تزامنا مع الذكرى الثالثة للثورة.. مظاهرات بالخرطوم تطالب بالحكم المدني والسفارة الأميركية تحذر رعاياها من الاقتراب منها

تزامنا مع الذكرى الثالثة للثورة.. مظاهرات بالخرطوم تطالب بالحكم المدني والسفارة الأميركية تحذر رعاياها من الاقتراب منها

تظاهر الآلاف اليوم الأحد في العاصمة السودانية الخرطوم -في الذكرى الثالثة للثورة السودانية- للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، في وقت دعت فيه السفارة الأميركية رعاياها لتجنب السفر غير الضروري والابتعاد عن الطرق تزامنا مع المظاهرات.

وردد المتظاهرون -وهم يحملون الأعلام الوطنية- شعارات تندد بإجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التي اتخذها يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والاتفاق السياسي الموقع بينه وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها، “لا تفاوض ولا شراكة”، و”لا مساومة”، و”لا لحكم العسكر”، و”الشعب أقوى والردة مستحيلة”، “والثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب”، و”نعم للحكم المدني الديمقراطي”.

وقال مراسل الجزيرة مساء اليوم إن المتظاهرين وصلوا إلى محيط القصر الجمهوري في الخرطوم وسط انسحاب قوات الشرطة، وذلك بعد ساعات من اشتباكات أطلقت الشرطة فيها الغاز المدمع على المتظاهرين حول القصر.

كما أطلق الأمن السوداني قنابل الغاز على متظاهرين عبروا جسر النيل الأبيض من أم درمان إلى الخرطوم.

وكانت “لجان المقاومة” و”تجمع المهنيين” وقوى سياسية أخرى دعت إلى مظاهرات حاشدة -اليوم الأحد- في الخرطوم ومدن البلاد، رفضا للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك، وللمطالبة بحكم مدني كامل.

وجاءت الدعوة عشية ذكرى انطلاق ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 حين اندلعت احتجاجات عمّت المدن والأحياء في أرجاء البلاد، حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس عمر البشير يوم 11 أبريل/نيسان 2019.

استنفار أمني
وقبيل التظاهرات، أغلقت قوات الأمن السودانية معظم جسور العاصمة الخرطوم، كما استحدثت قوات الأمن حواجز إسمنتية على الطرق المؤدية إلى مطار الخرطوم الدولي، كما أُغلقت المنافذ المؤدية إلى مقر القيادة العامة للجيش.

وطالبت شرطة ولاية الخرطوم المتظاهرين بالتزام السلمية.

ومن جانبها، حذرت شبكة الصحفيين السودانيين من قطع خدمات الاتصالات والإنترنت، اليوم الأحد.

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحمدوك قد وقعا اتفاقا سياسيا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق المعتقلين السياسيين، وتعهدا بالعمل معا لاستكمال المسار الديمقراطي.

غير أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره “محاولة لشرعنة الانقلاب” متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.

نصيحة أميركية
بدورها، نصحت السفارة الأميركية في الخرطوم موظفيها ورعاياها بتجنب أماكن الحشود والاحتجاجات.

وأضافت السفارة -في إنذار نشرته عبر صفحتها على فيسبوك- أنها تشجع موظفيها على العمل من المنزل، وتجنب السفر غير الضروري، والاقتراب من أماكن الحشود والمظاهرات.

واستباقا لهذه المظاهرات، قالت قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي إن “مليونية تحرير الخرطوم” استكمال للانتقال المدني الديمقراطي.

ودعت قوى الحرية والتغيير -في بيان- إلى توحيد (قوات) الجيش، بما فيها قوات الدعم السريع، تحت مظلة القوات المسلحة.

في السياق ذاته، وصف حزب الأمة القومي مظاهرات اليوم الأحد بأنها ملاحم لاسترداد الحكم المدني ومسار التحول الديمقراطي، قائلا “البلاد ترزح تحت انقلاب جديد”.

وعشية إحياء ذكرى الثورة، وقّعت نحو 50 كتلة سياسية وتجمعا مدنيا بالخرطوم على إعلان ميثاق سياسي ينادي بالدولة المدنية والتحول الديمقراطي.

وقال مبارك أردول القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني إنه لا بد من مراجعة الوثيقة الدستورية، مؤكدا رفض مجموعة الميثاق أي تمديد للفترة الانتقالية.

في المقابل، وجه الحزب الشيوعي انتقادات شديدة لما سماه قيام بعض مكونات قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي بتقديم مشروع سياسي لما تبقى من الفترة الانتقالية، دعمًا للشراكة بين المكونين المدني والعسكري.

وقال الحزب -في بيان- إن المشروع جاء استباقًا لمواكب (مظاهرات) اليوم الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول، وبهدف إرباك الساحة السياسية، وفتح ثغرة للقوى المضادة للثورة لإحداث انشقاقات وسط الحركة الجماهيرية الثورية الصاعدة.

ووفقا للبيان، فإن هذا المشروع يعتمد في الأساس على الشراكة مع اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ (السابق) وعلى قوى الانقلاب، وعلى الوثيقة الدستورية التي تجاوزتها حركة الجماهير، وعلى اتفاقية جوبا وجعلها أساسا للسلام، والعودة للسياسات الاقتصادية نفسها التي تسببت في رفع معدلات الغلاء بصورة غير مسبوقة.

ودعا الحزب الشيوعي جماهير الشعب للخروج والمشاركة في مظاهرات اليوم، لإسقاط الانقلاب واستكمال الثورة للوصول إلى غاياتها في الحرية والسلام والعدالة.

بدوره، قال رئيس الوزراء إن السودان يواجه اليوم تراجعا كبيرا في مسيرة ثورته.

وأضاف حمدوك -في كلمة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر/كانون الأول- أن هذا التراجع يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تبقي وطنا ولا ثورة، حسب تعبيره.

وبشأن توقيعه على الاتفاق السياسي الأخير، قال حمدوك إنه لم يأت تحت ضغط من أحد، بل عن قناعة أنه سيؤدي إلى حقن الدماء.

وجدد حمدوك دعوته لكافة قوى الثورة للتوافق على ميثاق سياسي يعالج نواقص الماضي، وينجز ما تبقى من أهداف الثورة.

من جانبه، قال رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إن السودان على أعتاب عهد جديد، ودعا إلى تجاوز الخلافات والتسامح ووحدة الصف وإعلاء القيم الوطنية حتى تأسيس دولة سودانية قائمة على أسس المواطنة والحرية والعدالة.

وتعهد البرهان بالوصول إلى غايات الانتقال لاستكمال أهداف ثورة ديسمبر وإقامة الدولة المدنية المنتخبة.

في سياق متصل، قال عضو مجلس السيادة الهادي إدريس إن العام القادم سيشهد إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مشددا على ضرورة تحقيق السلام قبل تنظيم الانتخابات.

وأكد عضو مجلس السيادة السوداني مالك عقار أن الأزمة الحالية نتاج أخطاء عديدة ارتكبها العسكريون والمدنيون.

ووعد عقار بتسخير الإمكانيات كافة لإعادة البلاد إلى طريق التحول المدني الديمقراطي.

المصدر : الجزيرة + وكالات