انخرطت مختبرات طبية شهيرة في سباق المرحلة الأخيرة للتجارب السريرية الهادفة إلى تطوير لقاحات مضادة لفايروس كورونا. وفي حين أن النتائج التي تم التوصل إليها تبدو مطمئنة وتبشر بقرب نهاية المعركة المستمرة منذ عدة أشهر ضد الوباء، فإن الموافقة النهائية على اللقاحات من الجهات التنظيمية بعد التأكد من بيانات السلامة والمناعة ستدعم الاستخدام الواثق لأكثر اللقاحات فاعلية.
واشنطن – يحبس العالم أنفاسه في انتظار التوصل إلى لقاح آمن وفعال ضد فايروس كورونا الذي أصاب الملايين وأودى بحياة أكثر من مليون شخص حتى الآن، وأوقف عجلة الاقتصاد في جميع أنحاء العالم.
وفي خضم الأخبار الطبية المبشّرة بشأن توفر أكثر من لقاح للقضاء على الوباء، قالت شركة أسترازينيكا الاثنين، إن فاعلية لقاحها للوقاية من فايروس كورونا المستجد قد تصل إلى نحو 90 في المئة ودون أي آثار جانبية خطرة.
وأسترازينيكا هي أحدث شركة أدوية تكشف عن بيانات إيجابية مبدئية في السباق العالمي لاحتواء الجائحة.
وأظهرت بيانات تجارب مراحل متقدمة في بريطانيا والبرازيل أن اللقاح الذي طورته الشركة بالتعاون مع جامعة أكسفورد تصل فاعليته إلى 90 في المئة في الوقاية من كوفيد – 19، إذا تم التطعيم بنصف جرعة في البداية ثم جرعة كاملة، وبينهما شهر على الأقل.
وأظهرت طريقة أخرى في التطعيم فاعلية نسبتها 62 في المئة، إذا تم التطعيم بجرعتين كاملتين يفصلهما شهر على الأقل، وبالتالي أظهر التحليل المجمع للبيانات من طريقتي التطعيم متوسط فعالية 70 في المئة للحماية من الفايروس.
وقالت الشركة إن التجارب لم تكشف عن أي وقائع خطرة متعلقة بالسلامة، وكان تحمل المشاركين له جيدا في طريقتي التطعيم.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني الأنباء بأنها “أخبار طيبة للغاية أن لقاح أكسفورد أثبت فاعلية كبيرة لهذه الدرجة في التجارب”.
وجاءت النتائج التي تظهر نطاق فاعلية بين 60 و90 في المئة بعد أن نشرت شركات أميركية منافسة نتائج أولية في الأسابيع الماضية تظهر فاعلية تفوق 90 في المئة.
وعلى الرغم من أن فاعلية لقاح أسترازينيكا أقل من فاعلية لقاحات شركات أميركية منافسة، إلا أن خبراء الصحة يقولون إن البيانات ستعزز الثقة في فرص النجاح في تطوير عدة لقاحات للوقاية من المرض بطرق مختلفة إذ أن العالم سيحتاج للكثير من اللقاحات للوفاء بالطلب العالمي.
ومن جانبها، أعلنت شركة نوفافاكس الأميركية للتكنولوجيا الحيوية، نجاح لقاحها في “منع العدوى” بين قرود المكاك الريسوسي.
شركة نوفافاكس الأميركية للتكنولوجيا الحيوية تعلن نجاح لقاحها في منع العدوى بالفايروس بين قرود المكاك الريسوسي
ووصف العلماء اللقاح بـ”الاختراق المثير” الذي من شأنه أن يضع نهاية للمعركة المستمرة منذ عدة أشهر ضد الوباء، إذا ثبتت فعاليته في منع انتقال العدوى بالفايروس بين البشر، لكنهم دعوا إلى توخي الحذر، نظرا إلى اختلافات طريقة عمل الفايروسات لدى القرود والبشر.
وكانت نوفافاكس قد أعلنت في أبريل الماضي أنها حددت اللقاح المرشح للاختبار، وهو (إن.في.إكس – كوف 2373) الذي تعتزم أن تستخدم به المادة المناعية المساعدة (ماتريكس – إم) في تحسين الاستجابات المناعية.
والغرض من المواد المساعدة هو تعزيز الاستجابة المناعية التي تتولد عن لقاح ما، وهي توفر وقاية من الأمراض المعدية تستمر لفترة أطول.
وبعد نجاح تجربتها الأولية على الفئران، منحت شركة نوفافاكس العشرات من قرود المكاك الريسوسي جرعتين من لقاحها، متفاوتة القوة، بفارق ثلاثة أسابيع قبل أن تصيبهم بفايروس كورونا، حيث لم يتسبب الفايروس في إصابة معظم القرود بالمرض، وعندما تم نسخه فقط في رئتي قرد واحد حصل على أقل جرعة من اللقاح، قاوم القرد العدوى خلال 4 أيام.
وتدرس شركة الأدوية الأميركية حاليا ما إذا كانت لللقاح نفس الفاعلية على البشر، ومن شأن ذلك القضاء نهائيا على الوباء ورفع القيود الاحترازية والإجراءات الوقائية التي دمرت الاقتصاد العالمي.
وقال الدكتور غريغوري غلين، رئيس قسم البحث والتطوير في نوفافاكس “إذا حدث نفس التأثير على البشر، فسيكون هذا هو السيناريو الحلم للقاح”.
ووافقت الحكومة البريطانية على شراء 60 مليون جرعة من لقاح “نوفافاكس”، لضمان توزيعه في أسرع وقت ممكن، إذا تمت المواقة النهائية عليه من الجهات التنظيمية بعد التأكد من بيانات السلامة والمناعة والفعالية للقاح التي ستدعم الاستخدام الواثق للقاح.
ووصل السباق لإنتاج اللقاح الأكثر فاعلية إلى ذروته، مع إعلان شركة “فايزر” الأميركية وشريكتها ”بايونتيك” الألمانية عن تطوير لقاح “فعال بنسبة تتجاوز 90 في المئة” ضد كوفيد – 19 وفقا للنتائج الأولية للمرحلة النهائية من التجارب السريرية التي ما زالت مستمرة، في وقت تشهد حصيلة الحالات والوفيات بالفايروس ارتفاعا كبيرا في جميع أنحاء العالم.
إضافة إلى ذلك، منحت الإدارة الأميركيّة للأغذية والعقاقير (أف.دي.أي) موافقة طارئة لاستخدام علاج لكوفيد – 19 طوّرته شركة التكنولوجيا الحيويّة “ريجينيرون” وكان استُخدم خصوصًا لعلاج الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب الإدارة الأميركيّة للأغذية والعقاقير، فإن علاج ريجينيرون، المسمّى ريجن – كوف – 2، وهو مزيج من اثنين من الأجسام المضادّة تم تصنيعه في مختبر، يُقلّل من إصابات كوفيد – 19 التي تستلزم دخول المستشفى أو غرف الطوارئ لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض ثانوية أو “أمراض مصاحبة”.
وأوضح المسؤول في إدارة الأغذية والعقاقير، ستيفن هان، أنّ “السماح بهذه العلاجات بالأجسام المضادّة الأحادية النسيلة قد يُتيح للمرضى تجنّب دخول المستشفى ويُخفّف العبء على نظام الرعاية الصحية لدينا”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة ريجينيرون، ليونارد شلايفر، إنّ هذا القرار يشكّل “خطوة مهمة في مكافحة كوفيد – 19، إذ سيتمكّن المرضى المعرّضون لمخاطر عالية في الولايات المتحدة، من الحصول على علاج واعد في وقت مبكر من مسار العدوى”.
وتحاكي هذه الأجسام المضادّة الجهاز المناعي الذي تخلقه الإصابة بالمرض، من خلال عرقلة بلوغ الفايروس ذروته في جسم المصاب، أي عرقلة نيل المرض من الخلايا البشرية واختراقها.
ويُعتبر فعّالاً أكثر في المرحلة الأولى من الإصابة بالفايروس، عندما تكون لدى الأجسام المضادة فرصة السيطرة على المرض وليس في المرحلة الثانية من الإصابة، ولا يعود الفايروس نفسه الخطر إنما التفاعل المفرط للجهاز المناعي الذي يضرب الرئتين وأعضاء أخرى.
وعلاج “ريجينيرون” هو ثاني علاج بالأجسام المضادة الاصطناعية يحصل على “ترخيص استخدام بشكل عاجل” من الإدارة الأميركيّة للأغذية والعقاقير. ومُنحت موافقة استخدام علاج مماثل طوّرته شركة “إيلي ليلي” الأميركية في التاسع من نوفمبر.
ووقعت شركة ريجينيرون عقوداً عدة مع الإدارة الأميركية من بينها عقد تصل قيمته إلى 450 مليون دولار، لتصنيع كمية كبيرة من الجرعات في الولايات المتحدة. وأعلنت الحكومة في أواخر أكتوبر شراء 300 ألف جرعة من علاج شركة “ليلي” مقابل 375 مليون دولار، أي 1250 دولارا للجرعة الواحدة.
وتسبب الوباء بوفاة أكثر من مليون شخص على الأقل في العالم منذ أن أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض في أواخر ديسمبر 2019.
العرب