شكّك محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، بحرص «الأحزاب السياسية الشيعية، والميليشيات، على السيادة الوطنية في تبرير موقفها من الوجود التركي في العراق».
وقال «إنّ تلك الأحزاب تُدرك بأنّ التدخل التركي سيشجع سُنّة العراق على مجابهة النفوذ الإيراني في العراق، وهذا ما لا يروق لها».
يُذكر أنّ القوى السياسية العراقية على مختلف انتماءاتها، تبنّت مواقف متباينة من دخول قوات تركية إلى أحد المعسكرات العراقية في منطقة بعشيقة، 30 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الموصل التي يُسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية مُنذُ حزيران/ يونيو 2014.
وقد جُوبهت الخطوة التركية بمواقف رافضة ومستنكرة من الأحزاب السياسية الشيعية ومسؤولين حكوميين بحجة أنها لمْ تُتخذ «بإذنٍ مسبقٍ من الحكومة العراقية، وأنها تمثل انتهاكاً للسيادة العراقية»، حسب تصريحات لمسؤولين سياسيين وحكوميين.
وتساءل النجيفي عن سكوت تلك الأحزاب عن «دخول عشرات آلاف الإيرانيين الذين اقتحموا الحدود دون جوازات سفر، أو تأشيرات دخول، لغرض زيارة الأماكن المقدسة».
كما تساءل عن «عدم غضبهم على السيادة العراقية التي انتهكها تنظيم الدولة عندما سيطر على مدينة الموصل ومناطق أخرى، حتى أنّهم لم يرسلوا حتى الآن الجيش العراقي لتحرير الموصل»، حسب قوله.
ورأى النجيفي أنّ «الوجود التركي سيعزز من دور القوى السُنيّة بما يجعلها نداً في مواجهة القوى الشيعية بالعراق، بما يعني إنهاء الهيمنة المطلقة للنفوذ الإيراني على العراق ومقدراته»، حسب تعبيره.
من جهةٍ أخرى، كشف عن «صلاتٍ عميقة بين إيران وبعض الشخصيات السُنيّة اليائسين من الحصول على دعم المجتمع السُنّي لهم»، حسب وصفه؛ مشيراً إلى ما قال عنه «رأي عام سُنّي يجعل كل من يؤيد السياسة الإيرانية، أو يدين لإيران بالولاء، فاقد لأي تأييد سياسي في أوساط المجتمع السُنّي».
وألقى باللائمة على «تقصير الدول السُنيّة في دعمها لسُنّة العراق مما دفع ببعضهم لمد جسور تواصل مع إيران، والتعامل معها لضرورات الأمر الواقع»، واستدرك قائلاً «إنّ هؤلاء، وعلى الرغم من قلتهم، سرعان ما اتخذوا مواقف أخرى عبّرت عن تغيير في رؤيتهم للواقع عندما وجدوا الجيش التركي بالقرب من مدينة الموصل، وأن الدعم التركي سيكون حقيقيا، وليس مجرد كلام».
واعتبر النجيفي أنّ الضجة التي أثيرت حول التواجد التركي، جاءت «كنتيجةٍ حتمية تعكس حجم ومدى تأثير إيران في العراق»، متهماً إياها بالوقوف وراء ذلك التصعيد «من خلال الأحزاب والميليشيات الموالية لها».
وشخّص تأثير النفوذ الإيراني بشكلٍ واسع في المناطق التي «تسيطر عليها الميليشيات الشيعية، أو القوى المتحالفة معها، مثل حزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضد الحكومة التركية مُنذُ عقود».
وأضاف أن «الترحيب بالوجود التركي في العراق لا يقتصر على أبناء المناطق السُنيّة فقط، إنما يشمل المناطق الأخرى التي يضعف فيها تأثير الميليشيات، وبالتالي يقل النفوذ الإيراني فيها»، حسب تعبير محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، في ختام تصريحاته لـ «القدس العربي».
من الجدير بالذكر أن الحكومة العراقية وقعت اتفاقية أمنية مع الحكومة التركية في العام 1994، يُسمح بموجبها للقوات التركية بتنفيذ ضربات جوية ضد معاقل الحزب الكردستاني، والتوغل البري لمطاردته إلى عمق 25 كيلومترًا على طول الشريط الحدودي؛ وقد تم التمديد لها خلال حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في العام 2007.
ومنذ العام 1997 يوجد جنود أتراك بشكل دائم في قاعدة عسكرية في «بامرني» في محافظة دهوك في إقليم كردستان، 45 كيلومترا إلى الشمال من مركز المحافظة، بالإضافة إلى ثلاث قواعد عسكرية صغيرة في «غيريلوك» 40 كيلومترا إلى شمال قضاء العمادية، و«كانيماسي» 115 كيلومترا شمال مدينة دهوك، و»سيرسي» 30 كيلومترًا شمال قضاء زاخو قرب الحدود التركية.
رائد الحامد
صحيفة القدس العربي