معبر رأس جدير بين تونس وليبيا مغلق إلى أجل غير مسمى

معبر رأس جدير بين تونس وليبيا مغلق إلى أجل غير مسمى

لا يزال ملف معبر رأس جدير المشترك بين تونس وليبيا يراوح مكانه، وينتظر الحسم في إعادة فتحه أمام حركة عبور الأشخاص والبضائع بين البلدين، بعد أن قررت سلطات طرابلس إغلاقه منذ 17 مارس الماضي لأسباب أمنية في البداية، فيما زعمت لاحقا أن الأمر يتعلق بعمليات صيانة وتطوير من الجانب الليبي، قبل أن يتضح أن هناك مماطلة متعمدة من الجانب الليبي.

وقالت طرابلس إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بحث مع الرئيس التونسي قيس سعيد الخميس الإجراءات التنفيذية لفتح المعبر الحدودي رأس جدير. وخلال لقاء على هامش أعمال الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي – الصيني في بكين، اتفق الجانبان على حثّ وزارتي الداخلية في البلدين على تنفيذ المهام المناطة بهما لإعادة فتح المعبر، واستكمال أعمال الصيانة والتطوير المنفذة من الجانب الليبي.

وقال المتحدث باسم حكومة الدبيبة محمد حمودة إن الرئيس التونسي أكد توجيه سلطات بلاده لاستكمال ملف تشابه الأسماء، وتسهيل إجراءات المواطنين الليبيين القاصدين تونس. كما نوّه الطرفان إلى ضرورة دعم القطاع الخاص بالبلدين في مجالات الصحة والمقاولات العامة والصناعة من خلال تسهيل الإجراءات الحكومية المتعلقة بانسيابية العمل والتعاون في البلدين.

ولاحظ المراقبون أن الطرف الليبي هو الذي بادر بنشر الخبر مع صورة للقاء، الذي يبدو أنه انعقد دون ترتيب مسبق، وكان بحضور وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في حكومة الوحدة الليبية عادل جمعة.

وربط البيان الليبي بشكل غير مباشر بين إعادة فتح معبر رأس جدير واستكمال ملف تشابه الأسماء، وتسهيل إجراءات تنقل المواطنين الليبيين القاصدين تونس، بالإضافة إلى الملف الآخر الذي لم يشر إليه البيان وهو المتعلق بأموال الليبيين المحتجزة في تونس، وهو ما يؤشر على أن المعبر قد يستمر مغلقا إلى أجل غير مسمى.

وكان الدبيبة وضع ملف الأموال الليبية المجمدة في تونس في صدارة اهتماماته منذ توليه رسميا منصب رئيس الوزراء في مارس 2021، منتقدا قيام عدد كبير من الليبيين بتهريب أموالهم إلى تونس. وأصدر الدبيبة قرارا حمل رقم 110 لسنة 2021 بتشكيل لجنة لمتابعة إجراءات رفع القيود عن أموال وممتلكات الليبيين المصادرة في تونس.

وتؤكد أوساط ليبية أن الأمر لا يتعلق بالأموال المجمدة منذ عام 2011 تنفيذا لقرارات مجلس الأمن، وإنما بالأموال التي احتجزتها السلطات التونسية الأمنية والجمركية من ليبيين أدخلوها إلى الأراضي التونسية عن طريق التهريب، أو بسبب عدم معرفتهم بقانون الصرف في تونس.

في المقابل رأت دراسة أعدتها لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي سنة 2016 أن تلك الأموال دخلت البلاد عبر عمليات مالية وتجارية معقدة بهدف المضاربة وتبييض الأموال، وتم اتخاذ قرارات بتجميدها طبقا لأحكام قضائية، وبإذن من البنك المركزي التونسي بعد إدراج تونس ضمن قائمة الدول المتهمة بتبييض الأموال.

وكان محافظ البنك المركزي التونسي السابق مروان العباسي أعلن أن الأموال التي تم تجميدها منذ 2011 تمثل الرقم الأكبر، إضافة إلى أموال محجوزة لمواطنين ليبيين من قبل الجمارك بسبب جهلهم بالقوانين الديوانية وتراتيب الصرف في تونس، مشيرا إلى أن قيمة الأموال الليبية المجمدة تتراوح بين 140 و150 مليون دولار.

ولا يمكن فصل ملف الأموال المحتجزة عن ملف تشابه الأسماء، والذي يتعلق بقوائم أسماء الليبيين الممنوعين من دخول تونس بسبب شبهة تورطهم في الإرهاب، وهو ما ترد عليه سلطات طرابلس بأنه لا يعدو كونه تشابها في الأسماء.

◙ السلطات التونسية لديها معطيات عن شخصيات ليبية متطرفة كانت لها مواقف معادية لتونس وخاصة بعد التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد

وفي يناير 2023 أعلنت وزارة الداخلية التونسية رفع القيد الأمني عن 1265 مواطنا ليبيا كانت أسماؤهم مقيدة ضمن قوائم تشابه الأسماء في المطارات والمعابر الحدودية للبلاد، وفي مايو من العام ذاته دعت القنصلية الليبية لدى تونس المواطنين الليبيين ممن لديهم تشابه أسماء عند دخولهم الأراضي التونسية إلى مراجعة شؤون القنصلية بوزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية.

وقالت القنصلية العامة الليبية بتونس إنه تمت إزالة 1138 اسما ليبيا من منظومة تشابه الأسماء، ومعالجة كافة العراقيل التي تواجه المواطن الليبي أثناء تنقله أو إقامته بتونس.

وبحسب مصادر ليبية، فإن هناك بعض الأسماء التي لم يتم الحسم فيها، وهي مرتبطة بتيار الإسلام السياسي، ويمكن أن تكون لها علاقات مع جماعات إرهابية متشددة كانت تنشط على التراب الليبي، بينما يمارس الإخوان في ليبيا ضغوطا على الدبيبة للتدخل من أجل رفع قرارات منع دخولها إلى الأراضي التونسية.

وتقول المصادر الليبية إن لدى السلطات التونسية معطيات كاملة عن شخصيات ليبية متطرفة تنشط في المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية وكانت لها مواقف معادية لتونس وخاصة التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن تيارا نشطا في الساحة الليبية على صلة بجماعة الإخوان، يسعى إلى إفساد العلاقات بين البلدين عبر حملات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد المطالبة بعدم القيام بإعادة فتح معبر رأس جدير لحماية السلع الليبية من التهريب والدينار الليبي من مزيد الانحدار في السوق السوداء.

وفي أوائل مايو الماضي ناقش اجتماع أمني تونسي – ليبي التعاون بين البلدين لتفعيل العمل بمعبر رأس جدير بعد الانتهاء من أعمال صيانته وتطويره من الجانب الليبي، لتسهيل حركة المسافرين بين البلدين والوقوف على احتياجات المعبر الفنية والتقنية، كي يستوعب أكبر عدد ممكن من حركة المسافرين.

العرب