الحروب وكورونا والمناخ.. ثالوث يدمر غذاء العالم

الحروب وكورونا والمناخ.. ثالوث يدمر غذاء العالم

باريس – تتعرض مساحات واسعة من الأرض لمجموعة من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على تأمين غذاء الملايين من البشر. وبات الأمر الأكثر إلحاحا الذي يطارد المسؤولين والمنظمات الدولية في ظل استمرار الصراعات العسكرية وأزمة كورونا وأخطار التغييرات المناخية هو كيف يمكن مقاومة أو الحد من كل هذه المشكلات التي قد تتفاقم مع مرور الوقت؟

ويحتل هذا التساؤل صدارة أولويات الكثير من المهتمين بمسألة توفير الأغذية للناس بعد أن شكل العام الماضي نموذجا لما قد يواجهه العالم في المستقبل بسبب تنوع الأزمات، إذ يعني التراخي في حل الأزمة زيادة الوضع الإنساني سوءا، وهو ما تشهده بلدان عربية في مقدمتها اليمن والسودان، ناهيك عن مناطق أخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

وبينما كان العالم يعيش على وقع اتساع رقعة التوترات وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، فوجئت البشرية بظهور وباء كورونا في العام الماضي الذي أصاب حتى الآن أكثر من 157.5 مليون شخص وأودى بحياة أكثر من ثلاثة ملايين إنسان، ما دفع المهتمين بقضايا الغذاء إلى التحذير من دخول جحافل جديدة من الناس إلى دائرة الجوع.

وشكل تقرير الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية الصادر حديثا صدمة لكثير من المراقبين بعد أن حذرت من أن غياب الأمن الغذائي الحاد والذي ازداد حدة في 2020 تحت تأثير النزاعات والأزمات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب وباء كوفيد – 19 وحوادث مناخية قد يتوسع أكثر خاصة بعد أن توقع الخبراء في تقريرهم أن يكون 2021 عاما “صعبا”.

وتتابين درجات انعدام الغذاء التي اعتمدت الشبكة في تقييمها على أساسها، ولكنها تجتمع كلها في نقطة أساسية ألا وهي أن إغاثة هؤلاء تشكل التحدي الأكبر لإنقاذهم من الموت جوعا.

وتشير الأرقام التي ساقها التقرير إلى أن قرابة 155 مليون شخص في 55 بلدا كانوا في وضع أزمة من الدرجة الثالثة على السلم الدولي للأمن الغذائي أو أسوأ. وأوضح خبراء الشبكة خصوصا منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأغذية العالمي أن هذا العدد يشكل زيادة بعشرين مليونا عن 2019.

ولم يتوقف التقرير عند إظهار تلك الحالة، بل ذكر الخبراء أن أكثر من 28 مليون شخص في 38 دولة كانوا في العالم الماضي في حالة “طوارئ غذائية” (المرحلة الرابعة وما بعدها). والدول الأكثر تضررا هي خصوصا جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن وأفغانستان.

وكان نحو 133 ألف شخص العام الماضي في حالة كارثة/ مجاعة، وهي المرحلة الخامسة وهي الأعلى في سلم عدم توفر الغذاء. ويظهر ذلك بوضوح في اليمن وبوركينا فاسو وجنوب السودان. وقال التقرير إنه “تم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وفيات بالجملة والانهيار التام لسبل العيش”.

ويرى دومينيك بورجون مدير قسم الطوارئ في الفاو أن هذه الأرقام “الكارثية” تظهر خطورة الوضع وضرورة التحرك السريع والمنسق وأن الرد يجب ألا يكون إنسانيا فقط بل يجب أن يعمل على معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي. وأشار إلى أنه “بالنسبة إلى مئة مليون شخص يواجهون أزمة غذائية حادة في 2020 كان السبب الرئيسي مرتبطًا بالنزاعات وانعدام الأمن”، مقابل 77 مليونا في 2019.

وكل هذه النزاعات تسببت في ست من أكبر عشر أزمات غذائية العام الماضي في الكونغو الديمقراطية واليمن وأفغانستان وسوريا ونيجيريا وجنوب السودان. وبالنسبة إلى أربعين مليون شخص كانت الأزمات الاقتصادية السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي مقابل 24 مليونا في 2019.

وقال بورجون إن “الوباء أدى إلى تفاقم نقاط ضعف” النظم الزراعية على جميع المستويات. كما أدى التأثير الاجتماعي والاقتصادي لكوفيد – 19 إلى تفاقم الأزمات في السودان وزيمبابوي وهايتي.

وبالنسبة إلى قرابة 15 مليون شخص كانت “الصدمات المناخية” السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي لديهم، وهو عدد أقل بكثير مما سجل في 2019 حيث بلغ 34 مليون شخص. وأدت العواصف الاستوائية والأعاصير والفيضانات خصوصا إلى زيادة المشاكل الغذائية في أميركا الوسطى وهايتي.

ويتنبأ خبراء الشبكة العالمية لمكافحة الانعدام الغذائي بمن فيهم بورجون في تقريرهم بأن تبقى النزاعات السبب الرئيسي لأزمات الغذاء، في الوقت الذي سيواصل فيه كوفيد – 19 وتدابير القيود الصحية التي تنجم عنه زيادة انعدام الأمن الغذائي الحاد في الاقتصادات الهشة.

العرب