الحكومة الأميركية.. ترمب فخور بإغلاق الحكومة

الحكومة الأميركية.. ترمب فخور بإغلاق الحكومة

 

شذى خليل *

مع استمرار الخلافات بين الرئيس الامريكي دونالد ترمب والديمقراطيين المسيطرين حاليًا على مجلس النواب ، وعدم توصل الجانبين إلى أي اتفاق ، قال ترمب ، إنه مستعد لاستمرار حالة الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية ، الذي دخل الآن أسبوعه الثالث لسنوات .
ويرجع سبب تعطيل الحكومة الجزئي إذ كان من المقرر أن يمرر الكونجرس اثني عشر قانونا لإنهاء أزمة تمويل عدد من الوزارات والدوائر والهيئات الفيدرالية ، على أن يتم رفعها إلى الرئيس من أجل التوقيع عليها ، لكن باءت المفاوضات بالفشل ، ما تسبب في إغلاق حكومي ، فماذا يعنى إغلاق الحكومة في الولايات المتحدة الأميركية ومدى تأثيره على اقتصاد أميركا ؟
نتيجة لرفض المشرعين الديمقراطيين الموافقة على مشروع الرئيس دونالد ترمب بناء جدار على الحدود مع المكسيك ، فلن تتمكن عشرات الوزارات والإدارات الفيدرالية من ممارسة عملها ، كما أن موظفيها الذين يقدرون بمئات الآلاف سيضطرون لأخذ إجازات غير مدفوعة الأجر أو العمل من دون أجر طوال فترة الإغلاق .
وإغلاق الحكومة هي حالة سياسية في الولايات المتحدة الأميركية ، تتوقف فيه الحكومة عن توفير الخدمات ، فيما عدا “الأساسية” منها ، وتشمل عادة الخدمات التي تستمر رغم تعطل الحكومة عن العمل ، كل من الشرطة ، ومكافحة الحرائق ، وخدمة الأرصاد الوطنية ، والهيئات التي تتبع لها ، وخدمة البريد ، والقوات المسلحة ، والمرافق ، والمراقبة الجوية ، والخدمات الإصلاحية ، وبقدر ما تطول فترة الإغلاق ، تكون النتائج قاسية.
ولم يكن هذا الاغلاق الأول للحكومة ، إذ يعود آخر إغلاق لإدارات فدرالية في الولايات المتحدة إلى يناير ألفين وثمانية عشر ، وهو الأول في عهد إدارة ترمب ، وقد استمر ثلاثة أيام فقط ، قبل ذلك أغلقت الإدارات غير الأساسية في عهد باراك أوباما في أكتوبر ألفين وثلاثة عشر ، وهى الفترة الأطول ، إذ استمرت ستة عشر يوما ، وإن كانت لا تقاس بالإغلاق الذى استمر إحدى وعشرين يوما بين عامي (1995-1996) وهو الإغلاق الثالث الذي يحدث في عام واحد ، إذ أُغلقت الحكومة ثلاثة أيام في يناير الماضي ، ثم أغلقت بضع ساعات في فبراير ألفين وسبعة عشر .
الإغلاق الحكومي لا يعني توقف عمل كافة المؤسسات الفيدرالية التي تمول من قبل الحكومة الأميركية ، ولكنه يقتصر على المؤسسات الحكومية غير الضرورية ، وهذا يعني أن العاملين في تلك المؤسسات سيتوقفون عن أداء مهامهم إلى حين توصل الكونغرس لخطة تمويل.
فالجيش على سبيل المثال يعتبر مؤسسة ضرورية ، إلا أن الجنود وبما في ذلك هؤلاء المتواجدين والمشاركين بعمليات لن يتقاضوا رواتبهم بشكل مؤقت خلال فترة وقف العمل الحكومي ، في الوقت الذي لن يعمل فيه الموظفون المدنيون في وزارة الدفاع الأميركية ، بما في ذلك المدربون العسكريون ومتعهدو الصيانة وغيرهم.
أما إذا كنت تفكر بقضاء إجازة وزيارة الحدائق أو المتاحف وحتى حدائق الحيوانات الوطنية ، فإن تلك المرافق ستكون مغلقة لاعتبارها مؤسسات غير ضرورية تتقاضى تمويلا من الحكومة.
إذ تعطل العمل في بعض الإدارات الفيدرالية في الولايات المتحدة ، في وقت مبكر من السبت الموافق (22) ديسمبر ، بعد إرجاء الكونجرس مداولاته بشأن مشروع قانون الاتفاق وتلبية طلب ترمب بتخصيص (5) مليارات دولار لبناء جدار على الحدود الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك ، والذي تعهد ببنائه خلال حملته الانتخابية ، وهو ما يرفضه الديمقراطيون.
وأوضحت مجلة التايم الأميركية ، في تقرير على موقعها الإلكتروني ، إن هذا الإغلاق قد يكون الأطول في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية ، بالنظر إلى اصرار الرئيس الأميركي على الحصول على المال من أجل تمويل بناء الجدار الحدودي الذي يفصل بين أميركا والمكسيك ، من أجل منع دخول المهاجرين غير الشرعيين.
قراءة من الجانب الاقتصادي:
ان الإغلاق الجزئي للحكومة يعني توقف عمليات العديد من الوكالات الأساسية ، ويؤثر على حوالي (800) ألف موظف فيدرالي ، وقد أجبر أكثر من نصفهم على العمل بدون أجر طوال فترة الإغلاق ، بينما تم إقصاء النصف الآخر.
كان المشرعون الأميركيون قد وافقوا على حوالي (75%) من الانفاق التقديري للسنة المالية ، التي بدأت في مطلع أكتوبر الماضي ، ووقع عليها ترمب ، مع ذلك ، من الممكن أن يؤثر النزاع على تسع من بين خمس عشرة إدارة ، بالإضافة إلى عشرات الوكالات ، من ضمنها وزارة الأمن الوطني ، والنقل ، والداخلية ، والخارجية ، والزراعة ، والعدل ، بالإضافة إلى المتنزهات الوطنية والغابات ، و يجعل (800) ألف موظف فيدرالي عاطلين عن العمل ، كما يضطر بعضهم إلى العمل دون تقاضي رواتب ، حسبما نقلت وكالة أسوشيتيد برس الإخبارية.
وقد حصلت العديد من الوكالات الحكومية على التمويل بالفعل ، بما في ذلك وزارة الدفاع (البنتاجون) وإدارات شؤون المحاربين القدامى ، والصحة والخدمات الإنسانية ، وسيواصلون عملهم كالمعتاد ، بغض النظر عما إذا كان الرئيس والكونجرس سيتوصلان إلى اتفاق أم لا.
ولن يؤثر الإغلاق الجزئي للحكومة على وضع القوات التي ستبقى في مواقعها وتؤدي مهامها بشكل طبيعي ، كما يحصل الأطباء والمستشفيات على تعويضات.
ولن يتوقف عمل الوكالات الحكومية الأميركية الأساسية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ، وحرس الحدود ، وخفر السواحل ، وموظفي الجمارك والحدود ، لكن مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين سيجبرون على ترك أعمالهم ، وفقًا لوكالة أسوشيتيد برس الإخبارية>
واكد تقرير الديمقراطيين في لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ ، ان أكثر من (420) ألف موظف فيدرالي لن يتوقفوا عن العمل ، ولكنهم لن يتقاضوا رواتبهم أثناء الاغلاق الجزئي للحكومة ، ومن بينهم (41) ألف من موظفي إنفاذ القانون و (150) ألف من العاملين في الأمن الداخلي ، علاوة على (54) ألف من موظفي الجمارك وحماية الحدود ، و(42) ألف من خفر السواحل.
ولن يتوقف عن العمل (5000) من رجال الإطفاء العاملين في قطاع الغابات ، و (3600) من موظفي دائرة الأرصاد الجوية الوطنية ، مع احتمالات حصولهم على أجرهم بعد إعادة فتح الحكومة.
وإن أكثر من (380) ألف موظف سيحصلون على إجازات ، من بينهم جميع موظفي وكالة ناسا ، والعاملين في الإسكان والتطوير الحضاري ، ووزارة التجارة ، بالإضافة إلى (16) ألف موظف في المتنزهات القومية التي سيتم إغلاق العديد منها.
ويقول ترمب: إن هناك حاجة إلى (5) مليارات دولار لتوسيع وتحسين الحواجز الحدودية على طول الحدود المكسيكية ، أما معارضو الرئيس ، بمن فيهم البعض في حزبه الجمهوري ، فيتهمونه بتضخيم خطر الهجرة غير الشرعية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة.
ترمب يقول أيضاً: أنا فخور بفعل ما أفعله ، ولا أسمي ذلك إغلاقا ، بل أسميه فعل ما يجب فعله من أجل مصلحة البلاد وسلامتها.

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبخوث والدراسات الاستراتيجية