تشهد ليبيا حالة من الجدل الواسع بعد تصريحات لوزير العمل في حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها علي العابد كشف خلالها عن توجه الحكومة إلى اعتماد “نظام الكفيل الخاص” لجلب العمالة الأجنبية عبر “إنشاء حساب لكل شركة محلية ترغب في استجلاب العمال، واعتبارها الكفيل الرسمي أمام الدولة الليبية”.
وتستعد ليبيا لاعتماد نظام الكفيل الذي تثار حوله الكثير من الانتقادات في الوقت الذي بدأت فيه دول خليجية تخطط للتخلي عنه. ويقوم النظام على فكرة وجود ضامن للوافد سواء أكان فردا أم شركة مقابل الحصول على رسوم له وللدولة.
لكن مهمة الضامن اتخذت أبعادا سلبية في التجارب الخليجية، ولاقى النظام انتقادات شديدة لكونه يقيد الحرية، ما دفع دول مجلس التعاون إلى العمل على التخلص منه.
نظام يلاقي الكثير من الانتقادات يرتبط بالربح الذي يحققه الوسيط دون تعب، وحوله اتفاق من سلطات الشرق والغرب
ويعزو مراقبون رغبة الليبيين في إعادة نظام يلاقي الكثير من الانتقادات إلى الربح الذي يحققه الوسيط دون تعب، خاصة أن هناك اتفاقا حول هذا النظام من سلطات الشرق والغرب في الوقت نفسه، حيث سبق أن تبنى برلمان الشرق قانونا لاعتماد نظام الكفيل في أغسطس الماضي.
ويُخشى أن يؤدي قانون الكفيل إلى تزايد انتهاكات حقوق العمالة الأجنبية، وأن تكون الغاية من تطبيقه خدمة مصالح بعض القوى الاقتصادية والفئات الاجتماعية التي تهدف إلى استغلال المهاجرين الأجانب لتحقيق عائدات إضافية.
وهناك من الليبيين من يرون أن من حقهم، باعتبارهم ينتمون إلى دولة نفطية، أن يروا القوانين السارية في دول الخليج وهي تطبق في بلادهم، ومنها قانون الكفيل الخاص بالمستثمرين العرب والأجانب الذين سيحتاجون إلى غطاء داخلي في كل نشاط يمارسونه داخل الأراضي الليبية.
وبحسب أوساط ليبية، فإن قانون كفالة المقيمين يعتبر من القوانين المناقضة لحقوق الإنسان، والتي بدأت دول الخليج العربي في إلغائها في سياقات ما تتولى القيام به من إصلاحات في منظوماتها القانونية، وأنه من الغريب أن ليبيا قررت أن تعتمده الآن، وهو ما يمثل تراجعا عن شعارات ثورة 17 فبراير.
وأشار العابد إلى أن الوزارة تطبق لأول مرة مبدأ المعاملة بالمثل على العاملين من مختلف الجنسيات، وتعمل على تنظيم اليد العاملة الأجنبية رغم التحديات الكبيرة ووجود عصابات التهريب وجهات موازية تقوم باستقدام العمالة بطرق غير شرعية.
وقال في تصريحات صحفية إن الوزارة أطلقت منصة “وافد” الرقمية بهدف حوكمة استخدام العمالة الوافدة والاستفادة من اليد العاملة لدعم الاقتصاد الوطني، حيث يوجد في ليبيا أكثر من 2.1 مليون عامل أجنبي يعملون ويتقاضون دخلاً شهريّا في سوق العمل، كما يقومون بتحويلات مالية تبلغ أكثر من 26 مليار دينار ليبي إلى الخارج عبر السوق السوداء.
وأوضح أن الإجراءات الجديدة تضمن حقوق العمال الأجانب وحقوق الدولة الليبية من ضرائب ورسوم الخدمات، حيث حدّثت الوزارة رسوم التأشيرات تماشيا مع ضوابط قانون العمل، نظرا إلى عدم تحديثها منذ 30 عاما، كما سيطبق نظام الكفيل على الأجانب، حيث يتعين وجود كفيل أو شركة وطنية أو مشتركة يكون العامل الأجنبي متعاقدا معها أثناء العمل.
وقامت وزارة العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية في شهر ديسمبر 2021 بإعداد الإصدار الأول من المنصة الرقمية “وافد”، وهي منصة الخدمات الإلكترونية الموحدة للوزارة التي ستتم من خلالها ميكنة إجراءات استجلاب العمالة الأجنبية.
وقالت إنها تهدف من خلال هذه المنصة الرقمية إلى التمكن من إدارة شؤون العمالة الأجنبية بطريقة فعالة ومرنة، وبكفاءة تضمن توفير الوقت والجهد، من أجل المساهمة في حصر العمالة الوافدة على البلاد، دعما لمشاريع التنمية.
وبحسب الوزارة، فإن هذه المنصة تتماشى مع خطة عودة الحياة التي أطلقها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وترتكز خطة عودة الحياة على تنفيذ مشاريع التنمية في مناطق ومدن ليبيا كافة، وذلك استنادا إلى حاجة هذه المشاريع إلى القوى العاملة التي ستساهم في إنجازها.
وقالت الوزارة إنها تسعى لتنفيذ التخطيط الإستراتيجي والحوكمة الرشيدة للموارد البشرية، التي تعتبر من أهم العوامل التي ستساعد على إنجاح المشاريع التنموية المقبلة، كما تسعى للالتزام بواجبها الوطني تجاه المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني.
العرب