منذ عشرين يوماً، لم تنفذ الفصائل المسلحة في العراق المنضوية تحت مظلة “المقاومة الإسلامية”، أي عملية تجاه المصالح الأميركية في البلاد، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.
ونفذت جماعة “المقاومة الإسلامية”، التي تضم فصائل “النجباء”، و”كتائب حزب الله”، و”سيد الشهداء”، والإمام علي”، و”الأوفياء”، ومليشيات أخرى تُعرف أنها مرتبطة أو مدعومة من إيران، أكثر من 180 عملية إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على قاعدتي عين الأسد وحرير الأميركيتين في الأنبار وأربيل، غربي وشمالي العراق، إلى جانب هجمات مماثلة على قواعد أميركية شرقي سورية، ضمن الحسكة ودير الزور.
وعقب سلسلة ردود عسكرية أميركية على تلك الهجمات، وتحذيرات من توسيعها في حال أقدمت الفصائل على تنفيذ مزيد منها، قادت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حراكاً واسعاً للضغط على الفصائل لإيقاف عملياتها، كما قاد الحراك ذاته سياسياً رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وقيادات أخرى بتحالف “الإطار التنسيقي”، الحاكم في العراق.
آثار غارة أميركية في بغداد، 7 فبراير (مرتجى لطيف/فرانس برس)
تقارير عربية
الفصائل العراقية تنشغل بتأمين صفوفها.. من يسرب المعلومات للأميركيين؟
إلا أن التوقف الفعلي جاء بعد زيارة خاطفة أجراها قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني إلى بغداد في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، استغرقت ساعات عدة، وعقد خلالها اجتماعات منفصلة ومشتركة مع قيادات بارزة في القوى العراقية المسلحة.
وفي اليوم ذاته، أعلنت “كتائب حزب الله” تعليق عملياتها العسكرية في العراق ضد القوات الأميركية، وفقاً لبيان أصدرته الجماعة، لكن الفصائل الأخرى لم تتبنَّ أي موقف مماثل، غير أنها، وخاصة “النجباء” و”سيد الشهداء”، سرّبت عبر مسؤولين وأعضاء بارزين فيها وجود قرار مماثل بإيقاف العمليات تحت عنوان “تهدئة”، وليس هدنة.
ومنذ الخامس من الشهر الحالي، لم يُسجّل أي هجوم أو عمل عدائي ضد القواعد التي تضم وجوداً أميركياً أو عسكرياً ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في العراق وسورية.
وقال مسؤول عسكري عراقي بارز في العاصمة بغداد، لـ”العربي الجديد”، إن قيادة العمليات المشتركة لم تسجل أي عملية عسكرية داخل الأراضي العراقية تستهدف قوات التحالف الدولي أو القوات الأميركية، مبيناً، في اتصال هاتفي من بغداد، أنه “منذ 20 يوماً، يتواصل الهدوء على مستوى الصراع بين واشنطن والفصائل العراقية المسلحة”، مؤكداً أن العمليات في الأراضي السورية توقفت بشكل شبه كامل، لكن بسبب تداخل الأوضاع هناك، وتعدد الجماعات والفصائل، لا يمكن التأكد من الهدوء سورية، لكن في العراق نعم، توقفت الهجمات”، وفقاً لقوله.
غير أن عضواً بارزاً في البرلمان العراقي ومقرّباً من فصائل “الحشد الشعبي” قال، لـ”العربي الجديد”، إن “إيقاف العمليات داخل العراق جاء خشية توسيع الصراع مع الولايات المتحدة وإيران”، وأضاف طالباً عدم ذكر اسمه أن “الجانبين الأميركي والإيراني لا يريدان تصعيداً أكبر في العراق، ولا حتى في سورية، لكن سيعود التصعيد مجدداً متى ما رأى الإيرانيون ذلك”.
تقارير عربية
“رويترز” تكشف سبب توقف الهجمات على القوات الأميركية في العراق
ووصف الهجوم الأخير للاحتلال الإسرائيلي على مبنى سكني في دمشق قبل يومين أنه “كان سيكون له رد إيراني من خلال الفصائل لو أسفر عن مقتل أحد من الإيرانيين العاملين هناك”.
ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب، الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/ أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست كلّ هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.
وفي السياق، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي أن “الضبط الإيراني للفصائل لا يعني غير وضع الأمن الداخلي العراقي تحت رحمة القرار الإيراني”، وفقاً لقوله.
وبيّن أن “جهود الحكومة العراقية، وكذلك وساطات سياسية وأخرى دينية، لم تسفر عن نتيجة، لكن الإيرانيين أوقفوا الهجمات وعاد الهدوء إلى المشهد الداخلي العراقي، وهذا لا يعني فقط ارتباط تلك الفصائل بإيران، بل وقوع الأمن الداخلي رهناً لقرار إيراني أيضاً، وهو ما تدركه الحكومة وكل القوى الفاعلة في البلاد”.
وعلى الرغم من ذلك، انتشرت في بغداد، خلال اليومين الماضيين، لافتات كبيرة تحمل صوراً لزعيم مليشيا “النجباء” أكرم الكعبي، مع القياديين في الجماعة اللذين قتلا بقصف أميركي الشهر الماضي، وهما أبو تقوى السعيدي وأبو باقر الساعدي، مع عبارة “القادم أعظم”.