فساد المعابر الحدودية في العراق: تحليل وطريق للمضي قدماً

فساد المعابر الحدودية في العراق: تحليل وطريق للمضي قدماً

الباحثة شذى خليل*

يعاني العراق منذ فترة طويلة من فساد مستشري، وخاصةً عند معابره الحدودية. تُعزّز هذه المشكلة بنظام معقد للضرائب على الواردات وتبادل العملات، مما يسمح للجهات غير النزيهة باختلاس مبالغ ضخمة من الخزينة العامة. لا تعيق هذه الوضعية النمو الاقتصادي فحسب، بل تقوض أيضاً ثقة الجمهور في المؤسسات الحكومية. ستستكشف هذه المقالة آليات الفساد عند حدود العراق، وتحلل الفشل النظامي الذي يسمح بازدهار هذه الممارسات، وتقترح استراتيجيات فعّالة للحكومة العراقية للحد من هذا الإسراف في ثروات العامة.

الحالة الراهنة
المعابر الحدودية والفساد
تعتبر المعابر الحدودية في العراق نقطة حيوية للتجارة، إلا أنها تعاني من عدم الكفاءة والفساد. غالبًا ما يقدم التجار فواتير مزيفة إلى البنك المركزي العراقي، مما يؤدي إلى تمويل عمليات استيراد غير موجودة. أصبحت منصة مبيعات العملة الأجنبية في البلاد، التي تمول حوالي 70 مليار دولار من فواتير الواردات سنويًا، بوابة للفساد، مع تقديرات تفيد بفقدان 12 إلى 14 مليار دولار من الإيرادات الضريبية. في الواقع، لم تتمكن الدولة من جمع سوى مبلغ ضئيل قدره 2 مليار دولار من الإيرادات الضريبية سنويًا.

أبلغت الهيئة العامة للجمارك والهيئة الضريبية عن إيرادات ضئيلة، حيث سجلت 471 مليار دينار و585 مليار دينار، على التوالي، في الأشهر القليلة الأولى من هذا العام. إذا استمر هذا الاتجاه، قد لا تصل الإيرادات الإجمالية لهاتين الجهتين حتى إلى 15% مما هو مستحق سنويًا، مما يظهر فشلًا مذهلاً في جمع الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة.

العوامل المساهمة في الفساد
إن الترابط بين المؤسسات الحكومية، بما في ذلك البنك المركزي والجمارك والهيئات الضريبية، يخلق أرضًا خصبة للفساد. تتيح وجود الموانئ غير الرسمية والموظفين الفاسدين عند المعابر الرسمية للتجار تجاوز الإجراءات القانونية، مما يؤدي إلى تآكل إيرادات الدولة. على الرغم من أن تطبيق نظام سكودا أظهر بعض النجاح في تقليل التهريب، إلا أن نقص الرقابة الشاملة والمساءلة النظامية لا يزال يمثل عقبة كبيرة.

الآليات المقترحة للسيطرة
تعزيز الرابط بين المؤسسات، تُعدّ إحدى الخطوات الأكثر أهمية التي يمكن أن تتخذها الحكومة العراقية هي تعزيز الاتصال بين البنك المركزي والجمارك والهيئات الضريبية. من خلال إنشاء شبكة اتصالات سلسة، يمكن لهذه الجهات تبادل البيانات في الوقت الحقيقي بشأن جودة وكمية البضائع التي تدخل البلاد. يمكن أن تؤدي هذه الشفافية إلى تقليل التلاعب بالفواتير وضمان دفع التجار للضرائب المستحقة.

تنفيذ نظام الحسابات المقيدة، يمكن أن يؤدي إدخال حسابات مقيدة للضرائب والجمارك إلى خلق إطار أكثر أمانًا لجمع الإيرادات. بموجب هذا النظام، سيُطلب من المستوردين دفع مبالغ مقدرة من الرسوم الجمركية والضرائب مقدماً. إذا وصلت البضائع كما هو مقرر، ستُخصص الأموال للدولة. ومع ذلك، إذا لم تتحقق البضائع، يمكن استرداد الأموال دون تعقيدات. يمكن أن يزيد هذا الأسلوب، المُستخدم بالفعل في دول متعددة، الإيرادات الحكومية من الرسوم الجمركية إلى ما بين 5 و6 مليارات دولار.

تعزيز الأطر التنظيمية
يجب على الحكومة العراقية أيضًا تطبيق لوائح صارمة على وسطاء الجمارك. غالبًا ما يتواطأ هؤلاء الوسطاء للتلاعب بالضرائب، مما يخلق بيئة من عدم الثقة وعدم الكفاءة. من خلال تنفيذ تدابير امتثال قوية وعقوبات على الأنشطة الاحتيالية، يمكن للحكومة تقليل الفساد وتشجيع السلوك الأخلاقي بين التجار.

التوعية العامة والمشاركة
أخيرًا، فإن تعزيز الوعي العام بشأن تداعيات فساد الحدود أمر ضروري. يمكن أن يؤدي إشراك المجتمع المدني والإعلام في مراقبة العمليات الحدودية إلى تعزيز الشفافية والمساءلة. كلما زادت معرفة المواطنين، زادت الضغوط على السلطات للتحرك ضد الفساد.

ختاما ، يمثل الفساد عند معابر العراق الحدودية خسارة كبيرة للثروة العامة وعائقًا أمام التنمية الاقتصادية. من خلال تعزيز الروابط المؤسساتية، وتنفيذ الحسابات المقيدة، وتعزيز الأطر التنظيمية، وإشراك الجمهور، يمكن للحكومة العراقية استعادة الإيرادات المفقودة واستعادة الثقة في مؤسساتها. إن معالجة هذه القضايا ليست مجرد ضرورة مالية، بل خطوة حاسمة نحو بناء دولة أكثر شفافية من خلال الجهود المنسقة يمكن للعراق أن يأمل في تغيير المسار وتهيئة الطريق لمستقبل أكثر ازدهارًا.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية