاً لقانون الكيانات الإرهابية الذي تم إصداره خصيصاً لإضفاء الشرعية على تصرفات الحكومة في هذا الملف.
واستبعد المصدر أن تقدم الحكومة على بيع أو مصادرة الكيانات المتحفظ عليها، مشيراً إلى مخالفة هذه الخطوة للقانون المدني المصري والدستور، لكن في الوقت نفسه فإن استثمار هذه الكيانات سيحقق مكاسب أكبر للدولة سواء بصيغة التأجير أو منح حق الانتفاع، في ظل تباطؤ المسار القضائي الذي لجأ إليه الواقعون تحت التحفظ للطعن على حكم إدراجهم على قائمة الإرهاب أمام محكمة النقض.
يذكر أن محكمة النقض تلقت الأسبوع الماضي أكثر من 500 طعن على حكم إدراج المتهمين بتمويل الإخوان على قائمة الإرهاب، وعلى رأس الطاعنين لاعب كرة القدم السابق محمد أبو تريكة المقيم حالياً في قطر، ورجل الأعمال صفوان ثابت، صاحب شركة جهينة، أضخم منتجي الألبان في مصر، بالإضافة للعشرات من رجال الأعمال من الإخوان أصحاب المدارس وسلاسل المحال التجارية والمستشفيات. ومن المقرر أن تنظر المحكمة هذه الطعون في العام القضائي الجديد الذي يبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

العربي الجديد