تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري يتجه لإعلان القطيعة التامة مع التيار الوطني الحر ومع عهد الرئيس اللبناني ميشال عون، وهذه الخطوة المتوقعة هي نتاج تراكمات سلبية تضاعفت مع تفجر الحراك الشعبي واختلاف الطرفين في سبل احتوائه.
بيروت – رجحت مصادر سياسية لبنانية أن يعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الجمعة المقبل، عن قطيعة بين “تيار المستقبل” الذي يتزعمه من جهة و”التيار الوطني الحر” الذي يرأسه صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل من جهة أخرى. ووصف سياسي لبناني الخطوة المتوقّعة للحريري بـ”الطلاق الكامل” مع عهد ميشال عون المدعوم من “حزب الله”.
وكشفت المصادر أن الحريري سيلقي خطابا بمناسبة مرور خمسة عشر عاما على اغتيال والده خلال إحياء للذكرى في “بيت الوسط” مقر إقامة سعد الحريري في بيروت. وقالت إنّه سيحدّد في هذا الخطاب الأسباب التي حملته على السير في العام 2016 في العملية السياسية التي سميّت “التسوية الرئاسية” والتي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية على الرغم من أنّه كان مرشّح “حزب الله” للرئاسة.
وأضافت المصادر ذاتها أن الحريري سيعلن فشل رهانه على ميشال عون، كما سيوضح الهنات التي أدت إلى فشل التسوية وأدت إلى انهيار لبنان ولماذا لم يعد ممكنا البقاء مع “التيّار الوطني الحر” في حكومة واحدة.
واغتيل رفيق الحريري مع مجموعة من مرافقيه، بينهم النائب باسل فليحان، في 14 فبراير 2005. وجرت العادة أن يكون إحياء الذكرى في مركز “بيال” الواقع على الشاطئ البيروتي والمعد لاستقبال احتفالات ضخمة، لكن سعد الحريري قرّر نقل مكان إحياء الذكرى إلى “بيت الوسط” لأسباب أمنيّة، بعدما تخوّف من تعمّد الحكومة الجديدة، بإيعاز من التيار الوطني الحر، وتشجيع من “حزب الله”، السماح بتسلل عناصر فوضوية إلى الطرقات المؤدية إلى مركز “بيال”.
وقال مصدر مطلع على مدى “حقد” ميشال عون وجبران باسيل و”حزب الله” على الحريري الأب أن الهدف من الإتيان بعناصر إلى المنطقة المحيطة بمركز “بيال” هو رشق المشاركين في إحياء ذكرى رفيق الحريري بالحجارة أو بالبندورة والبيض وافتعال اشتباكات يمكن أن تأخذ طابعا طائفيا ومذهبيا، خصوصا إذا استعان “التيّار الوطني الحر” على نحو مباشر بعناصر من حليفه “حزب الله”.
وذكر سياسي لبناني أن سعد الحريري سيستعين في خطابه بأرقام “دقيقة” لتأكيد أن التيّار الوطني الحر وراء قسم كبير من الهدر المالي الذي تسبب بالأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان حاليا.
وأشار في هذا المجال إلى أنّه سيركّز بشكل خاص على ملف الكهرباء الذي يتولاه “التيار البرتقالي” منذ ما يزيد على عشر سنوات والذي تسبب بإهدار ملياري دولار في السنّة، في أقل تقدير، بسبب اضطرار خزينة الدولة اللبنانية إلى تغطية كلّ هذا العجز في موازنة الدولة.
ووصف السياسي اللبناني مرحلة ما بعد خطاب سعد الحريري بأنها لا تشبه ما قبلها في ظلّ اقتناع زعيم “تيّار المستقبل” بأنّ لا مجال، بعد الآن، لأيّ تعاون مثمر وجدّي مع رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل الواقعين تماما تحت سيطرة حزب الله واللذين ينفذان سياسة ترمي إلى بقاء لبنان في ظلّ الهيمنة الإيرانية.
من جهة أخرى توقّعت أوساط سياسية لبنانية حصول حكومة حسّان دياب على ثقة مجلس النواب الذي تمثل أمامه ابتداء من الثلاثاء في ظل إجراءات أمنية شديدة شملت بناء جدران سدت شوارع معيّنة لمنع تسلل المتظاهرين إلى مبنى البرلمان.
وذكرت هذه الأوساط أنّ هذه الثقة ستكون هزيلة إلى حد كبير في ضوء قرار اتخذته الكتلة النيابية لـ”تيّار المسقبل” بحجب الثقة عن الحكومة مثلها مثل كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وأكدت هذه الأوساط تجاوز سعد الحريري ووليد جنبلاط الخلافات السابقة بينهما فيما تجري اتصالات من أجل إعادة المياه إلى مجاريها بين زعيم تيار المستقبل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي لديه خمسة عشر نائبا قرروا بدورهم حجب الثقة عن الحكومة الجديدة.
وكان لافتا الأحد كلام لمطران بيروت للطائفة المارونية بولس عبدالساتر الذي قال في حضور رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب “اليوم أودّ أن أُكملَ كلامي فأقول: ألا يحرِّكُ ضمائرَكم نحيبُ الأمّ على ولدها الذي انتحر أمام ناظرَيها، لعجزه عن تأمينِ الأساسي لعائلته؟ أو ليست هذه الميتة القاسية كافية حتى تُخرِجوا الفاسدَ من بينكم وتحاسبوه وتستردوا منه ما نهبَه لأنه ملكٌ للشعب..ألا يستحق عشراتُ الألوف من اللبنانيين الذين وثِقوا بكم وانتخبوكم أن تُصلحوا الخلل في الأداء السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، وأن تعملوا ليلا ونهارا، مع الثوار الحقيقيين أصحابِ الإرادة الطيّبة، على إيجاد ما يؤمّن لكلّ مواطن عيشة كريمة… وإلا فالاستقالة أشرَف”.
وجاءت دعوة مطران بيروت للموارنة كبار المسؤولين للاستقالة في خطبة ألقاها في مناسبة عيد مار مارون شفيع الطائفة المارونية في لبنان. وأشارت خطبته إلى وجود خط مختلف بين كبار رجال الدين الموارنة عن ذلك الذي يتبعه البطريرك بشارة بطرس الراعي الذي لا يتوقّف عن مسايرة خط رئيس الجمهورية.
العرب