قال مراسل الجزيرة إن معارك متقطعة تدور اليوم السبت حول مدينتي باتي وولديا في إقليم أمهرة بالقرب من الحدود مع إقليم عفر الإثيوبي، في حين أكد الجيش الفدرالي أنه ألحق هزائم بجبهة تحرير تيغراي وأبعد التهديد عن العاصمة أديس أبابا والطرق الإستراتيجية.
وأفاد المراسل الموجود في عفر بأن الجيش الإثيوبي والقوات الخاصة العفرية يحاولان تطويق بلدتي باتي وولديا في أمهرة الخاضعتين لسيطرة جبهة تحرير تيغراي.
ويسعى من خلال تطويق البلدتين إلى التقدم باتجاه مدينتي كومبولشا وديسيه في محافظة وولو بأمهرة.
وكان مكتب الاتصال الحكومي في إثيوبيا أعلن أمس الجمعة سيطرة الجيش الإثيوبي على 4 بلدات جديدة في إقليم أمهرة.
وأكد أن قوات الجيش الإثيوبي مستمرة في التقدم العسكري نحو عمق الإقليم، وأشار البيان إلى أن القوات الحكومية سيطرت بالكامل على بلدات: ميدا، وشفا، وحربونا، ومكوي “ويجري حاليا تمشيط ما تبقى من جيوب”.
وأكد بيان التلفزيون الإثيوبي أن قوات الحكومة باتت تتمركز حاليا في وسط إقليم أمهرة.
وكان نجوسي طلاهون، القائد العسكري في بلدة شواربيت بمحافظة شوا قال -للجزيرة- إن التهديد العسكري حول العاصمة والطرق الإستراتيجية قد أزيل بالكامل، وإن القوات الحكومية أحكمت سيطرتها الكاملة على محافظة شوا.
وتتواصل المواجهات العسكرية في عدد من الجبهات في محافظات إقليم أمهرة بين قوات الحكومة ومسلحي جبهة تيغراي، مما أسفر عن تعطل مطار مدينة سمرا، بينما طالب مسؤولون محليون في الإقليم بوقف الحرب والتوجه إلى التفاوض.
وطالب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد جبهة تحرير تيغراي بالاستسلام، معتبرا ذلك خيارها الوحيد بعد الهزيمة العسكرية التي منيت بها، حسب تعبيره.
وفي مقطع فيديو جديد بثه التلفزيون الرسمي، تعهد آبي أحمد بتكرار ما وصفها بالانتصارات التي تحققت شرقي وغربي البلاد.
وقال إن “الانتصارات التي حدثت في شرق البلاد وغربها ستتكرر في مناطق أخرى؛ معنويات الجيش مرتفعة للغاية، وسيتم تحرير المزيد من البلدات التي احتلها الإرهابيون الغزاة.. لقد هزم العدو وتفرق.. والخيار الوحيد المتبقي لهم هو الاستسلام. ندعو المواطنين في المناطق المحررة إلى الإسراع في تشكيل الإدارات. دعونا نسلم دولة ذات سيادة للأجيال المقبلة”.
وفي أول تعليق رسمي، وصفت جبهة تيغراي انسحابها من تلك المناطق بالتكتيكي الذي يهدف إلى تنفيذ هجمات إستراتيجية حاسمة، وقالت إن المعركة على وشك الانتهاء، وإنه لا أحد يمكنه دفع مقاتليها إلى الوراء.
وفي وقت سابق، تمكنت الجزيرة من الحصول على صور من جبهات القتال في شمال إثيوبيا، وذلك بعد أشهر من الصراع بين الحكومة الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير تيغراي.
وتُظهر هذه الصور التي التقطت قبل يومين مقاتلي تيغراي وهم يتدفقون عبر سلسلة الجبال السهلية بين إقليمي أمهرة وتيغراي، وينسحبون باتجاه أقصى الشمال بعد معارك مع القوات الحكومية على تخوم إقليم أمهرة.
كما توثق صور أخرى مشاهد من اعتقال مسلحي تيغراي لمئات من القوات الحكومية والقوات المناوئة لهم، مطلع هذا الشهر، في مدينة كومبولشا بولاية أمهرة، وتوثق مشاهد معسكرا لقوات تيغراي أعادت التمركز فيه خلال الأيام الماضية في إقليم أمهرة.
ولم تستطع أي وسيلة إعلامية الوصول إلى مناطق المواجهات ونقل الصورة من هناك، بسبب انقطاع الاتصالات واحتدام المعارك بين كرّ وفرّ.
وفي ما يخص الجانب الإنساني، حذّر مارتن غريفيث، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، من أن تطور النزاع في إثيوبيا إلى أعمال عنف طائفية يمكن أن يؤدي إلى نزوح يُذكّر بمشاهد الفوضى في مطار كابل أغسطس/آب الماضي.
وقال غريفيث -في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية- إن الأسوأ هو وصول المعارك إلى أديس أبابا، مما قد يؤدي إلى تزايد أعمال العنف الطائفية في كل أنحاء البلاد.
ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، أمس الجمعة، إلى وقف عاجل لإطلاق النار في إثيوبيا وإجراء حوار وطني شامل لحفظ السلام في البلاد.
وجاء ذلك في بيان مشترك لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي.
وطالب البيان بـ”وقف عاجل لإطلاق النار في إثيوبيا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية الآمنة من دون عوائق للمدنيين، وحماية حقوق الإنسان”.
كما شدد البيان على “أهمية إجراء حوار وطني شامل وحقيقي للحفاظ على السلام والاستقرار والديمقراطية والحكم الرشيد والمصالحة في إثيوبيا”.
جذور النزاع الإثيوبي
وتعود جذور النزاع الحالي إلى عام 2018، عندما تولى آبي أحمد السلطة في أديس أبابا وأعلن إصلاحات سياسية.
وشملت هذه الإصلاحات تنحية قادة في الجيش والمخابرات من أبناء إقليم تيغراي، وتعيين قادة من قوميتي الأمهرة والأورومو بدلا منهم.
وتعمقت الأزمة بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة أغسطس/آب 2020، بسبب جائحة كورونا وهو ما أدخل البلاد في نزاع دستوري.
واتهمت قوى المعارضة -ومنها جبهة تحرير تيغراي- آبي أحمد باستغلال الجائحة لتمديد ولايته، ونُظمت الانتخابات في الإقليم من جانب واحد في التاسع من سبتمبر/أيلول 2020، لكن الحكومة المركزية رفضت الاعتراف بنتائجها.
واشتدت حدة الخلاف بين أديس أبابا وجبهة تحرير تيغراي، وتحولت إلى نزاع مسلح منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وإثر ذلك تدخل الجيش الإثيوبي في الإقليم ونظمت فيه الحكومة المركزية انتخابات جديدة لتشكيل حكومة محلية جديدة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، استعادت جبهة تحرير تيغراي السيطرة على الإقليم وعاصمته ميكيلي، وشهدت المدينة احتفالات لأنصار الجبهة، بينما أعلنت الحكومة وقفا لإطلاق النار، لكن الأوضاع لم تعرف الاستقرار منذ ذلك الحين.
المصدر : الجزيرة + وكالات