بفارق ساعات قليلة على إطلاق سراح قاسم مصلح، تمّ استهداف مطار بغداد الدولي حيث يتمركز عسكريون أميركيون، بثلاث طائرات مسيّرة أسقطت واحدة منها، وفق ما أفاد الجيش العراقي في بيان صدر الخميس. وقالت خلية الإعلام الأمني إن واحدة من الطائرات الثلاث أسقطت، مضيفة أنها ستكشف لاحقا عن مصير الطائرتين المتبقيتين اللتين استخدمتا أيضا في الهجوم.وحمل الهجوم على مطار بغداد تطوّرا نوعيا رغم أنّه رابع هجوم بطائرة مسيرة مفخخة يجري في العراق، لكنه الأوّل من نوعه الذي يتّم باستخدام هذه التقنية الهجومية في العاصمة العراقية.
وفي وقت سابق، تعرضت قاعدة “عين الأسد” العسكرية في العراق لهجومين متتالين بطائرات عسكرية مُسيرة، مما يغذي المخاوف الأميركية بشأن حلول طائرات “درون” محل الصواريخ، في وقت يتوقع مراقبون أن يؤدي الأمر إلى رفع سقف المواجهة الأميركية الإيرانية على أرض الرافدين.
وبهذا الهجوم انتقلت المليشيات الولائية من الصواريخ إلى “الدرون” حيث أرادت أن تقلد ميليشيات الحوثيين في اليمن، فذهبت إلى الحليف الإيراني تطلب طائرات مسلحة بدون طيارين وخبراء إطلاقها لتوجيهها نحو السفارة الأميركية في بغداد والقواعد التي تستضيف قوات تدريب أميركية في أنحاء متفرقة من العراق، بدلاً من الصواريخ التي دأبت على إطلاقها بين حين وآخر في اتجاه تلك الأهداف بلا نتيجة.
وفي ذهن قادة الميليشيات أن العملية سهلة وأن القوات الأميركية لن ترد على منفذيها، خصوصاً إذا تم قتل بعض العسكريين الأميركيين في تلك القواعد. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، القائد الأعلى للقوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط قوله بأن «الطائرات المسيّرة المسلحة تشكل تهديداً خطيراً، وأن القوات الأميركية تعمل على قدم وساق من أجل ابتكار الوسائل المناسبة لمكافحة تلك الهجمات الجديدة».
كما اعتبر خلال حديثه في إحاطة هاتفية أمس، أن تلك الميليشيات تلجأ إلى هذا الأسلوب لأنها لم تتمكن من إجبار حكومة العراق على طلب رحيل القوات الأميركية، وأن ضغوطها السياسية لم تنجح، “لذا هم الآن يتجهون إلى النهج الحركي الهجومي”.
كما قال مايكل مولوري، الضابط الأسبق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كبير مسؤولي سياسات الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية، إنه «من خلال التقنيات التي يوفرها (فيلق القدس) صارت الطائرات الإيرانية المسيّرة المسلحة أكثر تطوراً، وذات تكلفة منخفضة نسبياً». وأضاف أن «الطائرات المسيّرة من المشكلات الكبيرة، وهي من أخطر التهديدات التي تواجه الجنود الأميركيين في العراق الآن».
واعتبر التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في العراق، الخميس، أن الهجمات ضد الحكومة المركزية وإقليم كردستان والتحالف تقوض سيادة القانون في البلاد. وجاء ذلك في تغريدة على تويتر للمتحدث باسم التحالف واين ماروتو في أول تعليق على استهداف قاعدة بلد الجوية ومطار بغداد الدولي. وقال ماروتو “كل هجوم ضد الحكومة العراقية وإقليم كردستان والتحالف الدولي، يقوض سلطة المؤسسات العراقية، وسيادة القانون والسيادة الوطنية العراقية”.
وتعتقد أجهزة الاستخبارات الأميركية، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” بأن فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني هو من يتولى تطوير ونقل هذه النوعية من الطائرات إلى ميليشيات إيران في العراق، وأن الفيلق ينتظر النتائج الأولية لهذه الهجمات، ليحدد الاستراتيجية التي سيستخدمها حسبها.
ويرى المتابعون للشأن العراقي إن هناك تغيرات قد تطرأ على المشهد العسكري والسياسي في المواجهة الأميركية الإيرانية في الداخل العراقي إذا ما تحولت الطائرات المُسيرة إلى أداة الفصائل الموالية لإيران في مواجهة القوات الأميركية. وأن استراتيجية الطائرات المُسيرة سوف ترفع من مستويات المواجهة، لأنها ستوقع مزيداً من الضحايا، وحيث أن الولايات المُتحدة وقتها مُجبرة على الرد.
فالهجمات الصاروخية التي كانت تطال القواعد العسكرية حتى الآن كانت قابلة للاحتواء من قِبل الطرف الأميركي، والرد أحياناً في مواضع بذاتها، خصوصاً ضد قواعد الملبشيات الولائية على الحدود السورية العراقية، لكن تلك الصفحة سوف تُطوى مع دخل الطائرات المُسيرة، التي ستكون مجهولة الجهة غالباً، وتالياً سيكون ثمة مواجهة أميركية إيرانية مباشرة. فإن استخدام الطائرات المُسيرة سيسمح بتصغير أحجام وظهور القوة الضاربة، إلى مجموعات تقنية تُعد بالعشرات، تنفذ مهام مطلوبة منها بكل دقة، وبتكلفة مالية واستخباراتية أقل مما هي المجموعات المؤلفة من عشرات الآلاف من المقاتلين.
جماع القول، يجب وضع ضوابط لاستخدام «الدرون» في مهام قوات متخصصة تابعة للجيش العراقي حصراً داخل العراق وخارجه بقرارٍ ملزم من القائد العام مهما كانت الأسباب لأن بعض الكحل يسبب العمى.
وحدة الدراسات العراقية