تترقب الأوساط السياسية في ليبيا والمجتمع الأممي مخرجات اللقاء الذي سيجمع بين رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة بشأن النقاط الخلافية في الفترة الأخيرة التي تشمل أساسا إجراء الانتخابات التي طال انتظارها مع تشكيل حكومة موحدة في البلاد.
طرابلس – ينتظر الليبيون ما سيؤول إليه الوضع السياسي في البلاد بعد اللقاء الذي سيجمع في القاهرة بين رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة الاستشاري محمد تكالة في ظل اتساع دائرة الخلاف بينهما حول قوانين الانتخابات وتشكيل حكومة مصغرة تتولى تسيير الشأن العام على كامل الأراضي الليبية بدلا من حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس وحكومة “الاستقرار” المنبثقة عن البرلمان في بنغازي.
وأفاد عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي أن صالح سيتوجه خلال الأيام المقبلة إلى القاهرة للقاء تكالة، وأضاف أن “رئيس البرلمان سيقوم أيضا بجولة بين تركيا وقطر وسيجتمع بكل الأطراف المتداخلة في الأزمة الليبية لإقناعها بضرورة تشكيل حكومة واحدة بعد نشر القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية”.
وأشار العرفي إلى أن صالح يسعى لإقناع الدول المتداخلة في الأزمة الليبية للدفع بضرورة تشكيل حكومة تنفيذية واحدة، بعد تقارير ديوان المحاسبة والاقتتال الأخير الذي شهدته مدينة غريان، وتابع “إن الأحداث تفرض علينا ضرورة وجود حكومة واحدة تشرف على الانتخابات”، مردفا أن لقاء عقيلة وتكالة سيتطرق إلى الأشخاص الذين لن يتم تمثيلهم وفق رؤية تكالة ومعرفة سبب اعتراضه الحقيقي على القوانين الانتخابية.
وبحسب أوساط ليبية، فإن زيارة صالح وتكالة إلى القاهرة تأتي بدعوة من السلطات المصرية، وكذلك الشأن بالنسبة إلى زيارتَي أنقرة والدوحة، وهو ما يشير إلى طبيعة التنافس الإقليمي على المساهمة في حلحلة الأزمة الليبية.
وكان صالح جدد التأكيد خلال الأسبوع المنقضي على ضرورة تشكيل حكومة واحدة على مستوى ليبيا، مهمتها إجراء الانتخابات من خلال دعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، فيما أوضح المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي أن “صالح متمسك بمبدأ تشكيل حكومة واحدة، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في القريب العاجل”.
وفي 16 أكتوبر المنقضي، أكد الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي استعداد البعثة لتسيير مفاوضات عملية ينتج عنها تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات، معتبرا أن القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب أخيرا لا تضمن نجاح الانتخابات، وهو ما حظي بتأييد فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا، حيث قالت في بيان مشترك إن المسار المتفق عليه بالإجماع، والذي يحظى بمشاركة من جميع الأطراف، هو الذي يوفر أفضل الطرق لإجراء الانتخابات، والسلام والوحدة والاستقرار والازدهار للشعب الليبي.
وجدد مجلس الأمن الدولي في بيان له، الجمعة، دعمه لخطة باتيلي، مؤكدا أنه يدعم استكمال البناء على الاتفاق السياسي، وخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، وقوانين اللجنة 6+6 المتعلقة بالانتخابات.
ورحب المجلس بالدعم المقدم من الأمم المتحدة لمفوضية الانتخابات الليبية، مؤكدا أنه يشجع على مواصلة دعمها لتتمكن من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية في كامل ربوع ليبيا.
وطالب مجلس الأمن المؤسسات السياسية الليبية وأصحاب المصلحة الرئيسيين بحل المسائل الخلافية على الصعيد السياسي في ما يخص الانتخابات في أقرب وقت، داعيا إلى دعم خطة باتيلي للبدء في مفاوضات يقودها الليبيون وتهدف إلى تشكيل حكومة واحدة تحكم ليبيا كافة.
والأربعاء الماضي، نشر مجلس النواب قانوني انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة بغرفتيه (النواب والشيوخ) في العدد الـ14 من الجريدة الرسمية، التي أصدرها ونشرها على موقعه الرسمي، وهو ما يشير إلى أن القانونين دخلا مرحلة التنفيذ العملي ولن يتم التراجع عنهما من قبل البرلمان.
مجلس الدولة يطمح إلى الحصول على تنازلات من مجلس النواب في ما يتصل بموضوع تشكيل حكومة جديدة
وحمل قانون انتخاب مجلس الأمة رقم 27 لسنة 2023 وتضمن 95 مادة، بينما جاء قانون انتخاب رئيس الدولة تحت رقم 28 لسنة 2023 متضمنا 89 مادة، وكلاهما صدر في 5 أكتوبر الماضي.
وأعلن الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق في وقت سابق أن رئيس المجلس أصدر قانوني الانتخابات في 4 أكتوبر، وأمر بإحالتهما إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التي أكدت في 9 أكتوبر تسلمها القانونين رسميا.
وكان رئيس مجلس الدولة أدى قبل أيام زيارة إلى أنقرة حيث اجتمع مع عدد من كبار المسؤولين هناك من بينهم الرئيس رجب طيب أردوغان، فيما أكدت مصادر ليبية أن تكالة تطرق في لقاءاته إلى قوانين الانتخابات والخلافات مع مجلس النواب ووجد مساندة ودعما من المسؤولين الأتراك الذين يبدون تفهما لموقف سلطات طرابلس وخاصة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
ويطمح مجلس الدولة إلى الحصول على تنازلات من مجلس النواب في ما يتصل بموضوع تشكيل حكومة جديدة، حيث يبدو تكالة داعما لموقف الدبيبة الذي كان وراء الإطاحة بسلفه خالد المشري في أغسطس الماضي، وهو ما تدعمه الحكومة التركية، فيما يجد موقف صالح تجاوبا مصريا مع إصراره على تطبيق القوانين الانتخابية الصادرة عن اللجنة المشتركة 6+6 في السادس من يونيو الماضي.
العرب