ردا على هجوم نُسب لـ«كتائب حزب الله» في العراق، وتسبب بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين ردّت الولايات المتحدة برد فعل انتقامي بقصف متزامن على العراق، وسوريا، وواصلت قصفها لليمن، فيما تابعت إسرائيل حربها الهمجية على الفلسطينيين في غزة.
أعلنت بغداد سقوط 16 قتيلا و25 جريحا، فيما أشارت مصادر سورية إلى مصرع 23 مقاتلا مواليا لإيران، بينهم 9 سوريين و6 عراقيين، فيما تحدثت وكالة الأنباء اليمنية عن غارات أمريكية على محافظتي صعدة وحجة.
فيما دعت روسيا مجلس الأمن لمناقشة الضربات، اعتبر العراق أن وجود القوات الأمريكية في البلاد «صار سببا لتهديد الأمن» وكان موقف الاتحاد الأوروبي لافتا حيث دعا جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية فيه، الأطراف لعدم التصعيد وحذر من أن الشرق الأوسط «مرجل يمكن أن ينفجر».
قبل يوم واحد من تشبيه بوريل للمنطقة العربية بالمرجل كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يحذر من الأوضاع في جنوب غزة، وخصوصا في رفح، التي باتت تؤوي أكثر من نصف سكان القطاع، يقيم أغلبهم في مبان مؤقتة أو خيام، مشبها المدينة بـ«طنجرة ضغط» على وشك الانفجار من شدة اليأس، فيما وصف ممثل لمنظمة الصحة العالمية لقاءه بالناس هناك قائلا «إن كل من نلقاه يعاني من الجوع».
يجيء استمرار هذا التصعيد الوحشي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ليتحدى قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي دعت إسرائيل، التي تسيطر على كل معابر غزة وتفرض على القطاع حصارا تاما، الى اتخاذ خطوات فورية لتمكين توفير المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون.
حالما أعلن حكم المحكمة أشهرت إسرائيل دعواها الخبيثة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة، زاعمة أن بعض من هاجموا الدولة العبرية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هم من موظفي الوكالة، ورغم أن هذا الادعاء، ضد مؤسسة تضم في قطاع غزة وحده قرابة 10 آلاف موظف، لا يمكن أن يبرر معاقبة الفلسطينيين، أو معاقبة الوكالة، والأمم المتحدة وراءها، فإن واشنطن وعددا من الدول الغربية، لم تحتج للتبين أو لانتظار حكم محكمة، أو لترقب تحقيق الأمم المتحدة والوكالة في هذا الزعم، فقامت بما يمكن اعتباره ردا انتقاميا فظيعا على سكان غزة الذين استشهد وجرح منهم أكثر من 93 ألف شخص، ويعانون فوقها آلام النزوح والجوع.
بدلا من قيام واشنطن بالضغط على تل أبيب لاحترام قرار المحكمة الدولية، والسماح بالدخول الفوري للمساعدات إلى أهالي غزة، قامت بالعكس تماما، فعلّقت الدعم للأونروا، وبذلك تابعت مساهمتها في عملية الإبادة والتطهير العرقي الجاريين ضد الفلسطينيين.
يوجد الفلسطينيون، حاليا، في وضع غير مسبوق، فإيران، التي تعتبر القوة الإقليمية الوحيدة التي تحاول التصدي لإسرائيل والولايات المتحدة، تقاتل الإسرائيليين والأمريكيين بأذرعها العربية، في اليمن وسوريا والعراق؛ فتقوم إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، بالانتقام من الفلسطينيين في غزة، وبقصف سوريا والعراق واليمن، لأنها تعتبرها بلادا مستباحة، لا تستطيع، فعليا، الدفاع عن نفسها.
تظهر هذه المفارقة نفسها مع التأكيد الأمريكي، مجددا، أن واشنطن أبلغت بغداد مسبقا بالغارات، وبعد الرد اللفظي الكاريكاتيري للنظام السوري عن أن الغارات تؤدي لـ«تأجيج خطير» في الأوضاع!
الفلسطينيون، الآن، مدفوعون إلى جدار اليأس، الذي لا يعلم أحد كيف سينفجر، ولكن «المرجل» العربي، في العراق وسوريا، للأسف، ليس قابلا للانفجار، إلا ضد مواطنيه!