الرباط – أعلنت إسبانيا الخميس أنّها ستساعد المغرب على “ضمان أمنه في مجال الطاقة” بالسماح له باستيراد الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغاربي – الأوروبي “جي إم إي” الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر الماضي.
وقال مراقبون مغاربة إن الخطوة الإسبانية تعتبر خسارة مزدوجة للجزائر التي كانت تهدف إلى عزل المغرب ومنعه من الاستفادة من الغاز الذي يمرّ عبر خط الغاز المغاربي – الأوروبي، معتبرين أن الخطوة الإسبانية تظهر فشلا جزائريا في إرباك العلاقة بين مدريد والرباط على خلفية أزمة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي الذي هربته الجزائر بهوية مزوّرة، وأن البلدين نجحا في تجاوز هذه الأزمة واستعادا التقارب المعهود بينهما، وهذا هو الوجه الأول للخسارة الجزائرية.
وأكد المراقبون أن الوجه الثاني للخسارة هو أن المغرب سيشطب الجزائر على المدى المنظور من قائمة موردي الغاز، خاصة أن تشغيل خط الغاز بشكل معاكس، أي من إسبانيا إلى المغرب، سيمنع تلقائيا أيّ استعادة للضخ من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب، لافتين إلى أن ما يربك الجزائر أكثر هو أن الخطوة الإسبانية مدعومة أوروبيا، وأيّ احتجاج جزائري عليها قد يهز الثقة فيها كمورد غاز لأوروبا.
نبيل الأندلوسي: القرار الإسباني يشكل حرجا كبيرا للجزائر دبلوماسيا واقتصاديا
وأعلنت وزارة التحوّل البيئي الإسبانية في بيان أنّ “المغرب طلب دعماً لضمان أمنه في مجال الطاقة على أساس علاقاتنا التجارية، وإسبانيا ردّت إيجاباً كما كانت ستفعل مع أيّ شريك أو جار”.
وأضافت “سيكون بمقدور المغرب الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي (جي إم إي) لنقله إلى أراضيه”، من دون إعطاء أيّ تفاصيل بشأن الجدول الزمني لهذا الاتفاق أو كميات الغاز التي ستنقل عبر هذا الخط.
وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي في تصريحات لوكالة بلومبرغ إن الرباط تريد “توقيع اتفاقيات لمدة خمس سنوات على الأقل لضمان توريد الغاز الطبيعي المسال”، ودعت في أوائل يناير الماضي مجموعة من الشركات لتقديم عروض حولها.
وأكد نبيل الأندلوسي الباحث في العلاقات الدولية أن قبول الحكومة الإسبانية استقبال سفن الغاز المحملة بالغاز المسال من أسواق دولية، وتحويله إلى طبيعته العادية وضخه إلى المغرب، انتصار للدبلوماسية الاقتصادية للمملكة المغربية في إطار حماية أمنها من الطاقة الذي تحاول الجزائر تهديده. وأضاف الأندلوسي في تصريح لـ”العرب” أن القرار الإسباني ضربة موجعة للنظام الجزائري وسيشكل حرجا كبيرا للجزائر دبلوماسيا واقتصاديا.
ويمثّل قرار مدريد مساعدة المغرب على تأمين احتياجاته من الغاز مبادرة من الدولة الأوروبية إلى جارتها العربية في وقت يسود فيه توتر في العلاقات بين البلدين منذ أبريل الماضي حين استقبلت إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو لتلقي العلاج على أراضيها.
وبلغت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين أوجها في منتصف مايو مع وصول نحو 10 آلاف مهاجر غير نظامي إلى جيب سبتة بعد أن خفّفت السلطات المغربية القيود التي كانت تفرضها لمنع تسلّل المهاجرين.
لكن الأمور تتجه إلى التهدئة مع التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز حيث أكد أن هناك “علاقة إيجابية للغاية مع المغرب ولطالما اعتبرنا الرباط حليفا استراتيجيا في العديد من المجالات مثل الهجرة والتنمية الاقتصادية والأمن”.
وأضاف سانشيز “إننا نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون الثنائي”. وهوّنت الرباط من قرار الجزائر وقف اعتماد الخط الذي يمر عبر المغرب حيث قال سانشيز إنه “لن يكون له حاليا سوى تأثير ضئيل على أداء النظام الكهربائي الوطني”، وإنها قد تحسّبت لمثل هذه الخطوة مسبقا، وإنها شرعت في البحث عن بدائل أخرى.
ورد المغرب على الخطوة الجزائرية بإبرام عقد مع الشركة البريطانية ساوند إنرجي لشراء الغاز الطبيعي المنتج في حقل شرق البلاد.
وقالت الشركة المتخصصة في استكشاف حقول النفط والغاز إنها “أبرمت عقدا مع المكتب الوطني للكهرباء والماء لبيعه الغاز الطبيعي لحقل تندرارة شرق المغرب”. وينص العقد على بيع 350 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا على مدى عشرة أعوام.
العرب