تواصل واشنطن تثبيت وجودها في العراق على الرغم من كل الجدل السياسي الرافض لقواتها وخصوصاً من طرف “التحالف الوطني”، فضلاً عن تهديدات قادة مليشيا “الحشد الشعبي” بمحاربة أية قوة أجنبية تشكّلها الولايات المتحدة في المدن العراقية.
وفي موازاة إعلان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس الأربعاء، أنّ “الولايات المتحدة أطلعت الحكومة العراقية على كامل خططها لنشر قوات خاصة في العراق وأن الحكومتين ستجريان مشاورات عن كثب بشأن أماكن نشرها ومهامها”، تكشف مصادر عسكرية عراقية لـ”العربي الجديد”، عن إبرام الجيش الأميركي، أخيراً، عقداً مع شركة أجنبية لتوسيع وتطوير وتأهيل مبان مختلفة داخل قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق، فضلاً عن إضافات أخرى في القاعدة، أبرزها مدرج للطائرات الحربية.
ويوضح مسؤول عسكري عراقي لـ”العربي الجديد”، أن القوات الأميركية أبرمت اتفاقية مع شركة أجنبية لتنفيذ أعمال توسعة وتطوير في قاعدة عين الأسد، 180 كيلومتراً غرب بغداد ضمن محافظة الأنبار والقريبة من الحدود الدولية مع الأردن وسورية.
ويشير العقيد في قيادة عمليات الأنبار العسكرية ضمن قوات الفرقة السابعة في الجيش العراقي، إلى أن “المعلومات المتوفرة تؤكد أنّ أعمال التطوير تشمل إنشاء مدرج للطائرات الحربية وملاجئ وأبراج مراقبة بشرية، فضلاً عن قاعات طعام وأخرى للاستراحة، كما يتضمن المشروع إعادة تأهيل للشوارع الداخلية في القاعدة البالغة مساحتها 24 كيلومتراً.
ويلفت العقيد ذاته إلى أن “الشركة التي فازت بالعقد لمدة ثلاث سنوات والذي يشمل الإنشاء والصيانة، باشرت بعملية تنظيف ورفع الأنقاض وسط إشراف من قبل الأميركيين الذين يقتطعون جزءا واسعاً من القاعدة ويستخدمونه في تدريب القوات العراقية وتسيير طائرات المراقبة لتزويد الجيش العراقي بصور جوية عن تحركات تنظيم داعش”، مبيّناً أن “الشركة والعاملين فيها أجانب، لكن لا يوجد أي تأكيد على جنسياتهم”.
ويوجد نحو 700 جندي ومستشار ومدرب أميركي في قاعدة عين الأسد منذ عام تقريباً، ويقدّمون دعماً لوجستياً للقوات العراقية وأبناء العشائر في الأنبار، كبرى المحافظات العراقية والمحاذية للسعودية، والأردن، وسورية، فضلاً عن عمليات تدريب ورسم خطط الهجوم وتزويد القيادة العسكرية العراقية بصور جوية لمواقع تنظيم “داعش” عبر طائرات مراقبة صغيرة تقلع من داخل القاعدة نفسها.
ووفقاً لمسؤول محلي في مجلس الأنبار، فإن الخطوة الأميركية تشير بوضوح إلى نيّة بقاء طويل الأمد في العراق. ويضيف المسؤول، وهو قيادي بارز في مجلس المحافظة، لـ”العربي الجديد”، أنّ “القوات الأميركية ستبقى في العراق حتى بعد تحريرها من داعش، ونحن نرحب بذلك، لأنّها ضمانة لنا من الجرثومة الإيرانية”، على حدّ تعبيره، مبيّناً أنّ العدد الإجمالي للقوات الأميركية حالياً في الأنبار يصل إلى نحو ألف عسكري والتنسيق بينها وبين العشائر يتم بشكل متكامل.
في السياق، يقول الخبير في الشؤون الأمنية في محافظة الأنبار، مازن الحيالي إنّ “القوات الأميركية تساعد العشائر بكل ما تحتاج إليه. كما أنّ الأخيرة تؤثر على قرار مجلس المحافظة. ووفقاً للقانون 21 للعام 2008 للنظام الاتحادي في البلاد، فإن لمجلس المحافظة الحق في طلب مساعدة الولايات المتحدة أو غيرها”، مرجّحاً “حدوث ذلك قريباً، وربما يكون بالأغلبية المطلقة، من خلال التصويت وفقاً للقانون”.
وحول تحفُّظ رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، أخيراً على وجود قوات أجنبية في العراق، يوضح الحيالي، أنّ “الوجود الأميركي في العراق بات مسألة أكبر بكثير من تحفظ العبادي أو قبوله بها، كما أن الإنهاك الذي يعتري القوات النظامية والمليشيات، سيدفع بالعبادي إلى طلب وجود هذه القوات بنفسه”، مؤكداً أن “تصريحات رئيس الحكومة ليست إلّا إرضاء للمليشيات وإيران”.
عثمان المختار
صحيفة العربي الجديد