بغداد – قالت مصادر سياسية عراقية لـ”العرب” إن “الأحزاب المنضوية في ‘الإطار التنسيقي’ التي خسرت في الانتخابات فشلت في تحريك الشارع بأعداد كبيرة بهدف الضغط على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحائز على أكبر كتلة في الانتخابات، لتحسين شروط التفاوض حول مكاسبها في الحكومة الجديدة”، وأردفت قائلة إن “هذه الأحزاب بدلا من إثبات قوتها كشفت عن محدودية عمقها الشعبي، حيث لم يكن الحضور بالحجم الذي كانت تخطط له”.
وأضافت هذه المصادر أن الجهة الثانية المعنية بالضغط هي مفوضية الانتخابات، وذلك بهدف دفعها إلى تغيير النتائج خلال عملية العد اليدوي الجديد التي يراد من خلالها إعادة تشكيل الخارطة التي أنتجتها الانتخابات لتضع هذه الأحزاب في موقع الكتلة التي لا غنى عنها في تشكيل الحكومة القادمة.
وأطلق تحالف الفتح الذي يمثّل الحشد الشعبي تهديدات واضحة لمفوضية الانتخابات ملوحا بإسقاطها من خلال الاحتجاجات، لكن مراقبين محليين يقولون إن أحزاب “الإطار التنسيقي” تتخفى وراء صورة الحشد الشعبي كميليشيا تمارس العنف من أجل التغطية على تراجعها، وإن التظاهرات هي أقصى ما يمكن أن يضغط به أنصارها، وإنهم عاجزون عن التصعيد.
ويضم “الإطار التنسيقي” قوى سياسية وفصائل من أبرزها دولة القانون برئاسة نوري المالكي وتحالف الفتح الذي يجمع ميليشيات الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري.
وقالت مصادر الشرطة وعاملون صحيون إن العشرات أصيبوا الجمعة في اشتباكات ببغداد بين قوات الأمن العراقية ومؤيدي هذه الأحزاب، وإن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص في الهواء عندما رشقها العشرات من المحتجين بالحجارة وحاولوا الوصول إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم المباني الحكومية والسفارات الأجنبية.
وحذّر الصدر، الذي يرى أن الاحتجاجات تستهدف مكاسبه، من أن “تتحول المظاهرات السلمية من أجل الطعون الانتخابية إلى مظاهرات عنف واستصغار للدولة”.
كما حذر من “زج الحشد الشعبي في الاحتجاجات” -وهي الخطوة التي قال مراقبون إن هدفها السعي لتحييد الميليشيا سيئة السمعة عن الصراع ومحاولة جرها إلى صفه- متعهدا بالدفاع عن أفراد الحشد المنضبطين ضمن “حكومة الأغلبية الوطنية”، “بعيدًا عن مشاريع السياسة الداخلية والخارجية التي تريد النيل منكم من أجل مغانمها الحزبية والطائفية”.
وفيما حمّل الصدر الأحزابَ المحتجة مسؤولية ما جرى من صدامات شنذ ممثلو الأحزاب المتظاهرة هجوما على القوات الأمنية واتهموها باستهداف المتظاهرين.
وأدان قيس الخزعلي، زعيم فصيل عصائب أهل الحق، بشدة “استعمال القوات الأمنية للسلاح الحي في مواجهة المتظاهرين السلميين”.
وقال الخزعلي في بيان صحافي “يجب أن تتم محاسبة الأفراد الذين أطلقوا النار وقتلوا المتظاهرين وأصابوهم وكذلك من أصدر الأوامر كائنا من كان، ومن ناحيتنا لن نرضى أبدا بأي محاولة تستّر على الآمر والفاعل”.
كما أدان هادي العامري رئيس تحالف الفتح “حالة القمع البشعة التي تتعامل بها السلطات الحكومية مع المتظاهرين السلميين المعترضين على سرقة أصواتهم وتزييف النتائج والذين لم يتجاوزوا حدود الديمقراطية في طرق التعبير عن آرائهم التي كفلها لهم الدستور”.
وطالب العامري السلطات القضائية بـ”التدخل العاجل للاقتصاص من الذين أصدروا أوامر إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ومعاقبة كل الأيادي التي امتدت وساهمت في استشهاد وجرح عدد من المتظاهرين السلميين ونحمل الحكومة مسؤولية حفظ أمنهم ودمائهم”.
والخميس هددت “اللجنة التحضيرية للتظاهرات الرافضة لنتائج الانتخابات” في العراق باللجوء إلى التصعيد في المرحلة المقبلة حال الإبقاء على النتائج المعلنة.
ودعت اللجنة في بيان إلى “الخروج بتظاهرات سلمية تحت شعار ‘جمعة الفرصة الأخيرة’ قبل أن تبدأ في مرحلة تصعيدية أخرى (لم تحددها)”.
ووجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتحقيق في الأحداث التي جدّت حول المنطقة الخضراء، وما رافقها من صدامات بين القوات الأمنية والمتظاهرين. كما دعا إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار، وناشد المتظاهرين ممارسة حقوقهم المشروعة باعتماد التحركات السلمية وتجنب العنف بمختلف أشكاله.
وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان القائد العام للقوات المسلحة إنه “وجه بإجراء تحقيق شامل حول ملابسات أحداث الجمعة في مناطق مختلفة في محيط المنطقة الخضراء، وتقديم نتائج التحقيق”.
وأضافت أنه “شدد على أن التعليمات الصارمة للقوات الأمنية في التعامل المهني مع التظاهرات سارية وأن احترام حقوق الإنسان الأساسية، وخصوصاً الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي، من الأساسيات التي التزمت بها الحكومة”.
العرب