«مسيرة العودة» تتصاعد على حدود غزة والمنظمون يعلنون الاستنفار والتحضير لـ «جمعة النذير»

«مسيرة العودة» تتصاعد على حدود غزة والمنظمون يعلنون الاستنفار والتحضير لـ «جمعة النذير»

 تستعد الهيئة التنسيقة واللجان المكلفة متابعة فعاليات «مسيرة العودة» الكبرى إلى مضاعفة الفعاليات والنشاطات الشعبية خلال الأيام المقبلة، وذلك مع اقتراب موعد يومي الغضب والإضراب الشعبي و«الزحف الكبير» في 14 و15 الجاري، ويتزامنان مع موعد نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، وذكرى «نكبة فلسطين» وهو ما دفع جيش الاحتلال في مسعى لصد هذه الهبة الغاضبة للتلويح بتصعيد أوامر إطلاق النار، التي أودت حتى اللحظة بحياة 50 مواطنا وأصابت الآلاف.
وحسب التحضيرات التي تجري من قبل القائمين على فعاليات «مسيرة العودة» فإن الأيام المقبلة ستشهد زخما كبيرا في الفعاليات الشعبية، التي تشمل المواجهات على طول الحدود الشرقية، إضافة إلى استمرار قص الأسلاك الشائكة التي غرستها إسرائيل بمحاذاة السياج الأمني الفاصل، لصد المحتجين «يوم الزحف الكبير».
وشهدت أيام الأسبوع الماضي، قيام شبان أطلقوا على أنفسهم «وحدات قص السياج» بقطع أجزاء من تلك الأسلاك، وجرها إلى داخل حدود غزة، بعد أن تمكنوا باستعمال مقصات حديدية من إحداث ثغرات في السياج الأمني، والولوج إلى داخل حدود إسرائيل كتجربة عملية على «يوم الزحف».
كما تكررت عمليات إطلاق «الطائرات المحترقة» على الأراضي والأحراش الإسرائيلية الواقعة في منطقة «غلاف غزة» ما أدى إلى حدوث حرائق خلفت خسائر مالية كبيرة. وشوهدت ألسنة اللهب تتصاعد من خلف السياج الحدودي، وتلتهم مساحات واسعة من الأحراش، فيما شوهد بالعين المجردة من منطقة «مخيمات العودة» كيف وقف الجنود الإسرائيليون وأجهزة الإنقاذ عاجزين عن التعامل مع هذه الطريقة البدائية البسيطة، رغم امتلاكهم أعتى الوسائل.
ويؤكد القائمون على الفعاليات، على ان «مخيمات العودة الخمس» التي أصبحت مزارا للسكان، وقبلة لرؤية الأراضي المحتلة المسلوبة، ستشهد العديد من الفعاليات الشعبية من ندوات وورش عمل ومعارض تراث وصور، بهدف المحافظة على بقاء حالة النفير العام والحشد الشعبي، لإيصال رسائل لإسرائيل في الطرف الآخر من الحدود، مفادها أن مرور الأيام والأسابيع على انطلاق الفعاليات لم يثبط عزيمة الغزيين، وأن منتصف الشهر سيكون «يوما مغايرا» عن باقي الأيام.
اجتياز الحدود
وحسب التخطيط، فإنه في حال جرى اجتياز الحدود، فإن الجماهير من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، سيضربون خيامهم في المناطق المحتلة ويقيمون «مخيمات العودة» لأول مرة ما بعد السياج الفاصل، لإيصال رسائل بأنهم يريدون من خلال «العمل السلمي الشعبي» إقرار حق العودة بشكل عملي، وسيكون ذلك أمام مرأى وسائل الإعلام، وسيبث كما الجمع الماضية على الهواء مباشرة.
ومن المقرر أن يسبق ذلك حملة «تحشيد» كبيرة، للخروج بأكبر عدد من سكان القطاع إلى مناطق المخيمات الخمس لـ «تجسيد الحلم» والمقصود «حق العودة».
وفي هذا السياق أكد عضو اللجنة التنسيقية العليا لمسيرات العودة محمد الحرازين، أن هذه الفعاليات تعد «محطة مهمة من محطات شعبنا الجهادية» لافتا إلى أن منتصف الشهر الجاري سيكون «محطة كبرى» على اعتبار أن «الميدان هو أكثر ما يرعب الاحتلال».
ودعت الهيئة التنسيقية في بيان جديد أصدرته عقب انتهاء مسيرات الجمعة، كل أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، في غزة والضفة والقدس، ومخيمات الشتات والـ48 إلى أن يجعلوا الجمعة المقبلة التي أطلق عليها اسم «النذير» موعدًا للتحضير لـ «مليونية العودة» يوم 14 الجاري.
وذكرت أن «مليونية العودة» ستوجه رسالة قوية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وغيره أن «صفقة القرن لن تمر، بل ستدوسها أقدام العائدين بالملايين إلى أرض الوطن المغتصب».
وكانت قيادة الفصائل الفلسطينية أعلنت «حال الطوارئ القصوى» في سياق الاستعداد والتحضير لفعاليات 14 الجاري، لمواجهة خطوة الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة واعتبارها عاصمة للاحتلال، كما أكدت على استمرار «التحشيد الوطني والشعبي» لفعاليات «مسيرة العودة» التي ستتصاعد لتبلغ ذروتها يوم 15 الجاري، وأعلنت عن اعتبار يوم 14 الجاري «إضراباً وطنياً شاملاً» لكافة مرافق الحياة.
وجددت التأكيد على أن القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس يمثل «إعلان حرب» على الشعب الفلسطيني وحقوقه، لافتة إلى أن الشعب الفلسطيني يواجه القرار من خلال «تصعيد وطني شامل سيحتشد فيه الآلاف في مخيمات العودة للتأكيد على الحقوق والثوابت، ورفضاً للقرار الأمريكي وكل المخططات التصفوية».
وأظهرت وسائل المقاومة الشعبية التي لجأ لها المشاركون في «مسيرات العودة» مدى الفشل الإسرائيلي في مواجهة الحشود التي تصل الحدود منذ انطلاق المسيرات يوم 30 اذار/مارس، وبالأخص في أيام الجمع. ومن أبرز تلك الوسائل «الطائرات الورقية الحارقة» التي يقوم نشطاء شبان بإطلاقها في الهواء، وإسقاطها في الأحراش الإسرائيلية القريبة من الحدود، وهو أمر تكرر كثيرا خلال الأيام الماضية، وبات يشكل هاجسا مقلقا لإسرائيل، إلى جانب «وحدات قص السياج» التي تمكنت هي الأخرى من تسجيل اختراقات كبيرة في الحدود، باجتياز السياج الفاصل عند أكثر من نقطة حدودية.
وذكر مسؤول في الجيش الإسرائيلي أن الجيش سيرد على إطلاق «الطائرات الورقية الحارقة» من غزة تماما كما يرد على إطلاق الصواريخ.

إسرائيل تتوعد

ووفقا لضابط عسكري إسرائيلي، فان الجيش سيطلق النار نحو رماة الأطباق الورقية، كما سيستخدم طائرات مسيرة لاعتراضها واسقاطها فوق أراضي القطاع قبل ان تدخل المجال الجوي لمستوطنات غلاف غزة.
وجاء ذلك بعدما تكبدت إسرائيل خسائر مالية كبيرة جراء سقوط تلك الطائرات التي أتت على أحراش وحقول، حيث وقفت طواقم الإطفاء عاجزة أمام تلك الحرائق.
وقد أجرى وزير الجيش الإسرائيلي افيغدور ليبرمان جولة مكالمات هاتفية مع رؤساء البلدات الواقعة في منطقة «غلاف غزة» بعد ان طالبوه بإيجاد حل سريع للأطباق الورقية التي كبدتهم خسائر فادحة، ووفقا لمصادر عسكرية إسرائيلية فإن الحل سيكون من خلال تركيب عدسة خاصة على بنادق القناصة لإصابة الاطباق وهي في الجو.
ومن باب تخويف المتظاهرين ومنع عمليات الزحف الكبير منتصف الشهر المقبل، قام جيش الاحتلال في الجمعة الماضية، بالنداء عبر مكبرات الصوت على المتظاهرين، يحذرهم من استهدافهم بنيران القناصة إذا ما اقتربوا من الحدود، غير أن ذلك لم يجد نفعا.
وقبل ذلك قال جيش الاحتلال الإسرائيلي أن فعاليات «مسيرات العودة» هي «جزء من حالة حرب» ولذلك لا يمكن إحلال قوانين حقوق الإنسان على أوامر إطلاق النار، وذلك في رد التماس تقدمت به منظمات حقوق إنسان ضد أوامر إطلاق النار من قبل جيش الاحتلال على المتظاهرين السلميين.
وجاء في رد الاحتلال على الالتماس أنه يعارض إحلال قوانين حقوق الإنسان على مواجهات مسلحة، زاعما أن الصليب الأحمر يقر أن إسرائيل ليست ملزمة بإحلالها أثناء المواجهات المسلحة، مضيفا أن حركة حماس تنفذ عمليات عدائية ضد إسرائيل في إطار المواجهات المسلحة المستمرة بين الطرفين، وطلبت نيابة الاحتلال عرض التحقيقات في أوامر إطلاق النار ضمن أبواب مغلقة، وبحضور طرف واحد فقط، وذلك بذريعة «التصنيف الأمني لها، ومعلومات استخبارية أخرى».

القدس العربي