زيادة أسعار السماد تعمق أزمات المزارعين المصريين

زيادة أسعار السماد تعمق أزمات المزارعين المصريين

القاهرة – اتهم اقتصاديون الحكومة المصرية بمحاباة الشركات المنتجة للأسمدة على حساب صغار المزارعين الذين ستتضاعف معاناتهم بعد قرار رفع أسعار الأسمدة بالسوق المحلي.

وزادت الحكومة سعر الطن من السماد بنحو 15 دولار ليصل إلى مستويات غير مسبوقة عند نحو 170 دولارا، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لزراعة المحاصيل الشتوية.

واعتبر أحمد فرماوي، وهو مزارع من القليوبية في حديثه مع “العرب” أن “القرار كارثي.. إنها مصيبة حلت فوق رؤوسنا، ونحن لا نزال نعاني من ارتفاع أسعار السولار الذي نستخدمه في تشغيل ماكينات الري، وكذلك المبيدات بعد ارتفاع الدولار”.

وأوضح أن المزارعين يعملون على تمهيد الأرض حاليا لزراعة المحاصيل الشتوية، وقد أدى رفع أسعار الوقود إلى ارتفاع سعر ساعة عمل الجرار الزراعي الذي يتم تأجيره لتمهيد وتقسيم الأرض إلى نحو ثلاثة دولارات، بعد أن كانت نحو 1.5 دولار قبل عدة أشهر.

وبدأ مسلسل تقاذف الاتهامات على الساحة، ونفي رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي مجدي الشراكي صلة الجمعية بعمليات رفع الأسعار. وقال لـ“العرب” إن “لجنة الأسمدة بالجمعية ليست صاحبة القرار، بل اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء”.

محمد برغش: الحكومة لا تسمع إلا صوت رجال الأعمال ووزارة الزراعة لا تمثل المزارعين
وأوضح أن اللجنة اعتمدت قرار الزيادة بحضور قيادات وزارة الزراعة والشركات المنتجة وممثلي وزارات البترول والصناعة والاستثمار والجمعيات الزراعية والتعاونية.

ويضغط لوبي شركات الأسمدة على الحكومة لتحقيق مصالح اقتصادية، منذ قرارات تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وتخفيض دعم الطاقة وتصاعدت الخلافات مع الوزارة والشركات على تصدير الأسمدة، وتفضل الشركات التصدير وعدم البيع بالسوق المحلية.

وتتجه شركات الأسمدة للأسواق الخارجية إلى بيع السماد بالدولار لتكوين حصيلة من العملة الصعبة لمواجهة توسعاتها واستيراد خطوط إنتاج جديدة.

وتستغل الشركات ثغرات في القانون، لأنه يسمح لشركات السماد بالتصدير للخارج مقابل رسم محدود يورد لوزارة الزراعة عن كل طن يتم تصديره ويصل لنحو 2.5 دولار.

وتتم منظومة توزيع السماد المدعم من خلال توريد الكميات التي تطلبها وزارة الزراعة من الشركات وتتجاوز حاجز 60 بالمئة من الإنتاج وتقوم بتوزيعه على الجمعيات الزراعية التابعة لها والمنتشرة بالبلاد.

ويحصل المزارعون على الأسمدة من هذه الجمعيات كل وفق الحيازة الزراعية التي يمتلكها بأسعار مدعمة.

وتحصل مصانع السماد على الغاز بسعر 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وأدى تحرير سعر الصرف بالبلاد إلى رفع أسعاره بأكثر من مئة بالمئة.

ويمثل الغاز نحو 60 بالمئة من تكلفة إنتاج الأسمدة، وتعتمد صناعة الأسمدة الأزوتية على الغاز الطبيعي والذي يتفاعل مع النيتروجين داخل مفاعلات تنتج عنها أنواع مختلفة من هذا النوع الرئيسي من السماد المستخدم في مصر.

ماهر أبوجبل: تحرير سعر السماد يحل الأزمة بشرط توجيه الدعم النقدي مباشرة للمزارعين
ونفت وزارة الزراعة على لسان حامد عبدالدايم، المتحدث الرسمي باسمها أن يكون للقرار تأثير سلبي على المزارعين، وقال إن الزيادة “لا تتجاوز دولارين للفدان”.

وقال عبدالدايم في تصريحاته التي جاءت في صف شركات الأسمدة، دون النظر إلى معاناة الفلاحين “تعاني شركات الأسمدة من زيادة سعر معظم مدخلاتها المستوردة”.

ويؤكد ماهر أبوجبل رئيس لجنة التطوير وحماية المهنة بنقابة الزراعيين أن ضغوط شركات انتاج السماد وراء قرار رفع الأسعار.

واقترح أن يتم تحرير سعر الأسمدة بالسوق المحلية وبيعها بالأسعار العالمية، بشرط منح المساندة نقدا للمزارعين، أسوة بما يتم في دول الاتحاد الأوروبي.

ويميل المجلس التصديري للحاصلات الزراعية إلى تحرير سعر السماد بوصفه حلا عمليا يقضي على المشكلة ويعيد هيكلة الدعم الموجه للمزارعين.

ويخشى عبدالحميد الدمرداش رئيس المجلس في تصريح لـ“العرب” من تأثير المشكلات التي تطرأ على سوق السماد كل فترة على صادرات مصر من الحاصلات الزراعية وتنخفض بصورة لافتة.

وتبلغ قيمة صادرات الحاصلات الزراعية نحو 3 مليارات دولار سنويا، أي نحو 14 بالمئة من إجمالي الصادرات البالغة نحو 21 مليار دولار.

ويصل سعر الأسمدة الحرة حاليا لنحو 250 دولارا للطن ومتوقع أن ترتفع خلال الفترة المقبلة، نتيجة استمرار برنامج الحكومة في ترشيد الدعم.

وقال محمد برغش أمين عام اتحاد الفلاحين لـ“العرب” إن “المزارعين صوتهم غير مسموع، رغم أنهم يوفرون الغذاء لباقي فئات الشعب”.

وأشار إلى ضرورة مشاركتهم في أي قرار خاص بزيادة أسعار الأسمدة أو مستلزمات الزراعة، لضمان الحصول على المساندة التي تقدم إليهم بشكل يحميهم من آثار تلك الزيادات على دخولهم.

ولفت إلى أن الحكومة تغض الطرف عن هذه المشكلات وتهتم فقط برجال الأعمال وأصحاب المصانع، ودلل على ذلك بزيادة أسعار الأسمدة بناء على طلب الشركات دون النظر إلى المزارعين.

وشدد على أن وزارة الزراعة لا تمثل المزارعين، ولا تتبنى قضاياهم، وأصبح تجاهل مطالبهم عرضا مستمرا من جانبها.

العرب اللندنية