النصر في باخموت يمنح روسيا أول تقدم كبير في هجوم شتوي مكلف

النصر في باخموت يمنح روسيا أول تقدم كبير في هجوم شتوي مكلف

شاسيف يار (أوكرانيا) – تمطر قوات روسية وأخرى لمرتزقة فاغنر آخر طرقات الوصول إلى مدينة باخموت الأوكرانية المحاصرة بقذائف المدفعية، وهي بذلك على مقربة من تحقيق أول نصر كبير لموسكو في نصف عام بعد أكثر معارك الحرب دموية.

وقالت المخابرات العسكرية البريطانية السبت إن القوات الأوكرانية التي تدافع عن مدينة باخموت تواجه ضغطا كبيرا ومتزايدا من القوات الروسية، مع احتدام القتال داخل المدينة الواقعة شرق البلاد وحولها.

وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في النشرة المخابراتية اليومية على تويتر أن أوكرانيا تعزز دفاعاتها في المنطقة وتدفع بوحدات من النخبة، بينما تقدمت قوات الجيش الروسي وتلك التابعة لمجموعة فاغنر الخاصة في الضواحي الشمالية لمدينة باخموت.

وقال يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر في مقطع مسجل على بعد سبعة كيلومترات شمالي باخموت إن المدينة التي عم فيها الخراب تكاد تصبح محاصرة تماما في الوقت الحالي، إذ تبقّى طريق خروج واحد مفتوحا للقوات الأوكرانية.

واستهدف القصف الروسي الكثيف طرقات الخروج من باخموت المؤدية إلى الغرب، وهي محاولة واضحة لاعتراض دخول القوات الأوكرانية إلى المدينة وخروجها منها. وحطمت قذائف الدبابات الروسية جسرا في بلدة كروموفي المتاخمة.

ويعمل الجنود الأوكرانيون على إصلاح الطرقات التي لحقت بها أضرار ويتوجه مزيد من القوات نحو خط المواجهة في إشارة إلى أن أوكرانيا ليست مستعدة بعد للتخلي عن المدينة. وفي الغرب يحفر الأوكرانيون خنادق جديدة لمواقع دفاعية.

وزار أوليكسندر سيرسكي قائد القوات البرية الأوكرانية باخموت الجمعة من أجل إفادات مع القادة المحليين حول كيفية تعزيز القدرة الدفاعية لقوات خطوط المواجهة.

وقالت الخدمة الصحافية “لن يتخلى العدو عن أمله في الاستيلاء على باخموت ويواصل حشد قواته لاحتلال المدينة”.

ومن شأن النصر في باخموت، التي بلغ تعدادها السكاني قبل الحرب نحو 70 ألف نسمة، أن يمنح روسيا أول تقدم كبير في هجوم شتوي مكلف بعد أن استدعت مئات الآلاف من قوات الاحتياط في العام الماضي.

وتقول روسيا إنها ستكون نقطة انطلاق نحو الاستيلاء على منطقة دونباس المحيطة، وهو من أهم أهداف الحرب.

لكن أوكرانيا تقول إن القيمة الإستراتيجية للمدينة ليست مرتفعة لكن الخسائر الضخمة هناك قد تحدد مسار الحرب. واستعادت أوكرانيا السيطرة على مساحات من الأراضي في النصف الثاني من 2022 لكن قواتها باتت في موقف دفاعي على مدى ثلاثة أشهر.

وقال بريغوجين، مرتديا الزي القتالي، في مقطع فيديو “حاصرت وحدات مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة فعليا باخموت”. وقدرت رويترز من اللقطات والبنايات الظاهرة فيه أنه التقط فوق سطح إحدى البنايات في قرية تبعد نحو سبعة كيلومترات إلى الشمال من وسط باخموت.

وأضاف “بقي طريق واحد فحسب (للخروج).. الحصار في سبيله ليكون محكما”.

وحث بريغوجين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إصدار الأمر بالانسحاب من باخموت لإنقاذ أرواح جنوده. ثم تحولت الكاميرا لتعرض ثلاثة أسرى أوكرانيين، وهم رجل بلحية رمادية وولدان يطلبون السماح لهم بالذهاب إلى المنزل.

وقال قائد وحدة الطائرات المسيرة الأوكرانية في باخموت روبرت بروفدي الشهير باسم “ماديار” في مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، إن وحدته تلقت أوامر من الجيش بالانسحاب على الفور من المدينة. وأشار إلى أنهم يقاتلون هناك منذ 110 أيام.

ويقول كل طرف إنه كبد الآخر خسائر فادحة في باخموت. وأصرت كييف على أن قواتها ما زالت متمسكة بمواقعها هناك مع الإقرار بأن الموقف تدهور على مدى الأيام القليلة الماضية.

وأضاف فولوديمير نازارينكو أحد نواب القائد في الحرس الوطني الأوكراني لمحطة “إن.في راديو” الأوكرانية أن الموقف “حرج” وأن القتال مستمر “بلا انقطاع”.

وأردف “لا يكترثون بالخسائر في محاولة الاستيلاء على المدينة بهجومهم. مهمة قواتنا في باخموت هي تكبيد العدو أكبر قدر ممكن من الخسائر. كل متر من الأراضي الأوكرانية يكلف المئات من الأرواح في صفوف العدو”.

وتابع “نحتاج إلى أكبر قدر ممكن من الذخيرة. ثمة روس هنا أكثر من الذخيرة التي نملكها للقضاء عليهم”.

وشهدت الأيام القليلة الماضية حذرا في الأماكن الأكثر احتمالا للتعرض للهجمات في روسيا، وذلك بعدما أفادت موسكو بوقوع عدة هجمات بالطائرات المسيرة في العمق الروسي، وأعقبها ما قالت عنه روسيا إنه هجوم مسلح عابر للحدود الخميس.

وظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التلفزيون الجمعة وهو يأمر مجلس الأمن في بلاده بأن يكثف “تدابير مكافحة الإرهاب”.

وزار زيلينسكي جنودا مصابين في مستشفى عسكري في لفيف. واعتذر أحد الجنود مصافحا زيلينسكي وهو راقد في سريره عن أنه لا يستطيع القيام، ليرد عليه زيلينسكي “لا بأس بذلك (…) سيحين الأوان وستنهض”.

القيمة الإستراتيجية لباخموت ليست مرتفعة لكن الخسائر الضخمة قد تحدد مسار الحرب وتفتح الطريق لسقوط دونباس

ومن المقرر أن يلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض لمناقشة تقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا. وتُصنّع ألمانيا دبابات ليوبارد التي من المتوقع أن تكون أساس قوة مدرعة أوكرانية جديدة.

وانتقد بعض الحلفاء الغربيين شولتس لاتخاذه موقفا علنيا حذرا تجاه تسليح أوكرانيا رغم أنه أشرف على تحول جذري في سياسة بلده الذي كان أكبر مشتر للطاقة الروسية حتى عشية الحرب.

وقال أوليكسي ماكييف سفير أوكرانيا في برلين إن ألمانيا تضطلع بدور قيادي أكبر الآن في تسليح بلاده.

وستعلن واشنطن عن أحدث حزمة من مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار والتي تتكون أساسا من ذخيرة ومركبات مدرعة.

وقدمت الولايات المتحدة أسلحة لأوكرانيا بقيمة 32 مليار دولار تقريبا منذ بدء الغزو.

ويُعتقد أن عشرات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين والجنود من الجانبين قتلوا منذ غزو روسيا لجارتها الموالية للغرب قبل عام.

وتتهم موسكو، التي تقول إنها ضمت ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا، كييف بأنها تشكل تهديدا أمنيا. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها إن الغزو كان حربا غير مبررة للاستيلاء على الأرض.

وعلى هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة العشرين في الهند التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لفترة وجيزة بنظيره الروسي سيرغي لافروف وجها لوجه للمرة الأولى منذ الغزو.

وقال مسؤولون أميركيون إن بلينكن طلب من لافروف إنهاء الحرب وحث موسكو على التراجع عن تعليق مشاركتها التي أعلنتها الأسبوع الماضي في آخر اتفاقية متبقية بين البلدين للحد من انتشار الأسلحة النووية.

وفي كلمته بمنتدى عقد في العاصمة الهندية الجمعة، قال بلينكن إنه لا يمكن السماح لروسيا بالإفلات من العقاب بعدما شنت حربا وإلا فإنها تبعث بذلك “رسالة إلى المعتدين المحتملين في كل مكان بأنهم ربما يتمكنون أيضا من الإفلات من العقاب”.

العرب