تتسارع الأحداث وتتقادم الايام بمحصلة نهائية لعمل عسكري يمثل حالة الردع الإيراني لم تكتمل خيوط نسيجها فلا زال الحائك الإيراني يعمل بتأني على حياكة سجادة الرد المقابل وينظر الي كيفية طرح عمله في سوق المواجهة الميدانية، والكل ينظر بترقب الى ما ستؤول اليه الوقائع الميدانية ومنها
المفاوضات الجارية حول إيجاد منافذ حقيقة لإطلاق مبادرة تستوعب حالة الصراع القائم بين حركة حماس وإسرائيل وكيف السبيل إلى إنهاء القتال والمباشرة بإطلاق سراح الأسرى ووضع جدول زمني لتنفيذ ما يتعلق باليوم التالي في قطاع غزة.
الجانب الإيراني والمعنى بعملية الرد العسكري بعد عملية الاغتيال التي تمت في عاصمته والتي أُستهدف فيها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ( إسماعيل هنية) يرى
إن السبيل الوحيد الذي يمكن أن يرجئ رد طهران على إسرائيل هو التوصل في المحادثات الجارية في العاصمة العربية ( الدوحة) إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإذا ما لم تتمكن الأطراف المعنية بالمفاوصات من الوصول لنتائج إيجابية فإن إيران ستباشر بعملية الرد تجاه العمق الإسرائيلي، وهي بذلك ترسل إشارة واضحة إلى ثبات موقفها في شن هجوم مباشر بالصواريخ والطائرات المسيرة واعتماد استراتيجية ميدانية تقوم على استنفار قدرتها الذاتية وإظهار مقدرتها العسكرية ومن ثم الاستعانة اذا ما أرادت توجيه ادواتها ووكلائها في المنطقة برد مشارك لها عبر دائرة وحدة الساحات.
وتعلم الدوائر الأمنية والعسكرية الإيرانية أن طبيعة واسلوب الردع الذي ستستخدمه سيواجه من قبل إسرائيل بمنظور سياسة الثأر الذي يأخذ مديات كبيرة وحاسمة في تصويب الضربة الإسرائيلية نحو الأهداف الإيرانية في عمق أراضيها، ولهذا فان إيران لا زالت تتعامل مع موجبات الضربة بشكل من الحذر ولا تستعجل الحالة الزمنية في توجيه فعلها الهجومي، ولا زالت تأخذ بنظر الاعتبار ما حققته من تقدم في برنامجها النووي ونفوذها وتمددها السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وهو الأمر الذي قد يجعل من إطالة أمد حياكة سجادة المواجهة محدودة النطاق وضمن آفاق مرسومة وما يجعل إسرائيل في حالة من الترقب والانتظار.
ويضع الجانب الإسرائيلي في أولوياته تحقيق أهدافه ورسم ملامح استراتيجيه المعتمدة على الردع والحسم، وأولى أهدافه هو ما نراه من استعادة ثقة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعودة النازحين الذي يبلغ عددهم 80،000
الى منطقة الجليل الأعلى والتي تم اجلائهم منها بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023، والتي من الممكن أن تؤخذ طريق المواجهة العسكرية المباشرة وابعاد مقاتلي حزب الله اللبناني إلى شمال نهر الليطاني لتأمين المنطقة بشكل كامل، أو استخدام طريق المفاوضات حلًا سياسيًا يفضي إلى نتائج وغايات تخدم جميع الأطراف، بعد أن تم تجاوز قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله واستخدام جميع الوسائل والأدوات في الرد المباشر داخل العمق الإسرائيلي واستهداف القيادات العسكرية والأمنية لحزب الله في مدينة بيروت الضاحية الجنوبية في لبنان.
وهنا يبرز الموقف الأمريكي الذي الذي لا يسعى إلى الدخول في معركة مباشرة ورد حاسم في منطقة الشرق الأوسط والابتعاد عن أي مواجهة مع إيران، ولكننا نرى أن الثوابت الأمريكية قائمة على ارسال تعزيزات عسكرية وتجهيزات ومعدات ثقيلة للمنطقة شملت ثلاث حاملات للطائرات ومجموعات قتالية من القوة البحرية وطائرات مقاتلة نوع أف 22 وحاملة طائرات ( يو أس أس أبراهيم لينكولن) المجهزة بمقاتلات أف 35، للمساهمة في عملية الردع في منع حرب إقليمية وإمكانية إيقاف عمليات الهجوم القادم والمساعدة في عملية الدفاع عن إسرائيل اذا ما تم الهجوم الإيراني وبمديات واسعة، كما وان انتشار القوات الامريكية بهذه النوعية والإمكانية التسليحية لمواجهة أي هجمات كبيرة على قواعدها العسكرية في العراق وسوريا وأبرزها ( حقل العمر وكونيكو في ريف دير الزور ورميلان في أقصى شمال شرق سوريا وقاعدة الأسد في العراق) باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، والتي ترى أنها تستدعي ردًا حاسمًا على فصائل قتالية مليشيات مسلحة مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وهو ما يعني ارتفاع وتيرة المواجهة والتصعيد العسكري والامر الذي سيدفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى شن هجمات منسقة ضمن إطار الحرب القائمة في المنطقة.
تبقى أسس السياسة الإيرانية ومستقبل نفوذها في المنطقة مرتبط بكيفية اعداد الرد العسكري والحسم الميداني وتحقيق الردع المقابل في ردها على إسرائيل والذي يمثل الجانب السياسي المهم في حماية سمعتها الدولية والإقليمية وصدق مواقفها مما تدعيه من الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتمسكها بالتحرير الشامل للقدس الشريف.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية