لم يتمكن أعضاء مجلس النواب العراقي من انتخاب رئيسا لجمهورية العراق بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المقررلعقد جلسة يوم السبت الماضي الموافق السادس والعشرين من آذار 2022 وحضور( 202) عضوا من الأعضاء المنتخبين مما أدى إلى تأجيل جلسة البرلمان إلى يوم الأربعاء القادم ، وشهدت الجلسة عدة سجالات ومواقف أهمها الطلب الذي قدمه احمد الأسدي وعرض فيه تواقيع عدد من النواب الممثلين للأحزاب والتيارات السياسية التي قاطعت الجلسة وكما يلي :
الإطار التنسيقي يمثلهم 81 عضو وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني 18عضو وتحالف عزم 12عضو والعدل الإسلامي والاتحاد الاسلامي 5 اعضاء واشراقة كانون من المستقلين 3اعضاء وهذا ما كان سببا في تعطيل عملية انتخاب الرئاسة العراقية .
أكدت هذه المعطيات حقيقة الواقع السياسي الذي تشهده الساحة العراقية بانقسام مواقف القوى السياسية التي شاركت في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الاول عام 2021 وافتقارها إلى رأي جامع وقاسم مشترك لكيفية إدارة شؤون البلاد وتحقيق النصاب القانوني لانتخاب رئيس الدولة وعدم وجود تفاهمات صريحة داخل البيت السياسي العراقي والاختلاف الواضح في الاتفاق على شخصية موحدة من قبل الأحزاب الكردية للترشح على منصب الرئاسة وتباين ميداني بين الأحزاب السياسية الشيعية في اختيار شخصية متفق عليها من قبل الجميع لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، اصطدمت هذه الآراء بجدار من المواقف المتصلبة لكل الأحزاب المشاركة في العملية السياسية والتي تدعي الأحقية في الاختيارات القادمة والتمثيل الحكومي.
ان انعكاسات المواقف السياسية في التطورات القائمة على الساحة العراقية يؤدي إلى العديد من الشواهد الميدانية التي من الممكن أن نراها في الأيام القادمة وأبرزها هي أن جلسة الأربعاء القادم اذا لم يتحقق النصاب المطلوب سيؤدي إلى احتمالية حل مجلس النواب العراقي واللجوء إلى انتخابات جديدة لأن قرار المحكمة الاتحادية كان واضحا في السماح لفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية لمرة واحدة وعدم الخروج عنه قانونيا وقضائيا.
سبق لمركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية أن أشار بشكل دقيق واستشراف مستقبلي لإدارة العملية السياسية في المقال الموسوم( المشهد العراقي بين الحقيقة والوهم ) المنشور بتاريخ الرابع من آذار 2022 أكد فيه على ( انه اذا لم يتحقق النصاب المطلوب سنكون أمام أزمة سياسية أخرى تتطلب انتظار ثلاثون يوما واذا لم تتفق قيادات الأحزاب بالبلاد ماضية نحو انتخابات أخرى حسب قرار المحكمة الاتحادية. ) .
نحن أمام مشهد سياسي يعيش حالة من الافتراق والذهاب إلى منعطفات خطيرة تؤذي مسيرة ومستقبل أبناء الشعب العراقي وغياب سياسي وتوافق بين الأحزاب والكتل السياسية وإرادة مسلوبة في تحديد مفهوم القرار النيابي الصحيح والمستند إلى إرادة شعبية صادقة وتحالفات جادة أساسها الالتزام بالمواقف والمبادئ الرصينة ومنح الشرعية الحقيقية للتمثيل الشعبي والحفاظ على المصالح العليا لأبناء الوطن والمضي في تدعيم الوحدة الوطنية والائتلاف السياسي ، وخلاف هذا سنكون أمام فراغ دستوري وتعطيل لعمل مجلس النواب وانقسام في المواقف السياسية للأحزاب الفائزة في الانتخابات والتي ترى أن مواقفها تسير في تعزيز الرؤية القائمة على مبدأ الحفاظ على التوازن في العملية السياسية وعدم تهميش أي طرف على حساب جهة وطرف آخر ولكنها في الحقيقة تؤدي في مواقفها إلى تكريس دائرة المواجهة والمعركة السياسية لتثبيت وقائع ومشاهد ترضي أحلامها واهدافها الانتخابية.
المواقف الثابتة تصنعها إلارادات الحقيقية التي تتجنب الافتراق والابتعاد الذي من الممكن أن ينقل البلاد إلى أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية متواصلة تؤثر على طبيعة الحياة في خضم صراعات وتوجهات إقليمية ودولية تسعى إلى إثبات مصالحها الدائمة في العراق والحفاظ على مكتسباتها السياسية وفق برامجها واهدافها الإستراتيجية وعلى جميع الأطراف السياسية العراقية أن يتحلوا بمواقف تتصف بالرصانة والشجاعة والقدرة الميدانية ومنع أي حالة من التدخلات الخارجية في رسم ملامح المشهد السياسي العراقي والتمسك بالقرار السياسي المستقل.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية