هذه أسباب تأخر الرد الإيراني على إسرائيل

هذه أسباب تأخر الرد الإيراني على إسرائيل

يرتفع منسوب التوتر من توسع الصراع وتحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، حيث تهدد إيران وحزب الله بشن هجوم على إسرائيل بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، كما أن تأخر الرد الإيراني يلقي بظلال قاتمة على المنطقة.

طهران – أبقت إيران العالم في حالة من الترقب منذ أن وعدت بضرب إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين. وقد تغرق هذه خطوة، حسب خبراء، المنطقة في حرب شاملة. ويهدف الهجوم الإيراني الموعود إلى الانتقام لمقتل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس الفلسطينية الذي اغتيل في الحادي والثلاثين من يوليو الماضي بطهران ووجهت أصابع الاتهام لإسرائيل بالوقوف وراء ذلك.

وقال المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي بعد ذلك إن إيران “ملزمة” بالانتقام لـ”ضيفها”. وكان الهجوم الإيراني “وشيكا” خلال الأسبوعين الماضيين. ونقل موقع أويل برايس الأميركي عن إذاعة أوروبا الحرة أن هذا الترقب أجج نوبات متكررة من الهستيريا على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتنبأ بهجوم من إيران وحلفائها (بما في ذلك جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة) في غضون ساعات.

وقال راز زيمت، الباحث الكبير في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، “أعتقد أنهم يستمتعون حقا بمشاهدة إسرائيل عالقة في فترة الانتظار هذه، ودفع ثمن اقتصادي باهظ”. لكن تداعيات هذا الترقب تبقى سيفا ذا حدين يضر بإيران وحلفائها أيضا.

وحذر مايكل هوروفيتز، رئيس الاستخبارات في شركة “لو بيك إنترناشيونال” الاستشارية التي تتخذ من البحرين مقرا لها، من أن “التأثير السلبي على تل أبيب، سواء كان ذلك الضغط على الجبهة الداخلية، أو التعبئة العسكرية، وحتى العواقب الاقتصادية، لن يقتصر على إسرائيل، بل سيؤثر على إيران ولبنان أيضا”.

قال محللون إن الفكرة القائلة بأن إيران تؤخر انتقامها لأنها تستمتع بالتأثير النفسي الذي تحدثه تبقى ذريعة أكثر من كونها إستراتيجية مناسبة. واتفقوا على أن المناقشات المحلية المكثفة، وتعقيد التنسيق مع الوكلاء، وتقييم المخاطر المرتبطة بالهجوم، ساهمت في التردد الإيراني. وقال زيمت إن إيران “تواجه معضلة كبيرة” لأن بعض العناصر في إيران تشعر بالقلق من أن هجوما واسع النطاق قد يجر البلاد إلى حرب مع إسرائيل وربما حتى الولايات المتحدة في الوقت الذي يريد فيه خامنئي والحرس الثوري الإيراني القوي استعادة الردع الإيراني في مواجهة تل أبيب.

وسيكون التنسيق مع حزب الله وأعضاء آخرين فيما يسمى بمحور المقاومة (شبكة طهران المتماسكة والمشكّلة من الحلفاء والوكلاء الإقليميين من الدول وغير الدول) عملية تستغرق وقتا طويلا حتى لو أمكن اتخاذ قرار حول كيفية الرد على مقتل هنية. كما قد يؤثر عامل آخر على عملية صنع القرار في إيران، وهو تعزيز الولايات المتحدة لوجودها العسكري في المنطقة أكثر مما فعلت في أبريل قبل هجوم إيران غير المسبوق بالطائرات المسيرة والصواريخ ضد إسرائيل.

وقال هوروفيتز “نشهد ردا أكبر من الولايات المتحدة مقارنة بأبريل، وهو ما يهدف ربما إلى مطابقة نطاق التهديد، حيث قد تنفذ إيران ردا أكبر من هجومها السابق. وتعدّ رسالة الولايات المتحدة بإرسالها الأصول الدفاعية وتلك التي يحتمل أن تكون هجومية أيضا رسالة ردع وربما النوع الوحيد من الرسائل التي تهم حقا خلال هذه المرحلة المضطربة”.

رفضت طهران دعوات الدول الغربية إلى ضبط النفس وأصرت على حقها المشروع في الرد على قتل إسرائيل لهنية على أراضيها. لكن موجة المكالمات الهاتفية التي أجريت مع الرئيس الجديد مسعود بزشكيان والقائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري كني أثارت تكهنات بأن محاولات الدبلوماسية ساعدت في تأخير الهجوم ويمكن أن توقفه.

وقال هوروفيتز “أنا متشكك في كون الدبلوماسية وحدها كافية لتغيير الحسابات الإيرانية. ستفعل طهران ما تشعر بأنه في مصلحتها، بغض النظر عن الدعوات والتصريحات التي تحث على ضبط النفس”. لكن إيران أشارت إلى أن نوعا مختلفا من الدبلوماسية يمكن أن يقنعها على الأقل “بتأخير” هجومها الموعود. ويكمن ذلك في وقف دائم لإطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس.

وتكهن فرزان ثابت، الباحث المشارك البارز في معهد الدراسات العليا في جنيف، بأن إيران ربما تبحث عن طرق لتبرير رد مخفف، وأن نوعا من وقف إطلاق النار في غزة قد يكون “الانتصار الدبلوماسي” الذي تحتاجه. وقال زيمت إن وقف إطلاق النار في غزة قد لا يكون مهما لإيران لكنه يوفر لها “ذريعة أو تفسيرا لإضفاء الشرعية على هذا التأخير داخليا وخارجيا في الغالب”.

وهو يرى أن وقف إطلاق النار قد يؤدي إلى تقليص إيران لحجم هجومها أو اختيارها طريقة مختلفة تماما للرد بما لا يشمل ضربة مباشرة لإسرائيل. ولا يزال الغموض محيطا بأوجه الرد الإيراني. ولكن لا يبدو أن لطهران أي خيارات جيدة. وقال ثابت “ربما تذبذب صناع القرار في طهران في إيجاد خيار يمكن اعتباره معتدلا”.

وأوضح أن هذا يبقى معضلة إيران في توجيه “ضربة انتقامية ليست ضعيفة بحيث لا تحمل قيمة رمزية أو رادعة تذكر، ولكنها ليست قوية إلى درجة التسبب في دورة تصعيد خارجة عن نطاق سيطرتها تؤدي إلى حرب أكبر”. وأصبحت طهران أمام رد ضعيف أو رد يتجاوز عتبة الحرب. وقال هوروفيتز إن كلا الخيارين “يشملان مخاطر كبيرة، إما بالنسبة لقوة إسقاط إيران الإقليمية أو المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البلاد إذا تجاوزت الخط وتعرضت لرد عن ذلك”.

العرب