تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسمياً عند الساعة 11 من مساء يوم الجمعة 31 يناير/ كانون الثاني، لتطوي بذلك صفحة في كتاب “بريكست”، وتبدأ صفحة أخرى.
وستكون بريطانيا على موعد مع احتفالات، وإن كانت مصغرة، أمام دواننغ ستريت، حيث مقر الرئاسة، وويستمنستر، مقر البرلمان، تسبقها كلمة موجزة لرئيس الوزراء، بوريس جونسون. وستتزين ساحة البرلمان بالأعلام البريطانية، بينما ستعلن ساعة العد العكسي للحظة الخروج من الاتحاد. كما لن يفوت زعيم حزب “استقلال بريطانيا”، نايجل فاراج، الفرصة وسيستضيف مجموعة من مؤيدي “بريكست”.
”
لن ينتهي الحديث عن مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع بداية فبراير/ شباط القادم
”
على الرغم من أن جونسون كان قد وصف لحظة إقرار قانون “بريكست” في البرلمان البريطاني بأنها “اجتياز لخط نهاية بريكست”، إلا أن الحديث عن مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن ينتهي مع بداية فبراير/ شباط القادم، بل يبدأ بعد ذلك سباق جديد مع الزمن، لإبرام اتفاق تجاري بين بروكسل ولندن، يتوجب على الطرفين التوقيع عليه مع نهاية الفترة الانتقالية التي تنتهي مع نهاية العام الجاري.
وينص اتفاق “بريكست” على أن تبقى بريطانيا في عضوية السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الأوروبيين حتى نهاية عام 2020، في فترة انتقالية، يتفاوضان فيها على شروط العلاقة المستقبلية بينهما. وهو ما لا يقتصر على التجارة، وإنما يشمل التعليم والأمن والبحث العلمي وتشارك البيانات وغيرها.
ولذلك، لا شيء سيختلف عملياً عند الدقيقة الأولى بعد الساعة الحادية عشرة من مساء الجمعة، سوى دخول اتفاقية “بريكست” بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ.
ومع بدء المرحلة الانتقالية، ستختلف آليات التفاوض الحكومي مع بروكسل، وبخاصة بعد الأغلبية التي حققها جونسون في الانتخابات العامة الماضية؛ فالبرلمان البريطاني لن يقف في وجه السلطة التنفيذية كما فعل سابقه. وينعكس ذلك على مدى الغموض الذي يحيط بالخطوات التالية التي سيتخذها رئيس الوزراء البريطاني في شهر فبراير/ شباط المقبل.
إلا أنه ينتظر من جونسون أن يعلن عن تعديلات حكومية موسعة فور الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل إلغاء وزارة “بريكست”، ودمج وزارة التنمية الدولية بوزارة الخارجية، إضافة إلى إدخال أسماء جديدة إلى حكومة يريد منها أن تعكس تصوره لبريطانيا ما بعد “بريكست”. وينتظر أن يعلن عن ذلك التصور في كلمة أخرى يلقيها بداية الأسبوع المقبل.
وبالطبع ستشهد الفترة الانتقالية تطويراً للبنية التحتية في ما يتعلق بالجمارك والتحصيل الضريبي، وخاصة في ما يتعلق بالتسوية المرتبطة بأيرلندا الشمالية. كما سيتم تطوير نظام حدودي جديد يتوافق مع وضع بريطانيا خارج الكتلة الأوروبية.
أما مفاوضات الاتفاق التجاري، فلن تبدأ قبل شهر مارس/ آذار المقبل، نظراً لحاجة الجانب الأوروبي لترتيب أوراقه قبل الاجتماع بالطرف البريطاني. بينما ستباشر بريطانيا، وبزخم متوقع مفاوضاتها التجارية مع أطراف ثالثة ستكون الولايات المتحدة أهمها.
ولن تشهد الفترة الانتقالية أي تحول على صعيد الحياة اليومية لسكان بريطانيا، حيث تستمر الأمور على ما هي عليه، إذ سيكون بإمكان مواطني بريطانيا السفر إلى الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام الجاري من دون أية حاجة إلى تأشيرة دخول.
إلا أن المفوضية الأوروبية تعد نظاماً جديداً لعام 2021، يُعرف باسم نظام المعلومات والتصريح الأوروبي للسفر أو اختصاراً باسم (ETIAS)، ويماثل نظاماً أميركياً يُعرف باسم (ESTA). وسيعفي النظام الحاصل عليه من ضرورة الحصول على تأشيرة دخول، وستبلغ تكلفته 6 جنيهات إسترلينية وسيكون صالحاً لعدة سنوات.
كما لن تطرأ أي تعديلات على المداخل الحدودية للاتحاد الأوروبي، إلا أن الخارجية البريطانية تنصح مواطنيها بعدم السفر إلى دول الاتحاد بعد 31 يناير/ كانون الثاني في حال تبقّى أقل من ستة أشهر في صلاحية جواز السفر.
كما يتوقع أن تؤدي الثقة في الأسواق والتي منبعها يقين مسار “بريكست”، إضافة إلى إصدار الميزانية البريطانية الجديدة في فبراير/ شباط إلى تعزيز قيمة الجنيه الإسترليني أمام العملات الأجنبية، مما سيعزز القوة الشرائية لدى البريطانيين. لكن هذا التفاؤل قد يكون مؤقتاً فور تجاوز المرحلة المبدئية والدخول في المفاوضات التجارية.
إياد حميد
العربي الجديد