لاءات إيران تئد مراهنة الصدر على الفوضى

لاءات إيران تئد مراهنة الصدر على الفوضى

بغداد- قالت مصادر سياسية عراقية إن توجيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لأنصاره بالانسحاب من الساحة خلال ساعة فقط لم يكن ضمن خطة موضوعة مسبقا، ولكنه خطوة اضطرارية بعد إشارات إيرانية وصلت إليه وضمت مجموعة من اللاءات التي عليه أن يقف عندها وينهي مراهنته على الفوضى التي انطلقت الاثنين مباشرة بعد إعلانه الانسحاب من السياسة.

وأضافت المصادر أن إيران، التي تركت زعيم التيار الصدري كل الفترة الماضية بلا إمعان في المواجهة معه على أمل أن يراجع نفسه وخياراته، نبّهت الصدر إلى أنها تريد شيعة موحدين، ولا تريد شيعة عربا وآخرين ولائيين، وأن عليه أن يقبل بالحوار مع الإطار التنسيقي وقياداته وينسى خلافاته القديمة مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي طالما أن ذلك في خدمة شيعة العراق.

وكشفت المصادر ذاتها عن أن الرسالة الإيرانية الأكثر تأثيرا كانت التأكيد على أن طهران لديها الاستعداد لقتل الصدريين إذا كان ذلك حلا للانشقاق المحتدّ، وهو ما بدا واضحا في مواجهات الاثنين حيث كان أكثر القتلى من أنصار الصدر في المواجهة، وأن ذلك لم يكن سوى مؤشر على جدية طهران في منع حرب شيعية – شيعية دفع نحوها الزعيم الصدري الثلاثاء بإعلانه الانسحاب من السياسة، وهو القرار الذي تبعته موجة من التصعيد قادها أنصاره.

◙ الصدر أعلن نفسه قوميا يعارض كافة أشكال التدخل الأجنبي في بلاده

ولفتت إلى أن الصدر وضع نفسه أمام خيارين صعبين الأول أنه سيتصادم مع الدولة العراقية وسيجد نفسه في مواجهة الجيش والقوات العراقية، وهو أمر ليس لفائدته. أما الخيار الثاني فهو وضع نفسه وأنصاره في مواجهة مفتوحة مع قوى الإطار المنظمة والتي تخضع لتوجيهات إيرانية عالية التنظيم، والتي لن تتوانى عن تكرار “صولة الفرسان” التي قضت خلالها ميليشيات المالكي على أنصار الصدر في 2008.

ومثلما سبق لإيران أن أطلقت عبر وكلائها في العراق معركة “صولة الفرسان” لتأديب الصدر، فقد سبق وأن فعلتها عندما تركت حزب الله يوجه ضربات قاسية لحركة أمل في الثمانينات.

وأمر الصدر أتباعه بإنهاء احتجاجاتهم في وسط بغداد الثلاثاء لتهدئة التوتر الذي أدى إلى أكثر أعمال العنف دموية في العاصمة العراقية منذ سنوات.

واعتذر الصدر للعراقيين بعد مقتل 22 شخصا في اشتباكات بين جماعة مسلحة موالية له وفصائل شيعية منافسة تدعمها إيران، وندد بالقتال وأمهل أتباعه ساعة واحدة لفض الاحتجاجات. وقال الصدر “ما يحدث ليس ثورة لأنها ليست سلمية. الدم العراقي حرام”.

وبانتهاء المهلة في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت العراق (11:00 بتوقيت غرينتش)، أمكن رؤية أتباع الصدر وهم يغادرون الساحة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين بوسط بغداد حيث توجد مكاتب حكومية وحيث أعلنوا اعتصاما استمر لأسابيع في مقر البرلمان.

وندّد الإطار التنسيقي بـ”مهاجمةِ عناوين الدولةِ المختلفة، بما فيها مجلس القضاء والقصر الحكومي ومقر مجلس الوزراء وغيره، وتعطيل ومهاجمة مؤسساتِ الدولةِ”، في إشارة إلى اقتحام أنصار الصدر لهذه المؤسسات في مناطق مختلفة.

وأكد الوقوف “مع الدولة ومؤسساتها”، ودعا “جميع الفعاليات (دينيةً وسياسيةً واجتماعيةً) إلى التدخلِ والمبادرة من أجل درءِ الفتنة، وتغليب لغة العقلِ والحوار، وتجنيب البلد مزيداً من الفوضى وإراقة الدماء”. كما دعا التيارِ الصدري “إلى العودةِ إلى طاولةِ الحوار والعمل مع إخوانهم من أجل الوصول إلى تفاهماتٍ مشتركة”.

واندلعت أعمال العنف بعد إعلان الصدر انسحابه من جميع الأنشطة السياسية، وهو قرار قال إنه جاء ردا على تقاعس زعماء وأحزاب شيعية أخرى عن إصلاح نظام حكم يصفه بالفاسد والمهترئ.

وأعلن الجيش العراقي حظر تجول في جميع أنحاء البلاد وحث المتظاهرين على مغادرة المنطقة الخضراء، لكن مسؤولا في الحكومة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قبل فترة وجيزة من دعوة الصدر لإنهاء الاحتجاجات، قال إن السلطات لا تستطيع فرض سيطرتها على الفصائل المسلحة المتناحرة.

◙ الرسالة الإيرانية الأكثر تأثيرا كانت التأكيد على أن طهران لديها الاستعداد لقتل الصدريين إذا كان ذلك حلا للانشقاق المحتدّ

وأوضح المسؤول أن الحكومة لا حول لها ولا قوة لوقف هذا لأن الجيش منقسم بين موالين لإيران وأتباع الصدر.

وأطلق مسلحون صواريخ على المنطقة الخضراء وجاب الشوارع مسلحون آخرون على متن شاحنات وهم يحملون أسلحة آلية ويلوّحون بقنابل يدوية بينما التزم معظم السكان بحظر التجول. وخلال الليل استمر إطلاق النار والصواريخ في أنحاء العاصمة العراقية.

ووصفت الولايات المتحدة الاضطرابات بأنها مقلقة ودعت إلى الحوار لحل المشكلات السياسية.

وأغلقت إيران المجاورة الحدود وأوقفت الرحلات الجوية إلى العراق قبل أقل من ثلاثة أسابيع من طقوس الأربعين التي تجذب الملايين من الإيرانيين إلى مدينة كربلاء العراقية. وأعادت إيران فتح حدودها مع العراق بعد دعوة الصدر أتباعه إلى إنهاء احتجاجهم.

وأعلن الصدر نفسه قوميا يعارض كافة أشكال التدخل الأجنبي في بلاده سواء من الولايات المتحدة والغرب أو من إيران.

ويصر على إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان، قائلا إنه لا ينبغي لأي سياسي كان في السلطة منذ الغزو الأميركي عام 2003 أن يتولى منصبا رسميا.

ويقود الصدر فصيلا مسلحا قوامه الآلاف، فضلا عن الملايين من الأنصار في أنحاء العراق. ويسيطر منافسوه، وهم متحالفون مع إيران، على العشرات من الفصائل شديدة التسليح التي دربتها القوات الإيرانية.

وقال الصدر في خطابه الذي أمر فيه بإنهاء الاحتجاجات “هناك ميليشيات وقحة، نعم، لكن لا يجب أن يكون التيار أيضا وقحا”.

العرب