طموحات بعيدة المدى تعزز مكانة دول الخليج في مجال النقل الجوي

طموحات بعيدة المدى تعزز مكانة دول الخليج في مجال النقل الجوي

دبي – تؤشّر المطارات العملاقة الجديدة التي تبنى في دول الخليج، وتوقيع شركات طيران إقليمية طلبيات بعشرات المليارات من الدولارات، على طموحات كبيرة للعقود المقبلة في منطقة هي أصلاً لاعب مهم في مجال النقل الجوي.

ويعقد الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) جمعيته العامة لعام 2024 في دبي، بعد عامين من إقامتها في الدوحة، ما يؤكد المؤكد، وهو أن دول الخليج تحظى بموقع إستراتيجي في هذا القطاع.

وبحسب التوقعات التي كشفها الاتحاد الدولي الأحد، سيتضاعف عدد المسافرين جوّا في الشرق الأوسط خلال الأعوام العشرين المقبلة، ليبلغ 530 مليون شخص في 2043، بزيادة سنوية نسبتها 3.9 في المئة، أي بزيادة 0.1 في المئة عن المعدل المتوقع عالميّا.

تأتي هذه التوقعات بالتزامن مع طلبيات شراء عشرات الطائرات ذات المدى الطويل، لشركات الإمارات وفلاي دبي والاتحاد، إضافة إلى شركات سعودية. وتستفيد هذه الناقلات من دعم حكومي تعززه القدرات المالية لدولها الغنية بالنفط.

120 مليون مسافر تأمل السعودية في استقبالهم بحلول 2030 للتحول بذلك محورا للنقل الجوي في المنطقة

وتقترب شركة الخطوط الجوية القطرية من اتخاذ قرار بشأن طلبية كبيرة من طائرات عريضة البدن بالتساوي بين شركتي بوينغ وإيرباص، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة.

ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن المصادر المطلعة قولها إن الشركة القطرية تدرس طلب 200 طائرة، ومن الممكن التوصل إلى قرار في هذا الشأن ضمن معرض “فارنبورو” الدولي للطيران الذي سينطلق الشهر المقبل في بريطانيا.

وقالت المصادر إن الخطوط الجوية القطرية تدرس شراء مزيج من طرازات “إيرباص إيه 350” و”بوينغ 777 إكس”، على الرغم من أنها لم تحدد تقسيم الطلبية بعد.

وباتت دبي بمثابة “محور” لحركة الملاحة الجوية في المنطقة، خصوصا مع شركة طيران الإمارات التي صارت مرادفا لنموّ الإمارة، إذ أصبحت وسيلة ربط بين القارات عبر الطائرات ذات المدى البعيد، خصوصا “إيرباص إيه 380″، وهي أكبر مشغّل لها في العالم، وبفارق شاسع عن شركات الطيران الأخرى.

وقال ستان ديل في أواخر عام 2023، حينما كان لا يزال مسؤول قسم الطيران التجاري لدى الصانع الأميركي بوينغ، إن الخليج “منطقة فريدة من نوعها جغرافيّا. عبر السفر لثماني ساعات (انطلاقا منها)، يمكن الوصول إلى 80 في المئة من سكان الأرض”.

وأكدت نينا ليند المتخصصة في قطاع الطيران لدى شركة ماكينزي أن شركات النقل الجوي في المنطقة “هي في موضع جيد جدا لاستقطاب الحركة الملاحية الهندية… وثمة العديد من المسافرين الأندونيسيين” الذين يزورون المنطقة لأداء مناسك الحج في السعودية. وأشارت إلى أن المنطقة تشهد كذلك “نموا اقتصاديا قويا وزيادة سريعة في عدد السكان”.

وأوضح جيفري وستون، المسؤول عن نشاطات الناقلات الجوية لدى شركة باين أند كومباني، أن طيران الإمارات والخطوط القطرية والشركات الإقليمية الأخرى “عززت بشكل إضافي صورتها منذ عقدين واقتربت من زبائنها الآسيويين والهنود”. وأشار إلى أن هذه الشركات “بدأت كذلك تبدي اهتماما بشرق أفريقيا وأفريقيا الجنوبية، وصولا إلى غرب أفريقيا”.

وبحسب تقديرات إيرباص، يُتوقع أن تزيد حركة النقل الجوي بين الخليج وبقية الدول الآسيوية ثلاث مرات بحلول سنة 2042، و2.2 مرتين بين الشرق الأوسط وأوروبا.

وترغب السعودية في كسب حصة من هذه الزيادة، مع بدء شركة طيران الرياض عملها في 2025. وسبق للشركة الجديدة أن طلبت شراء 39 طائرة “بوينغ 787”.

وفي إطار سعيها للتحول وجهة سياحية، تأمل السعودية بدورها في التحول محورا للنقل الجوي في المنطقة من خلال استقبال 120 مليون مسافر بحلول 2030.

ويوازي ذلك سعة مطار دبي الدولي حاليا. إلا أن الإمارة كشفت في أبريل عن إنشاء مبنى جديد للمسافرين في مطار آل مكتوم الدولي سيكون “الأكبر في العالم”، وتبلغ كلفته أكثر من 34.8 مليار دولار.

وبحسب سلطات الإمارة سيكون مطار آل مكتوم “الأكبر في العالم بطاقة استيعابية نهائية تصل إلى 260 مليون مسافر سنويا”. وأكدت أنه “سيكون خمسة أضعاف مطار دبي الدولي الحالي. وسيتم نقل كافة عمليات مطار دبي الدولي إليه خلال السنوات القادمة”.

وعلى الرغم من هذه المشاريع والطلبيات الهائلة يؤكد الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن دول المنطقة لن تعاني من طاقة استيعابية مفرطة.

وقال كامل العوضي، نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي لأفريقيا والشرق الأوسط، “لا أعتقد أننا سنرى طاقات مفرطة في هذه المنطقة خلال السنوات الأربعين المقبلة”، معتبرا أن مشاركة بناء أو توسعة المطارات “معدّة بعناية” بالتعاون مع الناقلات.

واعتبر العوضي أن الشركات الخليجية أظهرت تفوقها بعد جائحة كورونا “إذ تعافت على الفور، كما لو أن الأزمة لم تحصل، بينما انهارت المطارات الأميركية والأوروبية عندما توجّب عليها استقبال رحلتين!”. وأشار إلى أن “الفارق هو في طريقة اتخاذ القرارات” في منطقة الخليج.

العرب