مع اقتراب جائحة كورونا من الانتهاء، زاد الاهتمام بالعواقب الاقتصادية العالمية المترتبة عنها بعد أشهر من الخوض في جدلية إنقاذ الاقتصاد أم الأرواح.
وقال الكاتب خوان كورونا -في تقرير نشرته صحيفة “أتلايار” (Atalayar) الإسبانية- إن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم بأسره -والناجمة إلى حد كبير عن سوء إدارة الوباء من غالبية الحكومات- لها خصائص مختلفة عن الأزمات الكلاسيكية الناتجة عن الكساد.
ولا يعزى الجمود الاقتصادي العالمي -وفق التقرير- إلى قضايا الاقتصاد الكلي المعروفة، وإنما إلى القرارات السياسية التي أثرت على غالبية القطاعات الإنتاجية.
تسريع حملات التطعيم
وأوضح الكاتب أن نسبة الانكماش الاقتصادي العالمي، الذي سببته الجائحة، يتجاوز ما خلفته أزمة 2008، في وقت توقّع صندوق النقد الدولي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3 نقاط عن كل شهر إغلاق.
لذلك، من الضروري -يقول الكاتب- تسريع حملات التطعيم للعودة إلى الحياة الطبيعية في أسرع وقت ممكن.
وأشار الكاتب إلى أن السياسات الاقتصادية المستقبلية يجب أن تكون مصممة لمواجهة تداعيات الوباء. ومقارنة بالأزمات السابقة، فإن بعض الظروف ملائمة لإنعاش الاقتصاد، خاصة أن القدرة الإنتاجية لم تتلاش، وإنما ظلت ثابتة في مستوى محدد.
ومع أن هذا الأمر سيسمح بتحقيق معدلات نمو كبيرة على المدى القصير؛ إلا أنه يجب ألا ننسى غياب الوحدات الإنتاجية في مختلف القطاعات، يضيف الكاتب.
وبرأي الكاتب يمكن حلّ هذه المشكلة إذا ما اعتُمدت التدابير المناسبة لتعزيز قطاعات؛ مثل التقنيات الجديدة والمبيعات عبر الإنترنت وما إلى ذلك. كما شهدت عادات الاستهلاك تغييرات على المدى القصير، بيد أنه لا يمكن الحديث عن اتساقها على المدى المتوسط.
وأكد الكاتب أنه يتحتّم على السياسيين الالتزام بتنفيذ تدابير سياسة اقتصادية تعوّض بشكل فعال نقاط الضعف في نموذج الإنتاج والاستهلاك الجديد.
القلق من السياسات الكينزية
وقال الكاتب “تعمل مختلف الحكومات على تطبيق ما يسمى بـ(السياسات الكينزية)، وهو أمر مثير للقلق لسببين؛ أولهما التفسير الجزئي والخاطئ للنظرية الكينزية، وثانيهما التكييف غير الملائم لهذه السياسات مع الأزمة الحالية”.
وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، أوضح الكاتب أن ما يشهده الاقتصاد العالمي ليس أزمة طلب، كما أن الإنفاق الحكومي لم يتوقف عن الارتفاع في الأشهر الأخيرة. ولكن على مدى عقود، لن تتمكن الدول بالإيرادات الحالية من مجاراة الإنفاق؛ مما سيؤدي إلى زيادات مفرطة في المديونية العامة.
ثانيا، تقوم النظرية الكينزية الموجهة نحو زيادة النمو على الزيادة في الإنفاق الحكومي مقابل إقرار تخفيض ضريبي حتى لا يتلاشى تأثير المضاعف المالي. وهو نهج يصعب على السياسيين فهمه، باعتقاد الكاتب.
ونبّه الكاتب إلى أن جمع البنوك المركزية بين السياسة المالية التوسعية والتحفيز المالي قد يكون له نتائج إيجابية على المدى القريب والمتوسط؛ لكن قد يسبب زيادة في التضخم على المدى الطويل، ورفعا في نسبة الفائدة، وحدا من السيولة. وقد تتزامن هذه الإجراءات مع ارتفاع الدين العام، وهو ما يعني أن آفاق الاقتصاد العالمي المستقبلية لن تكون واعدة.
ويقول الكاتب إن البشرية تبذل جهودا حثيثة أثبتت فعاليتها في مكافحة جائحة كوفيد-19؛ لكن هل ستكون قادرة في المدى القريب على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية في ظل تسبب الدين العام بالفعل في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي العالمي؟.
المصدر : أتلايار