أظهرت وثائق مالية اطلعت عليها وكالة “رويترز” ومحاورات مع مصادر بصناعة النفط أن ربع منصات الحفر النفطي في إيران أصبح معطلا عن العمل بفعل العقوبات الأميركية الخانقة على صناعة النفط في إيران الأمر الذي ينطوي على ضربة للقطاع في الأجل الطويل.
وبعض منصات الحفر الإيرانية معطلة لتعذر إصلاحها. إذ إن العقوبات زادت من صعوبة وتكلفة شراء قطع الغيار واستيرادها.
وقال محسن مهاندوست المدير بالجمعية الإيرانية لمهندسي البترول إن إيران تعتمد بالكامل على قطع الغيار المستوردة لمنصات الحفر، مضيفا أنه لم ير على مدار عشر سنوات قطعة غيار واحدة غير مستوردة من الخارج وأن أغلب هذه الواردات مصدره الولايات المتحدة أو أوروبا.
وأكد مهاندوست في مقابلة أننا “ما زلنا معتمدين على الدول الأخرى. الأمر أشبه بتعلم تشغيل التلفزيون بجهاز التحكم عن بعد دون أي فكرة عن كيفية صناعة التلفزيون”.
وأوضح أن العقوبات أدت إلى ارتفاع كلفة قطع الغيار إلى خمسة أمثالها الأمر الذي جعل إصلاح منصات الحفر غير ذي جدوى.
وقال مصدران بالصناعة إن إيران اشترت عشرات من منصات الحفر الصينية الجديدة والمستعملة خلال العقد الأخير غير أن الأجزاء الأساسية فيها لا تزال أميركية.
وقال رجل الأعمال رضا بني مهد الذي يعمل في طهران في مجال مشروعات الطاقة إن منصات الحفر الصينية كانت ملائمة للاحتياجات الإيرانية خلال السنوات التي ظلت ترزح فيها تحت العقوبات لكنها “افتقرت لخاصية القدرة على العمل لفترة طويلة التي تمتاز بها المنصات الأميركية والأوروبية”.
إغلاق الصنبور
ووفقا لمعلومات من مصدرين بصناعة النفط والمواقع الإلكترونية لشركات الحفر والنتائج المالية ربع السنوية أن ما لا يقل عن 40 منصة من حوالي 160 منصة حفر في إيران لا تزال معطلة عن العمل أو قيد الإصلاح.
وتتولى الشركة الوطنية الإيرانية للحفر التابعة لشركة النفط الوطنية الإيرانية تشغيل ما يقل قليلا عن نصف المنصات الإيرانية.
وقال مصدر مطلع على عمليات شركة الحفر إن الشركة لديها 73 منصة نفطية برية وبحرية غير أن 17 منها لا تدر دخلا كما أن ستة منها تعمل بشكل جزئي فقط.
وفي المقابل كان عدد المنصات المعطلة عن العمل خمساً في 2017 وأربعا في 2016.
وتملك ثاني أكبر شركة حفر إيرانية، حفر الشمال وهي شركة خاصة 12 منصة، وثلاث منها لا تعمل، أما المنصات الباقية وعددها 75 منصة فتملكها شركات صغيرة.
ولم تستطع “رويترز” التحقق من وضع كل المنصات المملوكة للقطاع الخاص غير أن مصدرين بالصناعة قالا إن 20 من هذه المنصات معطلة عن العمل.
وتملك إيران منصات أكثر عددا مما لدى السعودية التي أوضحت بيانات “أوبك” أن لديها 125 منصة.
غير أن مسؤولا نفطيا إيرانيا قال لوكالة “إرنا” في 2019 إن حوالي 85 في المائة من المنصات التي تملكها إيران تحتاج لصيانة وإصلاح، ويشير ذلك إلى أن عدد المنصات العاطلة سيواصل الارتفاع على الأرجح.
وقال المسؤول رضا مصطفوي طبطبائي “بمسار الأحداث هذا ستصبح كل منصات الحفر الإيرانية في غاية القدم وعدم الكفاءة في غضون السنوات الخمس المقبلة أو نحو ذلك”.
استغناءات عن العمالة
شرعت شركات الحفر الإيرانية أيضا في الاستغناء عن أعداد كبيرة من العاملين. وقد انخفض عدد العاملين في الشركة الوطنية للحفر إلى 2800 في 2019 من 9300 في 2017 حسب ما أظهر التقرير الفصلي للشركة.
ويمثل ذلك تحولا كبيرا عن الطفرة التي شهدتها الصناعة بعد توصل الحكومة الإيرانية لاتفاق مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أدى إلى وقف العمل بالعقوبات النفطية والمالية في 2016.
وزاد عدد المنصات من 130 إلى 157 منصة عقب هذا الاتفاق، وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض العقوبات في 2018 لإرغام إيران على قبول قيود أشد صرامة على نشاطها النووي وتقييد برنامجها الصاروخي وإنهاء دعمها لقوات تعمل لحسابها في الشرق الأوسط.
(رويترز)