البصرة ثروة العراق النفطية

البصرة ثروة العراق النفطية

البصرة ثالث أكبر مدينة في جمهورية العراق، وهي العاصمة الاقتصادية للعراق، والمنفذ المائي الأول له.
تقع البصرة في أقصى جنوبه على الضفة الغربية لشط العرب، ويبلغ عدد سكانها 2,796,000 نسمة ومساحتها 19,070 كم2، وهي المركز الإداري والسياسي لمحافظة البصرة، وتتميز بكبر حجم الثروة النفطية والغازية التي تمتلكها، ويقع فيها مقر شركة نفط الجنوب، وتصدرمعظم انتاجها من محطة بترول البصرة.

البصرة عاصمة اقتصادية:
يعد النفط المصدر الرئيس للاقتصاد العراقي، ويحتوي العراق رابع أكبر احتياطي للنفط في العالم والذي يقدر بـ 115 مليار برميل، والبصرة تحوي أكبر ثروة نفطية في العراق، اذ تشير الإحصائيات إلى أنها تملك 15 حقلاً من أصل 77 حقلاً معروفاً، منها 10 حقول منتجة ما زالت تنتظر التطوير، كما تحتوي هذه الحقول احتياطياً نفطياً يزيد على 65 مليار برميل مشكلاً نسبة 59% من أجمالي الاحتياطي النفطي العراقي .

الإيرادات النفطية ترفد موازنة الدولة العراقية
وصلت الايرادات النفطية في موازنة 2018 حوالي 74 تريليون دينار عراقي، وغير النفطية 12 تريليون دينار عراقي، شاملة الضرائب والرسوم والايرادات الرأسمالية، مما يدلل ان الإيرادات النفطية هي المعتمد عليها بشكل رئيس في رفد الموازنة، التي بدورها تحدد النفقات والرواتب والوظائف وحجم الاستثمارات، واي خلل في القطاع النفطي ينعكس بشكل مباشر وسلبيا على الوضع الاقتصادي للبلد .
وتضم البصرة أكبر حقول نفط العراق، ومنها:-
– حقل مجنون وهو من حقول البصرة العملاقة، ويحتوي على احتياطي نفطي مؤكد يتراوح بين 23 ـ 25 مليار برميل، وينتج حوالي 100 ألف ب / ي، وان تم تطويره تبلغ طاقته الإنتاجية 600 ألف ب/ي.

– حقل نهران عمر، الذي ما زال إنتاجه متواضعاً إذ بلغ حوالي 1000 ب/ي، على الرغم من انه من حقول البصرة العملاقة، ويمكن أن تصل طاقته بعد التطوير إلى حدود 500 ألف ب/ي، أما المكامن الرئيسية المنتجة في هذا الحقل فهي مكامن الزبير، نهر عمر، وله محطة إنتاج واحدة، وعدد آبار النفط فيه 15 بئراً، أما احتياطيه المؤكد من النفط الخام فيبلغ 6 مليار برميل.

– حقل غرب القرنة، وهو من حقول البصرة العملاقة، ويحتوي على احتياطي مؤكد يُقدر بـ 18 مليار برميل، واحتياطي محتمل يُقدر بـ 40 مليار برميل، ويمكن أن تصل طاقته الإنتاجية إلى مليون ب/ي، لكنه ينتج في الوقت الحاضر 120 ألف ب/ي ، وهو من النفوط الخفيفة المرغوبة عالمياً، والمكامن المنتجة فيه هي: المشرف، السعدي، الزبير، ويبلغ عدد آبار النفط فيه 247 بئراً، وآبار حقن الماء 64 بئراً، وعدد محطات الإنتاج 3 محطات.

– حقل الرميلة الشمالي، وهو من حقول البصرة العملاقة، وفي سبعينيات القرن الماضي كان عدد آباره أقل من 20، أما الآن فقد أصبح 340 بئراً نفطياً، وهو تاسع أعظم حقل نفطي عالمي، تضم طبقاته أجود أنواع النفط، والمكامن الرئيسة فيه هي: زبير (رئيس)، المشرف، نهر عمر، سجيل.

ويحتوي هذا الحقل على 7 محطات لإنتاج النفط، و6 محطات لكبس الغاز، و5 محطات لحقن الماء، و129 بئراً لحقن الماء، وينتج بقسميه الشمالي والجنوبي 250 ألف ب/ي، ويزيد احتياطيه النفطي عن 12 مليار برميل.

تتميز عملية استخراج النفط الخام في البصرة بتدني تكلفة الإنتاج، وهي الأقل على النطاق العالمي؛ لأن حقول النفط والغاز تقع على اليابسة، وفي أعماق قريبة جداً من سطح الأرض، ومعظمها ذو جدوى اقتصادية عالية بسبب حجم الاحتياطي الضخم فيها، وكبر مساحتها، ولا تتضمن تركيبات جيولوجية معقدة بسبب ضعف الحركات الميكانيكية للصخور، خصوصاً في المنطقة الجنوبية بسبب انحدار الأراضي نحو الخليج العربي، إذ قُدرت تكلفة استكشاف البرميل الواحد من النفط الخام في محافظة البصرة بحوالي 0,1 ـ 0,4 سنت / برميل، حسب طبيعة الحقل النفطي المكتشف، وقدرت في حقلي الزبير والرميلة والحقول القريبة منها بـ 1,570 دولار لكل برميل.
وتضاهي حقول البصرة العملاقة super giant أكبر الحقول في العالم، وتمتاز بوفرة الموارد النفطية فيها، ويمكن بسهولة مضاعفة حجم الاحتياطي لو تم اعتماد تكنولوجيا متطورة، يتم التنقيب بها عن النفط الخام واستخراجه وتصديره من موانئها.

عهد نفطي جديد
كان العراق ومنذ عام 2003 لا يجني أي عوائد تذكر، من انتاج النفط في اذ تذهب معظم عوائد الصادرات إلى الشركات الأجنبية، وجيوب الفاسدين الذين أبقوا مضخات تحميل النفط دون عدادات لقياس كميات التحميل.
وبعد مظاهرات شعبية عارمة تطالب بتعيين وزراء تكنوقراط مستقلين، و متخصصين بإدارة الثروة الوطنية بإخلاص وعزيمة الإصلاح، يستندوا الى كفاءة وخبرة مهنية كان كافيا لبدء مرحلة انقاذ وزارة النفط ، ومنذ 2016 وبتولي إدارتها احد ابناء البصرة الاكفاء المخلصين الذي لا خلاف على خبرته العلمية والعملية، وسلامة تاريخه الشخصي من الشوائب، إضافة إلى توليه العشرات من المناصب في الوزارة على مدى أكثر من أربعة عقود.
وقد حققت الوزارة النجاحات في القطاع النفطي عكس تيار التراجع الذي شهده البلاد ، فهو مصدر الدخل الأكبر وشريان الحياة الوحيد الذي يعيل البلاد في ظل الشلل التام الذي يعم جميع النشاطات الاقتصادية، على صعيد زيادة الإنتاج، واستثمار حقول جديدة، وخفض حرق الغاز المصاحب وبددء ثورة واسعة؛ لزيادة طاقة تكرير النفط، وتحسين إدارة الوزارة، وإعادة معايير الكفاءة، وتحقيق الأهداف والخطط في تقييم أداء مؤسسات الوزارة والعاملين فيها، إضافة إلى إزالة الكثير من أورام الفساد من مفاصلها.

وحققت الوزارة معجرة إنقاذ صناعة النفط العراقية ، من الخراب الشامل الذي كان يعمها في منتصف عام 2016 في ظل الانهيار المفاجئ لأسعار النفط، إضافة إلى ما وصل إليها انتاج كل برميل من النفط الى 21 دولارا، وتهالك البنية التحتية، وانتشار الفساد، وتقاسم الأحزاب الطائفية للغنائم في معقل الثروة العراقية من خلال توزيع المناصب على الموالين لها من أشباه الأميين.
ومنذ دخول الوزارة عهدها الجديد، ارتفع معدل صادرات نفط البصرة بمتوسط 3.23 مليون برميل يومياً، وارتفاع الطاقة التصديرية للموانئ الجنوبية إلى 4.6 مليون برميل يومياً ، وزيادة الطاقة التخزينية للمحافظة ، وعملت على تطوير مشاريع الموانئ التصديرية.
فتسارعت وتيرة الإصلاحات والمشاريع الجديدة، وبدأت الوزارة الإنتاج من حقول كثيرة لم يسبق للعراق أن استثمرها في محافظات ذي قار وميسان وواسط وشرق العاصمة بغداد، وعادت الوزارة لأول مرة إلى تولي إدارة بعض المشاريع بالكوادر الذاتية بعد توقف ذلك النوع من الإدارة المباشرة منذ عام 2003 .

وأثبتت وزارة النفط العراقية حرصها في تنمية الاستثمار في القطاع النفطي في مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقد في الكويت، اذ طرحت المشاريع على المستثمرين الدوليين بعد دراسة عميقة، لتبديد هواجس المستثمرين ومخاوفهم و طمأنتهم، ووضع الأسس العلمية للاستثمار الذي ينعكس على تنمية الاقتصاد الوطني العراقي .

وتستعد الوزارة اليوم لتصدير الغاز إلى الكويت بمعدل 50 مليون قدم مكعبة يوميا من حقل الرميلة في مرحلة أولى على أن يرتفع إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميا في مرحلة لاحقة، وتخطط لوقف حرق الغاز المصاحب الذي كان يهدر على مدى عقود؛ بوضع ضوابط جديدة لعمل الشركات، وتم الاتفاق مع شركة سيمنز الألمانية لاستغلاله بالكامل بحلول عام 2021.

وأعلنت الوزارة عن خطة طموحة لزيادة طاقة تصدير النفط إلى 7 ملايين برميل بحلول عام 2020، بعد أن بلغت طاقة التصدير من الموانئ الجنوبية 5 ملايين برميل يوميا، لكن حجم الصادرات يقف حاليا عند نحو 3.5 مليون برميل يوميا؛ بسبب اتفاق خفض الإنتاج بين منظمة أوبك والمنتجين المستقلين.

وتركز الوزارة على تنفيذ مشاريع استثمارية، بإنشاء المصافي داخل العراق؛ لزيادة الطاقة الإنتاجية من المشتقات النفطية لتلبية الحاجة الفعلية للاستهلاك المحلي.
كما تركز على تحقيق طموحات العراقيين بإنشاء مصاف خارج البلاد بالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة.
ان تجربة وزارة النفط العراقية بالإدارة الناجحة على يد احد أبناء البصرة ، والخبرات الكفوءة تدحض آراء المتشائمين اليائسين من إمكانية إنقاذ المؤسسات العراقية بعد سنوات طويلة من الفساد، والإهمال والسرقة .

 

 

  شذى خليل

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية