أبقى البنك المركزي التركي، اليوم الخميس، سعر الفائدة الأساسية على ما هو عليه عند 8.25 في المئة، للمرة الأولى منذ نحو عام شهد تخفيض سعر الفائدة تسع مرات. وفور إعلان قرار اللجنة النقدية في البنك ارتفع سعر العملة التركية (الليرة) بشكل طفيف إلى 6.84 ليرة للدولار الأميركي.
كانت أنقرة أخذت في خفض سعر الفائدة منذ يوليو (تموز) العام الماضي، حين كانت عند 24 في المئة. وتوقعت “رويترز” و”بلومبيرغ” أن يقرر البنك خفض الفائدة للمرة العاشرة بنحو ربع أو نصف نقطة، لكن البنك فاجأ الأسواق بالإبقاء على سعر الفائدة كما هو.
جاء قرار البنك المركزي التركي بعد ساعات من إعلان مصدر مؤشرات الاستثمار “إم إس سي آي” أنه بصدد مراجعة وضع تركيا على المؤشر مع احتمال تخفيض تصنيفها وفقدانها وضع “اقتصاد صاعد” الذي يمكنها من جذب استثمارات الصناديق الخارجية إلى أسواقها. وربط المؤشر قراره المستقبلي باستمرار تردي وضع السوق التركية في ضوء سلسلة إجراءات اتخذتها أنقرة جعلت من الصعب على المستثمرين الأجانب شراء وبيع الأصول.
وفي تقريره الدوري بعنوان “مراجعة تصنيف الأسواق 2020″، ذكر مؤشر “إم إس سي آي” أنه “بينما زادت تقلبات الأسواق نتيجة وباء (كوفيد-19) فإن أسواق الأسهم العالمية استمرت في أدائها الجيد، ما سمح لمصدري الأسهم والسندات بالوصول إلى رأس المال وللمستثمرين بإدارة المخاطر خلال الأزمة، إلا أنه في الـ12 شهراً الأخيرة عانت اثنان من الأسواق الصاعدة، تركيا والأرجنتين، من التدهور الكبير في إمكانية الوصول إلى الأسواق، ما قد يؤدي إلى استبعادهما من مؤشر الأسواق الصاعدة في “إم إس سي آي”.
أهمية التصنيف
يُذكر أن الأرجنتين صعدت إلى وضع “اقتصاد صاعد” في مايو (أيار) الماضي بعد 10 سنوات من غيابها عن المؤشر، ما أدى إلى تراجع الاستثمارات في أسواقها. ويعد مؤشر “إم إس سي آي” للأسواق الصاعدة، الذي يضم أسواق 26 دولة، مرجعاً رئيساً للمستثمرين ومديري الصناديق في العالم لدى اتخاذهم قرارات الاستثمار في سوق بعينها.
ويلعب وزن الدولة على المؤشر الدور الرئيس في قرار هؤلاء المستثمرين الأجانب الدخول أو الخروج من أسواقها. ويُتوقع أن يؤدي قرار تخفيض وضع تركيا على هذا المؤشر من اقتصاد صاعد إلى “اقتصاد على الحدود” أو “قائم بذاته” إلى انسياب رؤوس الأموال من الأسواق التركية إلى الخارج بمعدل نحو 5 مليارات دولار.
وفي السنوات الأخيرة، تراجع وزن تركيا على مؤشر الأسواق الصاعدة إلى أقل من 1 في المئة (الآن عند 0.5 في المئة مقابل 2 في المئة من قبل). ويأتي ترتيبها بعد الهند وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وتايلاند. وحسب أرقام البنك المركزي التركي، يملك الأجانب الآن محافظ أسهم في حدود 23 مليار دولار – أرقام 15 يونيو (حزيران) الحالي – مقابل 83 مليار في عام 2013.
ويمكن فهم أسباب هروب رؤوس الأموال والاستثمار الأجنبي من تركيا في ضوء ما ساقه تقرير مؤشر “إم إس سي آي” حول أسباب إعادة النظر في وزن أنقرة على المؤشر وخفض تصنيفها. يورد التقرير أن الإجراءات التركية في الآونة الأخيرة لها أثر سلبي في الاستثمارات الخارجية في أسواقها، إضافة إلى أن هبوط سعر الليرة يجعل قيمة الأسهم والأصول التركية المقوّمة بالدولار تتراجع وتصبح أقل جاذبية.
من تلك القيود حظر نقل ملكية الأسهم ومنع التداول الذي يتوقع هبوط سعر الأسهم (Short-selling)، وتقول السلطات التركية إنها اتخذت تلك الإجراءات لمنع التلاعب والمضاربات. وفي مايو الماضي استبعدت أنقرة 3 بنوك أجنبية من السوق، وأجرت تحقيقاً مع بنك “جي بي مورغان” الاستثماري في 2019 بسبب تقرير له حول توقعاته لسعر الليرة التركية.
وفي تقريره الأخير، رفع المؤشر إيسلندا إلى وضع “اقتصاد صاعد” بعدما قررت إلغاء الإجراءات التي كانت اتخذتها ومثّلت قيوداً على وصول الصناديق الأجنبية إلى أسواقها. وتم شطب أسواق نيجيريا ولبنان وبنغلاديش بسبب التدهور الشديد في أسواقها.
خفض متواصل
نتيجة لتلك الإجراءات والمناخ العام للاستثمار الأجنبي في تركيا وعوامل تصنيف الدين السيادي الأخرى، تعرضت أنقرة لأكثر من تخفيض في تصنيفها الائتماني من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني الرئيسة، وتنتظر مراجعة لتصنيفها في الأشهر المقبلة حتى نهاية العام.
وينتظر أن تُصدِر مؤسسة “ستاندرد آند بورز” تصنيفها الائتماني لتركيا في 24 يوليو المقبل، وتُصدِر “فيتش” تصنيفها التالي في 21 أغسطس (آب) المقبل، بينما تُصدِر “موديز” تصنيفها الجديد لتركيا في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وحالياً، تصنف “ستاندرد آند بورز” الدين السيادي التركي عند B+ مستقر، أي أقل من المستوى الاستثماري بأربع نقط. وكذلك تصنف “فيتش” تركيا عند BB- مستقر، أي أقل من المستوى الاستثماري بثلاث نقاط، بينما تصنفها “موديز” عند B1 توقُع سلبي، أي أقل من مستوى الاستثمار بأربع نقاط أيضاً.
وحسب أفضل تصنيف من “ستاندرد آند بورز” لتركيا، يتساوى وضعها الائتماني مع بنين وبوليفيا والأردن وكينيا ورواندا. أما “موديز” فإنها تساوي الوضع الائتماني للدين السيادي التركي مع بوليفيا وتنزانيا، وبحسب تصنيف “فيتش” تتساوى تركيا مع بنغلاديش وغواتيمالا وأوزبكستان.
أحمد مصطفى
اندبندت عربي