مناوشات ثأر ومناطق نفوذ في مناخ طائفي متأزم بلبنان

مناوشات ثأر ومناطق نفوذ في مناخ طائفي متأزم بلبنان

بيروت – رفع هجوم على جنازة لقيادي محلي من حزب الله في منطقة خلدة وما تلاه من اشتباكات منسوب التوتر الطائفي في لبنان. وتم الهجوم، الذي قاد إلى سقوط ثلاثة قتلى، عقب كمين استهدف جنازة علي شبلي، المسؤول في حزب الله الذي قُتل السبت بجريمة ثأر في حفل زفاف جنوبي بيروت.

ووقع إطلاق النار في بلدة خلدة التي تقع جنوبي بيروت ويتأجج فيها التوتر بين السنة والشيعة منذ وقت طويل، ودفعت الواقعة الزعماء إلى التحذير من التصعيد في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة سياسية حادة أعاقت تشكيل حكومة لبنانية لأكثر من عشرة أشهر بالرغم من مساع وضغوط دولية مختلفة.

ووصف حزب الله الذي يملك ترسانة كبيرة من السلاح والمدعوم من إيران الهجوم بأنه “عدوان كبير” وحذر من عواقب وخيمة “ما لم يتم توقيف هذه العصابات”.

فؤاد مخزومي: ما حصل في خلدة يؤكد الغياب الصارخ لمنطق الدولة

وأعلنت عشائر عربية سنية مسؤوليتها عن إطلاق النار وقالت إنه انتقام لمقتل أحد أتباعها في خلدة العام الماضي. وهذا التوتر هو استمرار لصراع قديم بين هذه العشائر والحزب الشيعي.

وقال الجيش اللبناني إن المخابرات العسكرية اقتحمت منازل عدد من المطلوبين واعتقلت رجلا ضالعا في الهجوم على الجنازة. وقال المصدر الأمني إنه تم أيضا اعتقال مشتبه به آخر.

وانتشرت قوات الجيش بكثافة في خلدة حيث تمركزت عربة مصفحة خارج منزل شبلي وشوهدت أظرف الرصاص الفارغة على الأرض.

وأعلن حزب الله أنه يسعى للحفاظ على الهدوء لكنه حذر من أنه لن يتمكن من السيطرة على كل الناس الغاضبين من الهجوم الذي وصفه بأنه كمين مدبر.

وقال حسن فضل الله النائب عن حزب الله خلال مقابلة مع تلفزيون “الجديد” في ساعة متأخرة من مساء الأحد “لا تريدون الفتنة؟ تفضلوا سلموا هؤلاء القتلة إلى الدولة”.

وأضاف “الناس في حالة غليان… نحن لا نستطيع أن نضبط كل الناس”.

وأعلن تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري يوم الأحد أنه على اتصال بالعشائر السنية في المنطقة للعمل من أجل الهدوء وتجنب الفتنة.

وقال النائب السني المستقل فؤاد مخزومي على تويتر “ما حصل في خلدة (…) يؤكد الغياب الصارخ لمنطق الدولة وأن لغة السلاح المنفلت وغير الشرعي هي السائدة”، وأضاف “نتخوف من جر البلد إلى الفتنة”.

ويتخوف مراقبون محليون من أن تُتخذ هذه الحادثة ذريعةً لتصعيد الاشتباكات بهدف خلق مناخ من التوتر الأمني غايته الرئيسية إظهار أن الوقت ليس مناسبا للتركيز على تشكيل الحكومة، لافتين إلى أن الطبقة السياسية المجبرة على إعلان دعمها لتشكيل حكومة خلال أيام قد يلجأ بعض الفاعلين فيها إلى التصعيد كمناورة للتخلص من الضغوط الدولية.

ولم تؤثر معاناة اللبنانيين خلال عام -المدة التي انقضت على انفجار مرفأ بيروت- على مزاج السياسيين اللبنانيين الذين تمسك كل منهم بأجندته وأجندة داعميه الخارجيين.

ولم يخف رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الاثنين خيبة أمله من جراء طريقة تعاطي السياسيين مع المهلة الممنوحة له واستمرار الكلام عن المحاصصات.

وكانت منطقة خلدة بؤرة ساخنة بسبب إغلاق الطرق مرارا من قبل محتجين عمدوا إلى إغلاق الطريق السريع الذي يسلكه الكثير من الشيعة في الذهاب والعودة من قراهم الجنوبية.

وقالت حركة أمل الشيعية الحليفة لحزب الله إن “هذا الإرباك الأمني المشبوه في لحظة وطنية حساسة يصب في خدمة مشاريع تستهدف أمن البلد وتسهم في توتير الأجواء بما يهدد الاستقرار”. وطالبت الحركة الجيش بوضع طريق الجنوب في عهدة القوى الأمنية.

وكان نعش شبلي ملفوفا براية حزب الله خلال مراسم التشييع ببلدة كونين في جنوب لبنان.

وأدى رجال دين صلاة الجنازة وكان من بين الحضور مقاتلون في حزب الله يرتدون زيا مموّها، حسب ما أظهرته لقطات بثتها قناة المنار التابعة للجماعة.

ويعاني لبنان بالفعل من أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 بسبب الأزمة المالية الخانقة التي أفقدت العملة الوطنية أكثر من 90 في المئة من قيمتها في أقل من عامين، الأمر الذي دفع بأكثر من نصف السكان إلى صفوف الفقر.

ويصادف هذا الأسبوع أيضا الذكرى السنوية الأولى للانفجار المدمر في مرفأ بيروت الذي جد في الرابع من أغسطس العام الماضي.

العرب