بغداد – استهدفت عشرة صواريخ على الأقل الأربعاء قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أميركية في الأنبار بغرب العراق، في خطوة يعتقد مراقبون أن الهدف منها قياس ردة فعل الإدارة الأميركية الجديدة، وهل سترد الفعل أم ستقبل بهذه الهجمات كأمر واقع وتكتفي بالتحذيرات كما فعلت الإدارة السابقة؟
وأوضح المتحدث باسم التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين في العراق واين ماروتو في تغريدة أن “عشرة صواريخ استهدفت صباح الأربعاء قاعدة عسكرية عراقية هي قاعدة عين الأسد التي تضم قوات من التحالف”.
وأضاف ماروتو أن “قوات الأمن العراقية تقود التحقيق” في الهجوم، علمًا أن واشنطن تنسب الهجمات المماثلة غالبا إلى الميليشيات الموالية لإيران.
ويقول المراقبون إن الميليشيات لم تتعاط بجدية مع الضربات التي وجهتها إدارة الرئيس جو بايدن لتمركزاتها على الحدود السورية العراقية منذ أيام وقتلت 22 من عناصرها بينهم قيادي في الحشد الشعبي، وأنها تريد جر الأميركيين إلى تصعيد غير محسوب في وقته تنفيذا لأجندة إيرانية تريد أن تقايض الوضع في العراق بملفات أخرى.
وأكد مصدر أمني عراقي أن الصواريخ أطلقت من قرية قريبة من عين الأسد، وهي منطقة صحراوية، فيما أوضحت مصادر عراقية وغربية أن غالبية الصواريخ التي استهدفت القاعدة سقطت في القسم الذي يتمركز فيه عسكريون وطائرات مسيّرة أميركية تابعة للتحالف الدولي.
الصواريخ المعتمدة هي من نوع “آرش” إيرانية الصنع، وهي ذات دقّة أعلى من الصواريخ التي تستهدف عادة مواقع غربية في العراق
وأشارت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة القوات الأمنية العراقية بدورها إلى أن الصواريخ التي استخدمت في الهجوم هي من طراز “غراد”، موضحةً أن الهجوم لم يتسبب في “خسائر تذكر”.
لكن المصادر في البنتاغون أفادت بوفاة متعاقد مدني أميركي مع التحالف في القصف الذي استهدف قاعدة عين الأسد.
وأكدت مصادر أمنية غربية، من جهتها، أن الصواريخ التي استهدفت القاعدة هي من نوع “آرش” إيرانية الصنع، وهي ذات دقّة أعلى من الصواريخ التي تستهدف عادة مواقع غربية في البلاد.
وصواريخ “آرش” هي نسخة إيرانية الصنع من طراز “غراد”. وتحدّث تقرير نشرته وكالة “تسنيم” الإيرانية في يوليو 2020 عن تطوير الحرس الثوري الإيراني هذه الصواريخ بهدف جعلها أكثر دقّة، لتصبح دقة تصويبها سبعة أمتار.
وبحسب تسنيم، يبلغ عيار هذه الصواريخ 122 ملم ومداها 22 كلم، وهي مزودة برأس حربي يبلغ وزنه 19 كلغ، في حين أن الوزن الإجمالي للصواريخ يبلغ 64 كلغ.
ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم، فيما لم تحمّل بغداد أيّ طرف مسؤولية الهجوم. إلا أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي صرّح الأربعاء بأن “أي طرف يعتقد أنه فوق الدولة أو أنه قادر على فرض أجندته على العراق وعلى مستقبل أبنائه، فهو واهم”، بحسب تغريدة نشرها مكتبه الإعلامي.
وكان الكاظمي تعهد بوقف الهجمات الصاروخية لكنه يواجه صعوبة في محاسبة الفصائل المسؤولة، ما يثير استياء الولايات المتحدة. وفي أكتوبر هددت الولايات المتحدة بإغلاق سفارتها في بغداد إذا لم تتوقف الهجمات فوافقت الجماعات المتشددة على هدنة لأجل غير مسمى.
لكن وقعت عدة انتهاكات على نحو متقطع منذ ذلك الحين.
وتكثفت الهجمات في الآونة الأخيرة على مواقع تضم قوات أجنبية، فقد استُهدف قبل أكثر من أسبوعين مجمع عسكري في مطار أربيل بشمال العراق تتمركز فيه قوات أجنبية من التحالف، ما أدى إلى سقوط قتيلين بينهما متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.
وفي فبراير أيضا سقطت صواريخ قرب السفارة الأميركية في العراق، وأخرى على قاعدة بلد الجوية شمالاً، في هجوم أسفر عن جرح موظف عراقي يعمل في شركة أميركية لصيانة طائرات “أف – 16”.
وفي السادس والعشرين من فبراير استهدف قصف أميركي كتائب حزب الله (فصيل عراقي موال لإيران على الحدود السورية العراقية) في هجوم جاء ردا على استهداف الأميركيين في العراق. وقال الرئيس الأميركي حينها إن الضربات الجوية الأميركية في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير.
ويذكّر الهجوم الجديد بالصعوبات اللوجستية التي تحيط بالزيارة التي سيؤديها البابا فرنسيس إلى العراق. لكن البابا أكد الأربعاء أنه سيقوم بزيارته على الرغم من الهجوم الصاروخي، موضحا في عظته الأسبوعية “سأذهب إلى العراق لزيارة حج من ثلاثة أيام”.
وينتظر أن يزور البابا، الجمعة، بغداد ويقيم قداسا في أربيل الأحد في ملعب سيشارك فيه عدد كبير من المصلين. لكنه لن يتمكن من لقاء الحشود كما يفعل عادة، علما أن الإجراءات الصحية التي بدأت السلطات بفرضها قبل أسبوعين تشمل حظر تجوال خلال أيام الجمعة والسبت والأحد، لكنها ستُمدد يوما إضافيا خلال الزيارة.
العرب